معتقل سابق في غوانتانامو يتهم البريطانيين بالتورط في تعذيبه

بنيام محمد قال إن ظروف الاعتقال في المعسكر الأميركي ساءت منذ انتخاب أوباما

TT

أثار المعتقل الإثيوبي السابق في سجن غوانتانامو شكوكا جديدة حول الدور البريطاني في العمليات الأميركية في احتجاز المتهمين بقضايا إرهاب. وروى محمد الذي أفرج عنه في فبراير (شباط) من غوانتانامو تفاصيل السنوات السبع التي أمضاها في الأسر، موضحا أن ظروف الاحتجاز في المعتقل الواقع في كوبا تراجعت منذ انتخاب باراك أوباما.

وأكد بنيام محمد في مقابلة مع صحيفة «ميل أون صانداي» نشرت أمس أنه احتُجز في أماكن مختلفة منذ اعتقاله في عام 2002، مضيفا أنها تجربة حولته إلى رجل «ميت عاطفيا». وأقر محمد بأنه تلقى تدريبا في معسكر في أفغانستان وبأنه كان ينوي التوجه إلى القتال إلى جانب المتمردين الشيشان. لكنه أكد أنه لم يتلقَّ أي تدريبات لمشاريع تعود لتنفيذ أعمال إرهابية. واعتقل في باكستان في أبريل (نيسان) 2002 قبل أن يُتهم بتحضير «قنبلة قذرة» مع مواد مشعة. ومنذ ذلك الوقت، سحبت كل الاتهامات الرسمية التي وُجهت إليه. وفي يوليو (تموز) 2002، نُقل إلى المغرب حيث بلغ حجم المعاناة حدا يشبه رفضه الكلام مرة أخرى كما قال. وكان محاميه قد نشر في تلك الفترة شهادته حول هذه المرحلة. وقال إنه شهد في المغرب تآمر أجهزة الاستخبارات البريطانية مع سجانيه، وروى أن جهاز الاستخبارات البريطاني «إم آي 5» كان يزود الأجهزة المغربية بالمعلومات والأسئلة. وقال محمد: «عندما عرفت أن البريطانيين يتعاونون مع الذين مارسوا التعذيب ضدي، شعرت أني أصبحت مجردا من كل شيء. وتفاقم وضعي عندما بدأوا يطرحون عليّ أسئلة يقدمها لهم البريطانيون. لقد باعوني».

وأكدت وزارة الخارجية البريطانية في بيان: «نشجب التعذيب ولم نأمر به يوما أو نتساهل حياله»، مضيفة أن «في قضية بنيام محمد، تم نقل الادعاء حول إمكانية وقوع حادث إجرامي إلى المدعي العام وننتظر التقرير». وطالب عدد من النواب البريطانيين أمس بفتح تحقيق بدور أجهزة الاستخبارات البريطانية في اعتقال محمد. وعاد محمد البالغ من العمر 30 عاما، في 23 فبراير (شباط) إلى لندن التي كان يقيم فيها أصلا منذ 1994، بعدما أفرج عنه من غوانتانامو. وهو السجين الأول الذي ينقل من المعتقل الأميركي الواقع في كوبا منذ انتخاب الرئيس الأميركي باراك أوباما. ووصف محمد للصحيفة عمليات التعذيب التي تعرض لها بعد اعتقاله بسبب شبهات إرهابية، وروى تفاصيل عواقبها على نفسيته. وقال إن «نتيجة تجربتي على الصعيد العاطفي اليوم، هي أني أشعر أني ميت عاطفيا». وأضاف: «يمكنكم أن تفعلوا بي ما تشاؤون، ولن أشعر به».

وقال إنه تعرض لأسوأ ممارسات التعذيب في أفغانستان في سجن سري لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) حيث اعتُقل طيلة خمسة أشهر قبل نقله إلى غوانتانامو في سبتمبر (أيلول) 2004. وقال: «في تلك الفترة كدت أصبح مجنونا». وأضاف: «يبدو لي أن خروجي سليما أعجوبة».

وفي زنزانته، كان مثل كل المعتقلين الآخرين الذين تُركوا في ظلام تام مقيدين طيلة أيام مع مكبرات صوت تردد بشكل متواصل نحو عشرين أغنية على قرص واحد لمغني الراب الأميركي إيمينيم. وقال محمد: «في كابل، فقدت صوابي. كان الأمر كأنه لن ينتهي أبدا وكأني لم أعد موجودا».

وفي غوانتانامو، كانت ظروف الاعتقال لطيفة مقارنة بتلك. وقال: «كانوا قلقين من أن أقول أمام محكمة إني اعترفت تحت التعذيب فقط». وقال إن الوضع في المعتقل «أصبح أكثر صعوبة» بعد انتخاب أوباما، موضحا أن الأمر يبدو كما لو أن الحراس كانوا يرغبون في «انتقام» أخير قبل إغلاق المعتقل.

وعلى الرغم من الاتهامات التي يوجهها إلى الاستخبارات البريطانية، يأمل محمد في البقاء في بريطانيا حيث يستفيد من حق إقامة مؤقتة. وقال: «إنه المكان الوحيد الذي يمكن أن أدعوه بيتي»، موضحا أنه يحلم بـ«حياة طبيعية».

ووافق هذا المعتقل السابق الذي سبّب اعتقاله صدمة نفسية عميقة له، على التحدث دون مقابل مع هذه الصحيفة الأسبوعية شرط أن توضع مقابلته التي نُشرت أمس في تصرف وسائل الإعلام الأخرى. ومن اللافت أن الصحيفة الشعبية أشارت في نهاية المقابلة إلى أن «ميل أون صانداي» لم تدفع شيئا لبنيام محمد. سنتبرع لمؤسسة «هيلين بامبر»، وهي مؤسسة معروفة عالميا لمعالجة ضحايا التعذيب، كما أنها تدعم فئات مختلفة منها طالبو اللجوء في بريطانيا. ومن المرتقب أن يخضع محمد للعلاج عندها.