أوباما: استقطاب مقاتلي طالبان على طريقة استراتيجية العراق.. وسياسة أذكى تجاه باكستان

تحدث عن خطته لأفغانستان وغوانتانامو وعمليات تسليم المشبوهين في حوار مع «نيويورك تايمز» على متن طائرة الرئاسة

أوباما يفكر مليّا قبل الإجابة
TT

أجرت صحيفة «نيويورك تايمز» حوارا مع الرئيس الأميركي باراك أوباما مدته 35 دقيقة على متن الطائرة الرئاسية التي نقلته بعد ظهر يوم الجمعة في رحلته من كولومبوس في أوهايو إلى قاعدة أندروز الجوية. بالإضافة إلى خطته للإنقاذ الاقتصادي، خص أوباما قسطا كبيرا من المقابلة للحديث عن سياسته حيال أفغانستان، إذ أقر بأن الولايات المتحدة لم تحقق النصر في أفغانستان. وتحدث عن مقاربة جديدة محتملة تقوم على استقطاب العناصر المعتدلة في طالبان، كما جرى مع الإسلاميين في العراق، محذرا في الوقت نفسه من أن أفغانستان ليست العراق، وأن جهود المصالحة قد تكون أصعب.

وأقر أن حركة طالبان ازدادت جرأة وجسارة عن قبل قائلا «إن الحكومة الوطنية لم تكسب بعد ثقة الشعب الأفغاني»، ومتحدثا عن ضرورة حرمان عناصر القاعدة من ملاجئ آمنة على الحدود الجبلية الحدودية بين باكستان وأفغانستان، التي تعتبر ملاذا لمتطرفي طالبان. ودعا أوباما إلى سياسة جديدة حيال أفغانستان، وسياسة أكثر ذكاء حيال باكستان. كما تحدث عن مراجعة لسياسة الولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب، إن كان بالنسبة لمعتقل غوانتانامو أو بالنسبة لعمليات تسليم المشبوهين، إلا أنه أكد أن الأمر يتطلب قرارات واعية وغير متسرعة.

وهنا نص الحوار:

* لقد صرحت بأن الخروج من هذه الأزمة المالية سوف يستغرق وقتا طويلا. فهل يمكنك أن تطمئن الشعب الأميركي على أن الاقتصاد سوف يكون في مرحلة نمو بحلول الصيف، أو الخريف أو بنهاية العام؟

ـ لا أعتقد أن أي شخص يملك هذا النوع من الكرة البلورية. إننا نمر بعملية مؤلمة من تخفيض نسبة الاستدانة في قطاعاتنا المالية، وليس فقط هنا في الولايات المتحدة ولكن في جميع أنحاء العالم، وهذه العملية لها تبعات كبرى على مين ستريت. وقد أدى ما بدأ في صورة مشكلات مع المصارف إلى انكماش الإقراض، مما أدى بدوره إلى انخفاض الطلب من جانب المستهلكين، وأيضا الطلب من جانب الشركات. لذا فسوف يستغرق الأمر بعضا من الوقت للخروج من الأزمة.

ومهمتنا هي القيام بأمرين أساسيين. أولا، تأسيس استثمارات مهمة تخفف من الصدمة. وكانت خطة الإنقاذ التي قدمناها تحتوي على بنود تتعلق بتأمين البطالة، وبطاقات الغذاء، وما رأيناه اليوم من تقديم منح ومساعدات إلى الولايات لكي لا تتفاقم أزمة تسريح العمالة. والشيء الثاني الذي ينبغي علينا فعله هو تقوية النظام المالي. وقد اتخذنا بعض الخطوات المهمة بالفعل في هذا الصدد. فعلى سبيل المثال في الأسبوع الحالي، تم فتح خط ائتمان بقيمة تريليون دولار. ولكن سيكون هناك المزيد من العمل المطلوب في هذا الشأن لأن هناك بعض المصارف التي ما زالت متعثرة، وعلينا أن نقوي من قواعدها المالية ونعيدها إلى تقديم القروض مجددا.

وعلينا أن نتمكن من التمييز في السوق بين تلك المصارف التي تواجه مشاكل حقيقية وتلك التي تقف على أرض صلبة حقا. وما زال أمامنا وضع شركات السيارات وهو الأمر الذي سوف يكون علينا حله. وأخيرا، يتبقى لنا إقامة مشروعات استثمارية من أجل النمو الاقتصادي طويل المدى في مجالات الطاقة والتعليم والرعاية الصحية. ولا أحاول القيام بنشاط ثوري، ولكنها مسألة كبيرة.

