فيلتمان: محادثاتنا في سورية «بناءة وإيجابية».. لكننا لم نصل إلى «نقاط محددة»

قال إن الأولوية الأميركية هي للمسار الإسرائيلي ـ الفلسطيني.. والمسار السوري «في وقت ما»

فيلتمان يغادر وزارة الخارجية السورية في دمشق أمس (أ ب)
TT

أكد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط بالوكالة جيفري فيلتمان، أن زيارته ومستشار الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط دانيال شابيرو لدمشق «كانت بناءة وإيجابية، لكنها لم تصل بعد إلى النقاط المحددة التي نبتغيها»، في إشارة إلى الملفات العالقة بين البلدين، وهي كما لخصها القائم بالأعمال الأميركي في بيروت بيل غرانت أخيرا «قيام سورية بدعم الإرهاب، وتدخّلها في الشؤون اللبنانية، وحقوق الإنسان في سورية، وامتلاك الأخيرة سلاحا استراتيجيا».

وأشار فيلتمان إلى أن تحسين العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وسورية يحتاج إلى مزيد من العمل، وأوضح أن بلاده «تعطي الأولوية للمسار الإسرائيلي - الفلسطيني»، معتبرا أنه «سيكون في وقت ما مسار إسرائيلي - سوري عندما تكون الأطراف المعنية مستعدة لذلك»، مقللا من أهمية عدم اجتماعه والوفد المرافق مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال فيلتمان في لقاء إعلامي محصور أجري بواسطة الهاتف مع عدد محدد من الصحافيين الأميركيين والمراسلين الأجانب في واشنطن، شاركت فيه «الشرق الأوسط» من بيروت، إنه سيعود اليوم إلى لبنان لاستكمال المحادثات التي «بدأناها هناك مع المسؤولين اللبنانيين لمناقشة عدد من المواضيع، منها الانتخابات البرلمانية والمحكمة الدولية». وأضاف: «أتينا اليوم (أمس) إلى دمشق لاستكمال ما بدأناه في لقاء 26 فبراير (شباط) الذي أجريته مع السفير السوري في واشنطن، وبناء على ما أبداه الرئيس (الأميركي باراك) أوباما والوزيرة (هيلاري) كلينتون من رغبة في التواصل مع كل الدول في المنطقة، للبحث في القضايا ذات الأهمية المشتركة. وزيارتنا اليوم هي مثال على أهمية إبقاء التواصل قائما. أستطيع أن أصف محادثاتنا (في دمشق) بأنها بناءة. التقينا وزير الخارجية السوري وليد المعلم، ومستشارة الرئيس السوري السيدة بثينة شعبان، ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد، لنحو ثلاث ساعات ونصف الساعة، كما التقيت لبعض الوقت الوزير المعلم في نهاية الاجتماع. وقد ناقشنا مجموعة كبيرة من القضايا الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية والمضي قدما فيها بالعديد من الطرق، انطلاقا من المبادئ التي أعلنها الرئيس أوباما والوزيرة كلينتون. وجهة نظرنا تقول إن سورية تستطيع أن تلعب دورا بناء للغاية في المنطقة، وزيارتنا كانت مثالا لسبل استعمال الدبلوماسية وسيلة للحوار».

> هل تنوى الحكومة الأميركية إعادة السفير الأميركي إلى دمشق، وهل هي مهتمة بدعم المحادثات السورية الإسرائيلية غير المباشرة؟

- عندما طلب منا الرئيس أوباما والوزيرة كلينتون التوجه إلى سورية، تحدثا عن ضرورة التزام الأطراف كوسيلة لبلوغ الأهداف. أتينا إلى سورية مع فكرة تقول بضرورة تحديد المواقع التي نتفق فيها في وجهات النظر، وتلك التي نختلف فيها أو تحتاج إلى مزيد من النقاش حولها. نحن نريد الوصول إلى نتائج، لكن هذه عملية تحتاج إلى أن تأخذ وقتها. لقد التقيت السفير السوري أولا، ثم الوزير المعلم، وكانت المحادثات بناءة كما أشرت. لا أريد أن أعلق اليوم على ما أنجزناه أو ما لم ننجزه، هدفنا بالتأكيد الوصول إلى نتائج من خلال هذا الالتزام، لكن هذا الأمر جزء من عملية لا بد أن ننتظر لنرى كيف ستتطور. السوريون لديهم اهتماماتهم أيضا، وهم يترقبون ما سوف نتخذه من خيارات في المستقبل، والعكس صحيح بالنسبة إلينا.

بالنسبة إلى المحادثات السورية - الإسرائيلية، فالرئيس والوزيرة كلينتون كانا واضحين جدا في أننا نريد سلاما عربيا إسرائيليا شاملا، وكلمة «شامل» تعني السلام مع كل جيرانها العرب، وهذا يعني أنه سيكون هناك مسار إسرائيلي - سوري في وقت ما. الآن نحتاج إلى قليل من الصبر، وعلينا أن ننتظر عملية تأليف الحكومة الإسرائيلية الجديدة. نحن نركز الآن ونعطي الأولوية للمسار الإسرائيلي - الفلسطيني للخروج بحل قائم على دولتين، وسيكون هناك مسار سوري - إسرائيلي في الوقت الذي تكون فيه الأطراف المعنية مستعدة لذلك.

