مجلس الأمن يفشل في إدانة السودان بشأن طرد المنظمات.. بسبب خلافات الخمس الكبار

روسيا والصين طلبتا ربط «الطرد» بمذكرة التوقيف في البيان.. وأميركا وفرنسا رفضتا

TT

تصدت الصين والدول الأفريقية ومن بينها ليبيا العضو العربي في مجلس الأمن إلى إحباط محاولة فرنسية لاعتماد بيان رئاسي يدعو السلطات السودانية إلى التراجع عن قرارها بطرد 13 من المنظمات الإنسانية غير الحكومية العاملة في دارفور. وكان مجلس الأمن قد استمع إلى إحاطة قدمتها كاثرين براغ نائبة منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة عن الوضع في الأرض بعد قرار طرد منظمات الإغاثة الإنسانية. واستمع المجلس أيضا في جلسة مشاورات معلقة عقدها عصر يوم أول من أمس إلى إحاطة قدمها القائم بأعمال البعثة الليبية السفير إبراهيم الدباشي عن قراري الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي بإرسال وفد رفيع المستوى إلى نيويورك لبحث أثر مذكرة الاعتقال التي صدرت عن المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وقد اقترحت الصين والدول الأفريقية في مجلس الأمن أن يربط بيان المجلس بين قرار المحكمة الجنائية الدولية وقرار طرد منظمات الإغاثة الإنسانية. وترى الصين حليفة السودان في مجلس الأمن أن قرار طرد المنظمات الإنسانية هو نتيجة لصدور مذكرة الاعتقال من قبل قضاة المحكمة الجنائية الدولية، ولو لم تصدر المذكرة لما حدث قرار الطرد. وأشارت إلى تحذيرات سابقة من تداعيات مذكرة التوقيف. ورفضت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا هذا الربط وهذا ما أدى إلى إجهاض المحاولة الفرنسية باعتماد بيان من قبل مجلس الأمن. وأوضح رئيس مجلس الأمن السفير إبراهيم الدباشي قائلا «كانت الآراء منقسمة حيال هذه المسألة فإن بعض الأعضاء كانوا يصرون على أن مسألة طرد المنظمات الإنسانية لا علاقة لها بقرار المحكمة بينما أصر الآخرون على أن طرد المنظمات الإنسانية هو نتيجة مباشرة لقرار المحكمة وبذلك لم يتمكن المجلس من الاتفاق على نتيجة معينة». وأوضح السفير البريطاني جون سورز «اقترح زملاؤنا الفرنسيون صدور بيان وتم الاتفاق بين الدول الخمس الدائمة العضوية على أهمية الاتفاق على بيان ولكن لم نتمكن في نهاية الأمر لإصرار أحد الوفود على الإشارة إلى قرار المحكمة وهو ما اعتقدنا أنه لا مبرر له ولا صلة له بالموضوع».

وقد سبقت جلسة المشاورات لقاء بين السفيرة الأميركية سوزان رايس والسفير السوداني لدى الأمم المتحدة عبد المحمود عبد الحليم. ووصفت رايس قرار الحكومة السودانية بطرد المنظمات الإنسانية بالقرار الطائش والقاسي. وقالت «إن قرار الحكومة السودانية لطرد جماعة من عمال المساعدات لتخفيف معاناة مواطني السودان هو قرار طائش وغير مسؤول». وأضافت رايس أن «الملايين من المدنيين من بينهم آلاف من الأطفال والشيوخ تُركوا وتَعرضوا للمجاعة وللمرض ولليأس وللموت». وحثت الخرطوم على التراجع الفوري عن قرارها بطرد المنظمات الإنسانية وقالت «أمام الحكومة السودانية الآن خيار إما التصعيد باتجاه المزيد من العزلة الدولية». ووصفت محادثاتها مع السفير السوداني بالفعالة وأنها أبلغته أن القرار غير مسؤول «وأنه تصعيد كبير من شأنه أن يزيد من خطورة الوضع على الأرض».

وعن احتمال فرض حظر الطيران على دارفور قالت سوزان رايس «إن هذا الخيار لا يزال مطروحا وهو قيد النظر والدراسة كجزء من السياسة التي تنظر إليها إدارة الرئيس أوباما من أجل اتخاذها» ووصف سفير السودان عبد المحمود عبد الحليم الضجة التي أثيرت حول طرد المنظمات غير الحكومية من السودان بالزوبعة في فنجان ونفى أن يكون قرار الطرد له صلة بقرار المحكمة الجنائية الدولية. ومضى عبد المحمود عبد الحليم يقول «أخيرا عرفنا أن تلك المؤسسات ليست منظمات غير حكومية وذلك بسبب الاهتمام الذي أبدته بعض الحكومات بشأن تلك المنظمات».

أضاف «في الواقع لدينا أدلة واضحة وقاطعة يمكن أن نطلعكم عليها حول انتهاك تلك المنظمات لسيادة وسلامة وأمن السودان وقد وصل الأمر إلى مرحلة تطلب منا التدخل لتصحيحه» . ورد السفير البريطاني جون سورز قائلا «بالتأكيد نحن غير مدركين لأي أدلة تدعم الادعاء السوداني». وذكر القائم بأعمال البعثة الليبية السفير إبراهيم الدباشي رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر أن الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي سيوفدان وفدا رفيع المستوى إلى نيويورك في أواسط شهر مارس (آذار) الجاري . وقال «إن موقف وفد المنظمتين هو رفض قرار المحكمة الجنائية الدولية ودعوتهما إلى مجلس الأمن إلى اللجوء إلى المادة 16 من نظام روما للمحكمة لكي توقف التحقيقات لمدة 12 شهرا». وأضاف أنه «من الأهمية ومن الضروري اللجوء إلى المادة 16 حفاظا على مسيرة السلام في السودان وحتى لا يكون لقرار المحكمة آثار سلبية على الوضع في السودان».

وتعارض الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا اللجوء إلى استخدام المادة 16 من نظام روما للمحكمة وتشدد الصين على أهمية وضرورة أن يستخدم المجلس سلطته لتجميد فعالية مذكرة الاعتقال.