ونحن نعتقد أننا سوف نرسي جميع الأعمدة من أجل استرداد عافية الاقتصاد في العام الحالي. وتلك هي الأشياء التي نتحكم فيها ونحن نثق أنه بالعمل مع الكونغرس يمكننا أن نرسي قواعد الإنقاذ. وسيعتمد الوقت المطلوب لترجمة الإنقاذ على أرض الواقع في صورة أسواق عمل قوية على عدد كبير من العناصر، من بينها قدرتنا على التنسيق مع دول أخرى واتخاذ إجراءات مشابهة، لأن جزءا كبيرا مما نراه الآن نقاط ضعف في أوروبا، وهي أكبر بكثير من نقاط الضعف الموجودة هنا، وهي ترتد وتؤثر في أسواقنا.

* هل يمكنك أن تتخيل السماح بإفلاس مؤسسة كبرى؟ هل تؤكد أنك لن تطلب من الكونغرس أي أموال أخرى بخلاف الـ250 مليار دولار الموجودة في ميزانيتك؟

ـ أنا ملتزم تماما بالتأكد من أن نظامنا المالي مستقر. وأعتقد أنه من الممكن طمأنة الناس بأننا سوف نفعل كل ما هو لازم من أجل منع ذلك من الحدوث. ويعني ذلك، على سبيل المثال، منع المؤسسات التي قد تسبب خطورة نظامية على النظام المالي من التصرف بمفردها. وسنعمل على التأكد من أن النظام المالي مستقر، ونعتقد أن مبلغ الـ250 مليار دولار قدره جيد جدا. ولا يوجد لدينا سبب لمراجعة هذا القدر المتوفر في الميزانية. وكانت إحدى المنافع التي أراها في هذه الميزانية أننا حاولنا، في أمانة وصراحة قدر الإمكان، تغطية جميع تكاليف هذه الأزمة وجميع تكاليف الحربين في العراق وأفغانستان، وجميع التكاليف الممكنة المترتبة على أمور مثل إصلاح الضرائب الدنيا البديلة، التي كانت في الماضي خارج الميزانية. والشيء الذي أعتقد أن الناس لا تدركه هو أننا لو اتبعنا الحيل ذاتها التي كانت متبعة في السابق، لاستطعنا تقليص توقعات الميزانية على مدار الأعوام العشرة المقبلة إلى الدرجة التي يصبح معها الدين 1.3 أو 1.5 في المائة فقط من إجمالي الناتج المحلي، ولاستطعنا أن نظهر أنفسنا في صورة جيدة بالفعل، ولكني أشعر بشدة أن ما أوقعنا في الأزمة في المقام الأول، في كل من القطاع العام والقطاع الخاص، هو الفشل في تقديم محاسبة نزيهة بشأن المخاطر المحيطة، وبشأن التكاليف وإدراجها في المحاسبة، وهذا شيء نحاول تغييره.

* هل لديك تصور حول كيفية وضع حدود لخطط الإنقاذ التي لا تنتهي؟

ـ جزء من وظيفة اختبار الضغوط الذي تجريه وزارة الخزانة في الوقت الحالي هو اتخاذ قرار وفقا لأسوأ سيناريو متوقع، وماذا يعني بالنسبة لموازنة المصارف. وأعتقد أن ما نراه يظهر هو أعداد كبيرة من المصارف تدرس الظروف بطرق معقولة. لقد تمت إدارتها بشكل جيد، ولم تخض في مخاطر غير ضرورية. ومن الواضح انها تضررت جراء الركود مثل كل الشركات الأخرى، ولكن في إمكانها العودة ، وإذا احتاجت إلى المساعدة، ستكون مساعدة قصيرة المدى. وربما يكون هناك عدد من المؤسسات التي تعاني من مشكلات أكثر خطورة. وما نريد فعله هو كي الجرح.

* سيكون إذن على تلك المؤسسات التي تعاني من مشاكل أكثر خطورة إشهار إفلاسها؟

ـ لا، لا. ولكن ربما يكون علينا اتخاذ إجراء أكبر للتعامل مع تلك المؤسسات.