> هل هناك استراتيجية أميركية للتعامل مع سورية وإيران، أم أنكم فقط تبدأون حوارا الآن وتنتظرون رؤية تطور الأمور لاحقا؟

- بالتأكيد هناك استراتيجية نعمل عليها للوصول إلى أهدافنا. لقد سمعتم الرئيس يتحدث عن أننا نريد أن نرى العراق مستقرا وآمنا كجزء من التصرف المسؤول المطلوب من جيران العراق، مع ضرورة استعمال الدبلوماسية كوسيلة للحوار والوصول إلى الأهداف. لا أريد أن أخوض في التفاصيل، لكنكم سمعتم السوريين يقولون إنهم يريدون العراق آمنا ومستقرا، وإيران قالت هذا، والطرفان أكدا أنهما يريدان العراق موحدا. نحن مهتمون بمعرفة كيفية تحقيق هذا، ونسعى لمعرفة أين نلتقي وأين نختلف في الوسائل التي يجب اتباعها لبلوغ هذه الأهداف، ومحاولة الوصول إلى تضييق الخلافات إذا وجدت.

> هل أثرتم مسألة التعاون النووي السوري مع كوريا الشمالية؟

- مجددا سأقول إن المحادثات اليوم كانت بناءة وشاملة ولن أدخل في المزيد من التفاصيل. اتفقنا أنا والوزير المعلم على ضرورة أن نرى ما يمكن تحقيقه من خلال المحادثات الثنائية بعيدا عن الأضواء، ولن ندخل في التفاصيل. إن موقفنا من الطموحات النووية كان ولا يزال واضحا، ونحن ننتظر انتهاء التحقيقات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا المجال.

> هل ستلتقون الرئيس السوري، وهل عدم حصول اللقاء يعدّ رسالة سورية معناها أن دمشق تنتظر عودة السفير الأميركي إليها؟

- لدينا قائم بالأعمال نشيط، وفريق عمل فعال يقوم بواجباته كاملة، بالإضافة إلى قيامنا بزيارات كالتي نقوم بها اليوم. ما قمنا به هو أنه عندما طلب منا الرئيس ووزيرة الخارجية التوجه إلى دمشق طلبنا لقاء مسؤولين سوريين ولم نحدد من نريد مقابلته، تاركين للجانب السوري أن يحدد اللقاءات التي يراها مفيدة. الرئيس أوباما والوزيرة كلينتون اختارانا، والمسؤولون السوريون اختاروا من يستقبلنا، وأعتقد أن ما حصل هو أمر جيد.

> سورية لا تزال على لائحة وزارة الخارجية الأميركية للدول الداعمة للإرهاب، فإلى أي مدى تلمسون استمرار الدعم السوري للنشاطات الإرهابية؟

- كما قلت، لدينا اهتماماتنا بالنسبة إلى العلاقة مع السوريين، وهم لديهم اهتماماتهم في العلاقة معنا، واليوم كانت فرصة للبحث في هذه الأمور بشكل مباشر. سبب بقاء سورية على لائحة الدول الداعمة للإرهاب هو استضافتها منظمات إرهابية مثل «حماس» ودعمها منظمات مثل «حزب الله». مهمتي اليوم هي مناقشة عدد من القضايا المشتركة التي نختلف فيها مع السوريين. المرء يستعمل التواصل لمناقشة القضايا الخلافية، وهذا ما نفعله.

> هل لمستم أي استعداد سوري للبحث في موضوع «حزب الله»، وهو موضوع خلافي بامتياز بينكما؟ وما هو المستوى الذي سيكون عليه الاجتماع اللاحق مع السوريين؟

- لنبقِ توقعاتنا في إطارها الموضوعي. لقد أجريت محادثات جيدة جدا مع وزير الخارجية، كما أجرينا محادثات جيدة ومطولة معه ومع زملائه في الجانب السوري، لكن الاختلافات بين بلدينا تحتاج إلى مزيد من العمل. وجدنا أرضية مشتركة بيننا، واستطعنا أن نناقش العديد من المواضيع، لكن من غير الواقعي القول إننا نستطيع أن نتوقع نتائج معينة من هذه اللقاءات. الأمور تحتاج إلى بعض الوقت، نحن نريد الوصول إلى نتائج، والسوريون أيضا، لكن يجب ألا نتوقع تغييرات دراماتيكية بين ليلة وضحاها. أما بالنسبة إلى «حزب الله» فأود الإشارة إلى الموقف السوري الداعم للقرار 1701 الذي صدر بعد حرب يوليو (تموز) 2006.

> ما الذي تتوقعونه من السوريين لرفع مستوى الاتصالات معهم وإعادة السفير إلى دمشق؟

- أكرر أننا أجرينا محادثات بناءة، ولن أخوض في تفاصيل. ما نتوقعه من السوريين وما يتوقعونه منا. أتوقع من السوريين أن يفكروا في ما قلناه، ونحن نفكر في ما قالوه، وأن نفكر معا في سبل تذليل العقبات. اللقاء أعطى السوريين فرصة ليشرحوا لنا وجهة نظرهم وتصورهم لطرق الارتقاء بالعلاقات الثنائية، كما كان مناسبة لنا لإبداء رأينا للسوريين في ما نريده لعلاقاتنا الثنائية أن تكون. أعتقد أنه لدينا والسوريين الكثير من الأشياء التي يجب أن نفكر فيها بعد هذا اللقاء، لكن لم نصل بعد إلى النقاط المحددة التي نريد الوصول إليها مع سورية.