المحطة التركية في جولة أوباما تأكيد على أولوية دور الدول الإسلامية المعتدلة

سوف تتيح للرئيس الأميركي المزيد من التفكير في خطابه للعالم الإسلامي

TT

يعكس قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما زيارة تركيا في ختام جولته الأوروبية التي سيقوم بها مطلع الشهر المقبل، الدور المحوري للدول الإسلامية المعتدلة في سياسته الدبلوماسية الجديدة تجاه العالم الإسلامي.

وقد أُعلن عن توقف أوباما في تركيا أمس في أنقرة من قبل وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي تقوم بتنفيذ تعهدات أوباما بالاشتراك مع العالم الإسلامي بصورة أساسية خلال الأيام المائة الأولى من توليه الرئاسة، لكن من غير المتوقع أن يستغل الرئيس زيارته لتركيا ليقدم خطابه المتوقع عن الإسلام، الذي وعد أن يقدمه في عاصمة إسلامية بعد توليه الحكم خلال الحملة الانتخابية. وسوف يمنح وضع تركيا على مقدمة أولويات الإدارة الشابة المزيد من الوقت للتفكير في الخطاب الإسلامي حيث يبدأ أوباما جهودا دبلوماسية جديدة مع سورية وإيران، وهي قوى إسلامية إقليمية تعرضت للعزلة لسنوات من قبل إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش. كما ستوسع الزيارة من حملة العلاقات العامة للإدارة تجاه الدول الإسلامية التي بدأت عندما أدلى أوباما بأول حديث تلفزيوني له بعد توليه الرئاسة لمحطة فضائية عربية حيث بدت كإشارة إلى الطريقة الجديدة للإدارة، على حد قول مسؤولي الإدارة، تجاه شعوب شعرت بالفزع تجاه السياسة الأميركية في العراق وأفغانستان والأراضي الفلسطينية.

ولأنها دولة مسلمة غير عربية، فإن تركيا تحظى بمكانة كبيرة لدى الإدارة حيث يمكن أن تعمل كحليف لها بشأن هذه القضايا. وقد نجحت تركيا التي يحكمها حزب إسلامي معتدل في التوفيق بين القيم الدينية والعلمانية في نظامها الديمقراطي، وهو أمر لم تتمكن حكومات أخرى في العالم العربي من تحقيقه بنفس القدر من النجاح.

قال مارك غروسمان السفير الأميركي السابق في تركيا ونائب رئيس مجموعة كوهين، وهي شركة استشارات مقرها نيويورك،«إن تركيا واحدة من الدول التي تظهر إمكانية عدم وجود صدام بين الحضارات».

ومن المحتمل أن تأتي زيارة أوباما لتركيا في ختام جولة أوروبية يستهلها في بداية الشهر المقبل، وسوف يركز أوباما في ثاني جولاته الخارجية منذ توليه الحكم على تداعيات الأزمة المالية العالمية خاصة الجهود الحربية في أفغانستان.

ويزور الرئيس في مطلع جولته العاصمة البريطانية لندن لحضور قمة دول العشرين التي سيناقش فيها قادة الاقتصادات الناشئة الضخمة على مستوى العالم الأزمة المالية العالمية، ثم يغادر بعدها إلى ستراسبورغ في فرنسا لحضور قمة دول الناتو لدعم المطلب الأميركي بالمزيد من القوات من دول الاتحاد الأوروبي مع تخفيف القيود على نشر هذه القوات في المناطق القتالية بأفغانستان.

ويتوجه أوباما عقب ذلك إلى براغ لحضور اجتماع قادة دول الاتحاد الأوروبي. وعلى غرار الكثير من دول أوروبا الشرقية، تعاني جمهورية التشيك من تأثيرات الأزمة الاقتصادية أكثر من جاراتها الغربية.

وقال مايك هامر، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي ملخصا لأهداف زيارة أوباما: «إن الرئيس يتطلع إلى زيارة أوروبا لمحاولة تنسيق الجهود لحل الأزمة المالية العالمية وإعادة تنشيط تحالفاتنا الأمنية مع شركائنا الأوروبيين والحفاظ على أمن الولايات المتحدة».

وقد أشار مسؤولو الإدارة والمحللون إلى أن ختام جولة الرئيس الأوروبية في تركيا، يعكس سعي أوباما إلى إبراز أهميتها كسوق ناشئة وحليف عسكري ولاعب رئيس في تأمين النفط والغاز الطبيعي المستقبلي القادم من إقليم القوقاز، بينما قال غروسمان، وكيل وزارة الخارجية السابق للشؤون السياسية في عهد إدارة بوش: «إن الزيارة إلى تركيا ستحمل مهمة ربط كل المحطات السابقة في الرحلة»، فتركيا عضو في الناتو، وعلى الرغم من منعها القوات الأميركية من غزو شمال العراق من أراضيها إلا أن 800 جندي تركي يوجدون الآن في أفغانستان. بيد أن تركيا لم تدخل الاتحاد الأوروبي ـ وهو أمر تسبب في إحداث صدامات داخل حلف الناتو في وقت كانت تسعى فيه إدارة بوش إلى الحصول على المزيد من القوات لخوض الحرب في أفغانستان ـ على الرغم من الدعم الأميركي لعضويتها.

وقال بعض المعارضين لمنح تركيا عضوية الاتحاد الأوروبي، إن شخصيتها الإسلامية تتعارض مع هذا التآلف الأوروبي القائم على أغلبية مسيحية، على الرغم من أن غالبية المعارضة تركزت على متطلبات الإصلاح الاقتصادي لتركيا.

وقال أحد كبار مسؤولي إدارة أوباما طالبا عدم ذكر اسمه نتيجة للحساسية الدبلوماسية للقضية: «لن يكون هدف الزيارة رأب الصدع بين دول الاتحاد الأوروبي والناتو، وإنما التأكيد على عمق تحالفنا مع تركيا التي تعد جزءا مهما من أوروبا والتي تمتلك نفوذا كبيرا في العالم الإسلامي».

وقد تم تقديم الحكومة الإسلامية المنتخبة التي يقودها رجب طيب أردوغان كنموذج في العالم الإسلامي لكن هناك منافسة دائمة بين الأحزاب الإسلامية وقيادة الجيش التي تدخلت عددا من المرات خلال السنوات السابقة لإسقاط الحكومات التي تعتقد أنها تقوض مبادئ تركيا العلمانية.

وقد عملت تركيا تحت قيادة رجب طيب أردوغان كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وسورية حول مرتفعات الجولان والتوصل إلى صيغة سلام دائم بين الدولتين، لكن تلك الجهود توقفت في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة الذي أدين من قبل العالم الإسلامي أجمع.

غير أن تركيا التي ترتبط بعلاقات مع حركة المقاومة الإسلامية حماس التي تسيطر على قطاع غزة ينظر إليها من قبل بعض الدبلوماسيين الأوروبيين على أنها جسر أساسي بين الدولة اليهودية وجيرانها من العرب.

وخلال الأسبوع الماضي، أرسلت إدارة أوباما بمبعوثين إلى سورية في محاولة لإحياء الدبلوماسية التي تم تعليقها بعد سحب إدارة بوش لسفيرها من دمشق منذ أربع سنوات، وقال المحللون إن زيارة أوباما ستمنحه فرصة ليسمع عن كثب من القادة الأتراك ما تعلموه من خلال عملهم مع سورية، حيث سيشرع في القيام بذات الشيء.