ولكن يكمن التزامنا في التأكد من أن أي إجراءات نتخذها للحفاظ على استقرار النظام ترفع القيود على الائتمان والإقراض من جديد ليتمكن المستهلكون والشركات من الاقتراض. وإذا استطاعوا ذلك، سيمكنك أن ترى الشركات تستثمر من جديد والأشخاص يعملون من جديد، ولكن سيستغرق هذا بعض الوقت.

* لقد منحت الأسابيع الستة الأولى فكرة سريعة للشعب عن أولوياتك في الإنفاق. فهل أنت اشتراكي كما يقول بعض الناس؟

ـ هل تعرف، الق نظرة على الميزانية، وستجد أن الإجابة هي لا.

* وهل يوجد خطأ في أن تكون الإجابة نعم؟

ـ دعونا نلقي نظرة على ما حققناه. لقد قلنا أولا، سنقلل من الإنفاق التقديري غير الدفاعي إلى أدنى مستوى له منذ عقود. لذا لا يحتوي هذا الجزء من الميزانية على استحقاقات ولا يحتوي على دفاع، وهذا ما نملك أكبر قدرة من السيطرة عليه، إننا فعلا نقف على منحنى منخفض فيما يتعلق بنسبة إجمالي الناتج المحلي. لذا نقوم بخيارات صعبة فيما يتعلق بإلغاء برامج وتخفيض الإنفاق من أي إدارة منذ فترة طويلة للغاية. إننا نقوم بخيارات صعبة للغاية. وفي مجالين مهمين كنا نؤجل العمل فيهما منذ فترة طويلة للغاية، قررنا أنه قد حان وقت العمل. المجال الأول هو الرعاية الصحية. وكما سمعت في قمة الرعاية الصحية أمس، يوجد اعتقاد سائد بأن الوضع الراهن غير سليم، وإذا لم نفعل شيئا، سنكون في مكان أسوأ بكثير، من الناحية المالية بالإضافة إلى ما يحدث للأسر والشركات، عما سنكون عليه إذا فعلنا شيئا ما.

أما المجال الثاني فهو الطاقة، التي نتحدث عنها منذ عقود. وفي الوقت الحالي، في كل من تلك الحالتين، ما قلناه هو أننا سنحل المشكلات التي أضعفت هذا الاقتصاد على مدار جيل. وسيكون ذلك صعبا، وسيتطلب بعض التكاليف. ولكن إذا نظرنا إلى جانب الأرباح، فان ما نقترحه ونتطلع إليه سيكون بالضرورة العودة إلى معدلات الضرائب التي كانت موجودة في فترة التسعينات، عندما، كما أذكر، كان الأغنياء يحققون مكاسب جيدة. وفي الحقيقة، كان الجميع يجنون المكاسب.

إذا نظرت إلى ميزانيتنا، ستجد ان لديك ميزانية منظمة للغاية ومسؤولة ماليا، بالإضافة إلى جهود لحل أخطر المشاكل التي تأجلت لفترة طويلة للغاية. وأعتقد أن هذا على وجه التحديد ما اقترحته أثناء الحملة الانتخابية. ونحن نعمل على تنفيذ كل التزام تعهدنا به، وهذا ما أعتقد أنه سيعيد اقتصادنا إلى مساره من جديد.

* وماذا تقول لمن قالوا إنك ليبرالي أكثر مما أظهرت أثناء الحملة؟

ـ أعتقد أنه من الصعب أن أقول، جيف، لقد وفينا بكل وعد قطعناه حتى الآن. وقلنا إننا سننهي الحرب في العراق وقد وضعنا خطة مسؤولة.

* وفيم يتعلق بالإنفاق؟

ـ فيما يتعلق بالإنفاق. حسنا، إذا نظرت إلى الإنفاق، فما قلناه أثناء الحملة كان إننا سنزيد الضرائب على أعلى شريحة وهي تمثل 5 في المائة. وهذا ما تذكره الميزانية. وقلنا إننا سنخفض الضرائب على 95 في المائة من الأميركيين من الطبقة العاملة. وهذا ما نفعله تحديدا. إنه أمر يمنح الراحة للأسر التي لم تر نموا في الرواتب والدخول على مدار العقد الماضي. ويطالب بالقليل من أجل أشخاص مثلي استفادوا بدرجة كبيرة على مدار العقد الماضي وحصلوا على حصة غير متناسبة من الاقتصاد المتنامي. ولا أعتقد بالفعل أن أي شخص يدرس ميزانيتنا يمكنه أن يصل إلى نتيجة تختلف بأي شكل عما اقترحناه أثناء الحملة الانتخابية.

