بغداد تدعو «البعث» للعمل في العراق بشرط التنديد بنظام صدام.. والاعتراف بالعملية السياسية

«الحوار الوطني» استثنت «جناح الدوري» و«القاعدة» وهيئة علماء المسلمين * عبد المهدي يلتقي ممثلا لقيادة قطر العراق

نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي أثناء لقائه بمحمد رشاد الشيخ راضي ممثل قيادة قطر العراق عن حزب البعث ببغداد أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في مبادرة هي الأولى من نوعها عدتها أوساط سياسية بأنها الخطوة العملية الأولى باتجاه فتح صفحة جديدة مع البعثيين استقبل عادل عبد المهدي، نائب الرئيس العراقي، محمد رشاد الشيخ راضي ممثل قيادة قطر العراق لحزب البعث، للتباحث حول دعم العملية السياسية وتعزيز الحياة الديمقراطية.

وأوضح بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط» من مكتب عبد المهدي أن الجانبين تباحثا حول «دعم العملية السياسية وتعزيز الحياة الديمقراطية وحالة الوئام بين أبناء الشعب العراقي، والتعاون في التصدي للإرهاب والعنف».

جاء ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني في العراق «إجراء حوارات مباشرة وغير مباشرة بجهات غير مشاركة في العملية السياسية أو معارضة أو رافضة لها أو للحكومة».

وقال سعد المطلبي المستشار في وزارة الدولة للحوار الوطني انه وبناء «على التوجهات الأخيرة للحكومة العراقية فإن الانفتاح في الحوار يشمل كل القوى السياسية غير الحاملة للسلاح ومنها أجنحة حزب البعث باستثناء جناح عزت الدوري».

وأضاف المطلبي لـ«الشرق الأوسط» أن «القوى السياسية التي لم تشارك في السلطة فتحت حوارات معها، ومن بينها شخصيات من حزب البعث السابق، وممن كانوا معارضين للنظام الصدامي».

وأضاف المطلبي أن أكرم الحكيم وزير الدولة لشؤون الحوار الوطني، وباعتباره أيضا رئيس الهيئة العليا للمصالحة الوطنية، قد التقى شخصيات بعثية كانت محسوبة على الجناح الذي يدعى بـ«المنشقين» عن الحزب، ومن الذين كانوا يتصدون لسياسة صدام حسين قبل وبعد تسلمه الحكم، ومنهم محمد رشاد الشيخ راضي، وهو من الشخصيات البعثية التي طالبت بطرد صدام حسين، واحمد حسن البكر من الحزب في المؤتمر القطري الذي عقد في سورية عام 1966. وأشار المطلبي إلى أن القيادة القطرية للحزب منحت لراضي تخويلا بفتح الحوار والتفاوض حول العودة، والعمل في العراق «كشخصيات بعثية معارضة للفكر الصدامي».

وحول الشروط التي طالبت بها الحكومة من البعثيين الذين تم فتح الحوار معهم وهل يشكل الشيخ راضي ثقلا في الحزب الذي ينتمي إليه، قال المطلبي «إنها ليست شروطا، بل ثوابت وطنية، وهي التنديد بفترة حكم صدام حسين والإيمان بالعملية الديمقراطية في العراق من اجل تسهيل عملية دخولهم للعملية السياسية الجارية في العراق بشكل مشروع، وإن الشيخ راضي باعتباره يحمل تخويلا من الجهات التي يمثلها، فهو مؤثر جدا وسيسهم بشكل فعال في الحوار مع الأشخاص الآخرين، وأول تأثير له هو صدور بيان من عزت الدوري يندّد بالاتصال ببعض القوى السياسية». وفي ردّه على سؤال فيما إذا كان تنظيم حزب البعث بإمكانه العودة للعمل كتنظيم ضمن هذا المشروع في العراق، قال المطلبي «إذا اتفقنا على الثوابت الوطنية، سيعرض الموضوع على البرلمان كمشروع باعتبار أن المحظور هم الصداميون، وليس التنظيم، لأن صدام حسين ومن عمل على شاكلته افسد كل النظريات التي أعلنها الحزب في فترات حياته السابقة، وأن الموضوع سابق لأوانه، لكنه يعتمد على تفاصيل أخرى».