إحدى المشكلات التي تواجهنا هي أننا أجلنا مشكلات كبيرة مرارا وتكرارا. وقد صرحت في خطابي أمام جلسة الكونغرس المشتركة، أنه سيأتي يوم للمحاسبة. حسنا، وقد جاء يوم المحاسبة.

ما أرفض فعله، وقلت لفريق عملي إننا لن نفعله هو محاولة التأجيل، ومحاولة إخفاء المشكلات، ومحاولة استخدام الحيل في الميزانية، ومحاولة التظاهر بأن الرعاية الصحية ليس قضية مهمة، والاستمرار في وضع نستورد فيه المزيد والمزيد من البترول من الشرق الأوسط، والاستمرار في وضع ترى فيه الأسر العاملة مرتباتها متدنية. في مرحلة ما، سيكون علينا أن نتولى حل هذه المشكلات.

* هل توجد كلمة واحدة تصف فلسفتك؟ وإذا لم تكن اشتراكيا، فهل أنت ليبرالي؟ هل أنت تقدمي؟ في كلمة واحدة؟

ـ لا. لن أخوض في هذا.

* سيدي الرئيس، نحتاج إلى التحول إلى السياسة الخارجية. أعرف أن هناك مراجعة تجري في الوقت الحالي للسياسة تجاه باكستان، ولكن هل يمكن أن تقول لنا في هذه اللحظة، هل نحن منتصرون في أفغانستان؟

ـ لا. أعتقد أننا نقوم بمهمة غير عادية، أو دعني أقول: تقوم قواتنا بمهمة غير عادية في موقف صعب للغاية. ولكننا رأينا الأحوال تتدهور على مدار العامين الماضيين. وأصبحت حركة طالبان أجرأ مما كانت. وأعتقد أنه في المناطق الجنوبية من أفغانستان، تراهم يهاجمون بطرق لم نشهدها من قبل. ولم تكسب الحكومة الوطنية ثقة الشعب الأفغاني حتى الآن. وكذلك سيكون من المهم لنا أن نمر بهذه الانتخابات الوطنية لتحقيق الاستقرار في الوضع الأمني، ولكن علينا أيضا أن نعيد تشكيل سياستنا لتنظيم أهدافنا العسكرية والدبلوماسية والتنموية معا، لضمان أن تنظيم القاعدة والمتطرفين الذين قد يسببون أضرارا لنا لا يملكون هذا النوع من الملاجئ الآمنة التي تسمح لهم بالقيام بعملياتهم.

وفي صميم سياسة أفغانستان الجديدة، ستكون هناك سياسة أذكى تجاه باكستان. وطالما كانت الملاجئ آمنة في تلك المناطق الحدودية التي لا تسيطر عليها الحكومة الباكستانية ولا تصل إليها، سنظل نرى الجانب الأفغاني من الحدود عرضة للخطر. ومن المهم لنا أن نكون على اتصال بالحكومة الباكستانية، وأن نعمل معها بفاعلية أكبر.

* هل ترى أنه في مرحلة ما ربما ترغب في الاتصال بالعناصر الأكثر اعتدالا في طالبان، في محاولة تجاه المصالحة؟

ـ لا أريد أن أسبق الحكم على المراجعة التي تجرى في الوقت الراهن. وإذا تحدثت إلى الجنرال بترايوس، أعتقد أنه سيقول لك إن جزءا من النجاح الذي تحقق في العراق تضمن الوصول إلى الأشخاص الذين نعتبرهم أصوليين مسلمين ولكنهم مستعدون للعمل معنا، لأنهم كانوا مبعدين تماما عن أساليب «القاعدة» في العراق.

وربما تكون هناك فرص مشابهة في أفغانستان والمنطقة الباكستانية. ولكن الوضع في أفغانستان أكثر تعقيدا، حيث توجد منطقة أقل خضوعا للحكم، وتاريخ من الاستقلال القوي بين القبائل. وتلك القبائل متعددة وأحيانا ما تعمل لصالح أغراض متعارضة، لذا فإن اكتشاف كل ذلك سوف يكون تحديا كبيرا.

* في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر(أيلول)، عندما يتعلق الأمر باستخدام القوة الأميركية في هذا العالم في الداخل والخارج، والموازنة بين الأمن والحريات المدنية، ما رأيك الآن وأنت في منصب الرئيس، هل كان الرئيس بوش على صواب في تحقيق هذا التوازن؟

ـ أعتقد أنني سأفرق بين بعض الخطوات التي اتخذت بعد الحادي عشر من سبتمبر على الفور، وما وصلنا إليه عندما توليت الرئاسة. فعلى سبيل المثال، اتخذت وكالة الاستخبارات المركزية وبعض البرامج المثيرة للجدل، والتي كانت محور اهتمام كبير، خطوات من أجل تصحيح سياسات وتدابير محددة بعد أول عامين. وأعتقد أن الأدميرال هايدن ومايك ماكونيل في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية موظفان بارعان كانا يضعان المصالح الأمنية الأميركية في اعتبارهما عندما يتصرفان، وأعتقد أنهما كانا على وعي بالقيم والمثل الأميركية.

* وهل نقترب من هذا التوازن في الوقت الحالي؟

ـ أعتقد أنه ما زال أمامنا بعض ما نقوم به بشأن هذه الخطوات الأولى. ويعد غوانتانامو أولها. ونتيجة لمجموعة من القرارات المبكرة، يوجد لدينا أشخاص في غوانتانامو لم يحالوا إلى المحكمة، ولم تتح لهم فرصة الرد على الاتهامات، وكثير منهم خطرون، وبعضهم من الصعب للغاية محاكمتهم، سيكون من الصعب محاكمتهم بسبب طريقة الحصول على الدليل.

لذا يجب القيام بعملية تنظيف، وهذا معقد. وكما قلت عندما أعلنت قراري بغلق غونتانامو، إن محاولتنا فعل هذا الشيء في فترة أقل من عام أمر غير واقعي على الإطلاق. وحتى تنفيذه في غضون عام يحتاج إلى قدر كبير من الانتباه والتركيز.

* هل هناك احتمال لإطلاق سراح بعض معتقلي غوانتانامو ليكونوا داخل الولايات المتحدة، مثل الإيغور، أو من على شاكلتهم؟

ـ مرة أخرى، لا أريد التحدث عن أمور مسبقة قبل إتمام عملية المراجعات. نلتزم بالتروي ونتوخى الحذر للتأكد من أننا نجعل الوضع على صورة سليمة. ما زالت هناك بعض الموازنات التي يجب القيام بها وبعض المصالح المتضاربة التي سيتحتم التعامل معها. ولكن ما أثق فيه هو أنه بالتحرك قدما يمكننا بدء عملية أمن قومي مع مجموعة من الإجراءات التي تحافظ علينا سالمين مع الالتزام بتقاليدنا. يحدوني شعور بالثقة يتزايد باستمرار.

* يقول ليون بانيتا إننا سوف نستمر في عمليات نقل المعتقلين إلى دول أخرى، شريطة ألا نرسلهم إلى دول تمارس التعذيب. لم تستمر هذه العمليات؟ ـ حسنا، أعتقد أنك تعطي إجابة نهائية بدرجة تفوق قليلا ما قام به المدير بانيتا، ولكن ما أقوله هو الآتي: نجري في الوقت الحالي مراجعة لسياسة نقل المعتقلين إلى دول أخرى، يحتمل أن تكون هناك حالات، وأؤكد على كلمة يحتمل، لأننا لم نتوصل إلى حكم نهائي بعد، نشهد فيها شخصيات بارزة تتبع تنظيم القاعدة، ومختفيا تقريبا يظهر في دولة ما ولا توجد اتفاقية تسليم متهمين بيننا وبين هذه الدولة، أو ليس لدى هذه الدولة الرغبة في محاكمة هذا الشخص، ولكننا نعتقد أنه شخص خطر جدا. أعتقد أنه سيكون علينا التفكير في كيفية التعامل مع مثل هذا السيناريو بطريقة تتطابق مع القانون الدولي، وتلتزم بتوجهي الواضح جدا الذي يقول إننا لا نعذب ونعطي لأي شخص نعتقله فرصة الطعن أمام المحكمة في مشروعية اعتقاله للتعامل مع التهم. يعد فرز هذه الحالات أمرا معقدا للغاية، لأنه لا يرتبط فقط بالقانون المحلي، ولكنه يرتبط بالقانون الدولي، علاقتنا مع العديد من الكيانات الأخرى. وعليه، مرة أخرى، سيستغرق الأمر العام الحالي كي نكون قادرين على وضع كل هذه الإجراء في حيز التنفيذ وعلى الأساس الصحيح.