وحول احتمالية فتح صفحة جديدة مع مَن عمل في النظام السابق قال «كل عراقي لم يرتكب جُرماً ولم تتلطخ يديه بالدماء، فهو مشمول بالمصالحة». مشيرا إلى أن الحوارات كانت قد فتحت في أوقات سابقة بشكل شخصي، لكنها اليوم تأخذ منحىً آخر، والهدف هو الوصول إلى مبادئ المصالحة الحقيقية.

وحول دخول هيئة علماء المسلمين، أكبر هيئة سُنية معارضة للحكومة العراقية وللوجود الأميركي في العراق، في صفحات الحوار الجديد قال المطلبي «القاعدة وهيئة علماء المسلمين بشخص حارث الضاري غير مشمولة بالمصالحة، وهي مستثناة من هذه العملية».

وعن المؤتمر الذي من المحتمل عقده في أبريل (نيسان) القادم، الذي سيضم شخصيات من المعارضة. قال المطلبي «لا علم للوزارة بالمؤتمر الذي أعلنه احد قادة الأحزاب الناصرية، وأن أي مؤتمر يقرر أن يعقد في العراق وبشأن العراق، يجب أن يكون مروره عبر وزارة الحوار الوطني والهيئة العليا للمصالحة».

وكان وزير الدولة لشؤون الحوار الوطني ورئيس الهيئة العليا للحوار والمصالحة الوطنية أكرم الحكيم قد أكد في بيان له أمس «بدأنا ومنذ استلامنا مسؤولية الوزارة، بعدد من الاتصالات والحوارات المباشرة (وغير المباشرة) بشخصيات وجهات عراقية غير مشتركة في العملية السياسية أو معارضة ورافضة لها أو للحكومة».

وأضاف بيان للوزارة نشر على موقعها الالكتروني أنه «بضمن تلك الجهات والشخصيات عناصر بعثية قيادية مرتبطة بحزب البعث العربي الاشتراكي ـ قيادة قطر العراق، التي كانت حواراتنا معها شخصية وغير رسمية، لكنها إيجابية ومفيدة، وساعد على استمرارها».

وأوضح أن «إيجابية نتائجها لأن تلك الشخصيات كانت ضمن القوى المعارضة لنظام صدام البائد ولأكثر من ثلاثة عقود، ولها مواقفها المعروفة، ولأن (قيادة قطر العراق) حزب البعث العربي الاشتراكي، كانت من الأحزاب التي ساهمت في العديد من أُُطُر ومواثيق وفعاليات العمل المشترك للقوى المعارضة لصدام، جنباً إلى جنب القوى الوطنية العراقية المعروفة والمشتركة في العملية السياسية وفي النظام السياسي الجديد في العراق، (منها لجنة العمل المشترك 1990 ومنها الاجتماع القيادي في دمشق 1996 وميثاق العمل الوطني في لندن 2002». وتابع أنه «لم يُعرف عنها اعتماد العنف والإرهاب ضد النظام السياسي الجديد وضد العراقيين، ولم تحرّض عليه ولم تبرر وتقبل بما قامت به المجموعات الإرهابية».

وبين أنه «انطلاقاً من ذلك قامت وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني بتوجيه دعوة للسيد محمد رشاد الشيخ راضي، الشخصية القيادية ومندوب (قيادة قطر العراق)، لزيارة مقر الوزارة، وتم عقد عدة لقاءات لبحث أفضل الصيغ لمعالجة اللبس الحاصل، بما يميز هذا التنظيم عن حزب صدام».

وزاد «تم إجراء حوارات موسّعة تهدف إلى رصّ الصف الوطني العراقي ومواجهة الإرهاب والعنف والصراعات الجانبية، ودعم العملية السياسية وتشجيع وتوسيع المشاركة، وتحقيق التوافق الوطني خدمة للمصالح العليا للعراق والعراقيين».

وقال البيان «أكدت الحوارات على ضرورة أن يغتـنم البعثيون الذين عملوا سابقاً في صفوف حزب السلطة البائدة فرصة مشروع المصالحة الوطنية، والمواقف الأخيرة للحكومة العراقية، للتحرك بسرعة لفرز المجرمين الذين ارتكبوا جرائم بشعة ضد الشعب العراقي، ومهما كانت مواقعهم الحزبية والحكومية السابقة عن صفوفهم وأوساطهم».