* بالتحول إلى قضايا أخرى، عندما يكون الحديث عن العلاقات بين الأعراق، هل توافق على أننا أمة من الجبناء؟

ـ أعتقد أنه من الجيد القول إنني لو كنت أنصح وزير العدل، لقلت إننا نستخدم لغة مختلفة. أعتقد أن الفكرة التي كان يريد الحديث عنها هي أننا في الكثير من الأحيان لا نشعر بالارتياح للحديث عن العرق الى حين اندلاع نزاع عرقي، وإنه يمكن أن يكون موقفنا بنّاء بدرجة أكبر في مواجهة إرث أليم من العبودية والتمييز العنصري. ولكن ما أود إضافته إلى ذلك هو التأكيد على حقيقة أننا حققنا تقدما كبيرا ويجب ألا نغفل ذلك. أنا لست ممن يعتقدون أن استمرار الحديث عن العرق بطريقة ما يمكن أن يحل التوترات العرقية. أعتقد أن ما يحل التوترات العرقية هو إصلاح الاقتصاد وتوفير العمل للمواطنين والتأكد من أن المواطنين يحصلون على الرعاية الصحية وضمان أن كل طفل يحصل على التعليم. أعتقد أنه إذا قمنا بذلك، سيكون لدينا نقاش مثمر الى حد كبير.

* بالنسبة للاقتصاد، ما هي النصيحة التي تقدمها للأميركيين العاديين الذين يكابدون في هذه الأيام؟ طلبت من المواطنين التحلي بالصبر. ما يجب على المواطنين القيام به في الوقت الحالي؟

ـ حسنا، معروف أنه يوجد 300 مليون أميركي، ولا أعتقد أنه يمكن التعميم. أعتقد أن المواطنين سوف يشعرون بالثقة في أنه في كل مرة يكون لدينا تحد اقتصادي مثل التحدي الماثل أمامنا الآن ـ مع أن هذا التحدي من التحديات الأكبرـ أننا نستطيع مواجهته. وستكون أركان إعادة الانتعاش في موضعها خلال العام الجاري.

*ماذا يجب على العاطلين عن العمل، على وجه الخصوص، القيام به... ـ حسنا، انتظر لثانية. ما زال هناك بضائع بقالة لشرائها وأطفال للذهاب بهم إلى المدرسة وسيارات في حاجة إلى الإصلاح وأسر صغيرة في حاجة للحصول على منازل. ما أقوله للمواطنين هو أن عليكم التحلي بحسن تدبير الأمور. أعتقد أن العائلات العادية تعلمت من الأعوام القليلة الماضية أنه إذا كان شيء ما يبدو جيدا بصورة مبالغ فيهاـ سواء كان ذلك في صورة عوائد على الأسهم داخل البورصة أو أسعار منازل ـ تكون هذه الأشياء في بعض الأحيان تحمل مبالغة كبيرة. ما يجب أن نبحث عنه هو نمو مستمر وجمع المدخرات بصورة مستمرة واستثمار يتوخى الحذر. وهذا ما أعتقد أننا سوف نراه يظهر بعد أن نجتاز هذه الأزمة. وما أعتقد أنه يجب على المواطنين عدم القيام به هو تخزين المال في المنازل والتراجع بصورة كاملة عن الإنفاق. لا أعتقد أنه يجب على المواطنين الشعور بالخوف من المستقبل. ولا أعتقد أنه يجب أن يفقد المواطنون الثقة فجأة في كل المؤسسات المالية التي لدينا لأنه في الواقع تمكنت أغلبية هذه المؤسسات من إدارة الأمور بصورة جيدة. ولكن، أعتقد أنه عند الخروج من هذه الأزمة سوف ترى عودة إلى الثوابت مثل العمل الجاد والاستثمار من أجل الحصول على عوائد معقولة طوال الوقت، والادخار بصورة منتظمة لفترة التحاق الأطفال بالمرحلة الجامعية ولفترة التقاعد عن العمل. سيقوم جميعنا بالتفكير في الأشياء التي يشتريها ويتأكد من أنه يهتم بالضروريات قبل الحصول على الكماليات. وأعتقد أن ذلك سيكون أمرا ضروريا ليس للعائلات وحدها ولكن للحكومة نفسها. وإذا قمنا بهذا الأمر، أي إذا عدنا إلى الأصول، وإذا عدنا إلى هذا الإعلان الذي كان يردد دوما، (نكسب المال على الطريقة القديمة، نكسب المال) إذا عدنا إلى هذه الفلسفة وقمنا في النهاية بالتعامل مع بعض المشاكل التي كنا نؤجلها، مثل الرعاية الصحية، ومثل الطاقة، ومثل التعليم، حينئذ أعتقد أننا سوف نخرج من هذا الوضع أقوى.

* سيدي ما هي قراءاتك في هذه الأيام؟ ما نوعية الصحف التي تقرأها، هل تقرأ تقارير، أم تقرأ الصحف نفسها؟ هل تشاهد التلفزيون؟

ـ بعيدا عن «نيويورك تايمز»؟

* بعيدا عن «نيويورك تايمز». هل تتصفح المواقع الإلكترونية؟ ما هي المواقع التي تتصفحها؟

ـ أقرأ معظم الصحف القومية الكبرى.

* هل تقرأها من خلال تقارير أم تقرأ الصحف نفسها؟

ـ لا. أنا أقرأ الصحيفة، أحب ملمس الصحف، أقرأ معظم المجلات الإخبارية الأسبوعية، ربما لا أقرأها كلها، ولكني أتصفحها. كما تعلم، أقضي معظم وقتي هذه الأيام في قراءة الكثير من التقارير.

* والتلفزيون؟ هل تشاهده؟ والمواقع الإلكترونية؟

ـ لا أشاهد التلفزيون كثيرا، أعترف بذلك.

* والمواقع الإلكترونية؟ ألا تتابع مدونات؟

ـ نادرا ما أتصفح المدونات.

*لا تتابع برامج «تلفزيون الواقع» مع بناتك؟

ـ لا. هما تشاهدانها، ولكني لا أقوم بذلك معهما. أشاهد كرة السلة. هذا ما أشاهده.

* هل استوعبت الأمر من جديد، أو ربما يكون لديك بعض التعاطف مع ما مر به من سبقوك في المنصب من ناحية أن الرئيس لا يمكنه أن يتحكم في الأحداث؟

ـ بالتأكيد. انظر، في الواقع قدرت ذلك قبل أن أتولى المنصب. دائما ما كنت أشعر بأن الرئيس مسؤول عن اتخاذ أفضل القرارات، ولكن سيكون هناك الكثير من المنعطفات والعقبات غير المتوقعة على طوال الطريق. وكما قلت أخيرا، ما زال هذا عملا بشريا وهذه مشاكل معقدة كبيرة وصعبة. قال أحدهم لي إنه بمرور الوقت قد يأتي شيء إلى مكتبي ويكون صعبا جدا. لأنه إذا كان ذلك سهلا، لقام شخص آخر باتخاذ القرار وقام شخص آخر بحل المشكلة. وعليه، إذا كان هناك شيء في حافظة الأوراق الخاصة بي، فإن ذلك يعني أن هناك قضايا كبيرة صعبة مؤلمة متشابكة سيتم التعامل معها.

* هل قال لك شخص، لا يا سيدي، لا يمكنك القيام بذلك؟ هل كنت مررت بموقف خلال الأسابيع الستة الماضية حاولت فيه القيام بشيء وقال لك شخص آسف يا سيدي، ولكن الأمر لا يسير على هذا النحو؟

ـ حسنا، أعتقد ان ما كنا نتحدث عنه من قبل فيما يتعلق بغوانتانامو. لا يقول لي الناس «لا. لا يمكنك القيام بذلك». بل «حسنا يا سيدي هذه هي التحديات التي نواجهها كي نتخذ قرارا بشأن هذا». فيما يتعلق بالقطاع المصرفي، قضينا أياما، أنا ورام إيمانويل وتيم غيثنر ولاري سومرز وكريستينا رومر، وفي كل يوم كنا نقضي في الأقل ساعة نتحدث عن كيفية التعامل مع الأسواق المالية. وجزء من السبب الذي يجعلنا لا نقضي الكثير من الوقت في تصفح المدونات هو أنه ربما تعتقد أن هناك إجابة واضحة بصورة أو بأخرى – حسنا، كل ما ستقوم به هو مجرد تأميم لكل البنوك، أو اتركها وحدها وسيكون الحال جيدا، أو هذا أو ذلك ـ. الحقيقة هي أن ثمة مجموعة من المشاكل المعقدة للغاية ويمكن أن تفضي القرارات السيئة إلى إنفاق كمية كبيرة من أموال دافعي الضرائب ونتائج سيئة. وعليه، فإن ما أتوقعه من فريقي هو أن يبقى على اطلاع على الأدلة والحقائق والمشاركة في أفضل النقاشات والأخذ بأفضل وجهات النظر وبعد ذلك يتم اتخاذ أفضل طريق ممكن مع الأخذ في الاعتبار أن هناك امورا غير أكيدة كبرى وأن ما يريده الناس في بعض الأحيان قد يكون متناقضا.

* هل تنام يا سيدي، أم من الصعب عليك النوم؟ ـ دائما ما أنام لأنني عندما لا أكون نائما أعمل.

* هل شعرت يوما بالعبء؟ لقد وصلت إلى المنصب، وهناك الكثير من المشاكل التي تواجهها البلاد. هل تشعر بثقل ذلك في الوقت الحالي وأنت رئيس؟

ـ كما قلت، أشعر أن لدي فريقا عظيما، وأننا نتخذ أفضل القرارات تحت الظروف الحالية. هل أتمنى أن يتاح لي التعامل مع مشكلة واحدة خلال العام؟ بالطبع، وفي الواقع، كما تعلم، أنت تسمع صنفا مما يعارضوننا يقولون أخيرا: «حسنا، إنه يحاول القيام بهذا وذاك وتلك، ولا يجب عليه فعل ذلك» أتمنى لو أتيح لي التعامل مع ركود أبسط أو التعامل فقط مع قضية الرعاية الصحية أو التعامل فقط مع قضية الطاقة أو التعامل فقط مع العراق أو مع أفغانستان. لا يتاح لي هذا الوضع المترف، ولا أعتقد أن ذلك متاح للشعب الأميركي أيضا. علينا أن نستخدم هذه اللحظة لحل بعض المشاكل الكبرى مرة واحدة وإلى الأبد حتى لا يعاني الجيل المقبل من مشاكل أشد وأكبر مما لدينا الآن. حسنا؟ شكرا.

* في الساعة الثانية والنصف مساء اتصل الرئيس أوباما بصحيفة «نيويورك تايمز» قائلا إنه يريد توضيح نقطة في المقابلة. وهذا ما قاله خلال هذا الاتصال المختصر. الرئيس أوباما: شيء كنت أفكر فيه وأنا أصعد المروحية، كان صعبا عليّ أن أعتقد أنك جاد في قضية الاشتراكية. وفكرت أنه ربما يكون من المفيد الإشارة إلى أن البدء في شراء مجموعة من أسهم المصارف لم يكن تحت رئاستي. لم يكن ذلك تحت رئاستي. ولم يكن تحت رئاستي أيضا القيام بتمرير مخصص كبير ضخم، خطة الأدوية الموصوفة طبيا من دون وجود مصدر تمويل. وعليه، أعتقد أنه من المهم عند سماع الناس يقولون هذه الكلمات الإشارة إلى أننا نتبع في الواقع طريقة تتطابق كلية مع مبادئ السوق الحر وأن بعض الناس لا يقولون نفس الأمر.

*رئاسة مَن التي نتحدث عنها هنا؟

ـ حسنا، أعتقد أنه من الواضح أننا عندما وصلنا إلى هنا، كانت هناك بالفعل عملية ضخ كبرى من أموال دافعي الضرائب في النظام المالي. والشيء الذي أحاول التأكيد عليه بصورة مستمرة للمواطنين هو أنه لو حدث وكان السوق في حال أفضل، لكنت أكثر الناس سعادة. لدي الكثير الذي يجب علي القيام به من دون الحاجة للقلق على النظام المالي. حقيقة إنه تعين علينا القيام بهذه الإجراءات الاستثنائية، والتدخل ليس مؤشرا على ما أفضله أيديولوجيا، ولكنه مؤشر على كيف أن النظام المتعثر والمخاطر الكبرى أفرزت أزمة. أعتقد أن هذا يعالجها.