الكويت: ترجيحات لحل البرلمان قريبا جدا والدعوة لانتخابات مبكرة في مايو المقبل

تقديم الاستجواب الثالث لرئيس الوزراء خلال أسبوع

محمد الهايف النائب الإسلامي في البرلمان الكويتي يحمل صورتين لمسجدين مدمرين, وذلك خلال مؤتمر صحافي عقد في مبنى البلمان أمس (أ.ف.ب)
TT

قدم النائب الإسلامي محمد المطيري أمس، طلب استجواب بحق رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، على خلفية إقدام لجنة إزالة التعديات على أملاك الدولة على هدم مسجد مخالف في منطقة الفنطيس (جنوب البلاد)، ليكون بذلك ثالث طلب استجواب يقدم بحق الشيخ المحمد خلال أسبوع، ما يعمق الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتواترت أمس أنباء، لم يتسن التأكد منها بشكل رسمي، عن احتمال إقدام أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد على حل البرلمان نهاية الأسبوع الجاري أو مطلع الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، مع الدعوة لانتخابات مبكرة في مايو (أيار) المقبل، كحل للخروج من الأزمة السياسية التي تعتري العلاقة بين البرلمان والحكومة، إثر تنامي ظاهرة تقديم استجوابات بحق رئيس الحكومة، وتصاعد لهجة الحوار بين النواب والوزراء، ودخول البلاد في حال شلل، إثر فشل السياسيات الحكومية في معالجة المشكلات التي تعاني منها البلاد، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية، التي يعاني منها القطاع الخاص، كأحد تداعيات الأزمة المالية العالمية.

ومن جانبه، حمل النائب محمد المطيري رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد مسؤولية إقدام فريق إزالة التعديات على أملاك الدولة، وهو فريق حكومي يشرف عليه الفريق محمد البدر، ويخضع لمسؤولية رئيس مجلس الوزراء، على هدم مسجد مقام بطريقة غير قانونية (بحسب الرواية الرسمية)، وفقا لمبدأ عدم جواز هدم المساجد، متهما البدر بتقديم معلومات مضللة حول حادثة إزالة المسجد (تمت قبل ستة أشهر)، كونه يعد معلما أثريا ويخضع لقانون حماية المواقع الأثرية، إلى جانب تعسفه وانحرافه في استخدام السلطة المعطاة له من قبل رئيس الوزراء.

إلا أن مجلس الوزراء انتهى في بيانه عقب اجتماعه الأسبوعي أمس، إلى أن عملية الإزالة تمت بالتنسيق مع وزارة الأوقاف الإسلامية وبلدية الكويت، كما لم يرد في السجلات الرسمية ما يفيد أن المسجد يحمل طابعا أثريا، كما كان مخالفا للاشتراطات المطلوبة، ولم تقم به أي صلاة منذ عامين، إلى جانب تحويله من قبل مالكيه، إلى مخزن لمواد البناء، ناهيك عن وجود مسجد آخر بجانبه، ومجهز بشكل أفضل.

واتجهت الأنظار عصر أمس إلى مجلس الوزراء بعد تواتر أنباء تفيد اعتزام الحكومة رفع خطاب بعدم إمكان تعاونها مع البرلمان نظرا لعمق الخلاف بين الطرفين، وتنامي ظاهرة تقديم طلبات استجواب بحق رئيس الوزراء، وهو ما يعطي لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الحق في حل البرلمان، والدعوة لانتخابات مبكرة تعقد في مايو (أيار) المقبل، أو إقالة الحكومة.

إلا أن مجلس الوزراء لم يبحث طلبا من هذا النوع، وانتهى بحسب بيان رسمي صادر عنه، إلى أنه تدارس ما أثير حول قيام لجنة إزالة التعديات على أملاك الدولة بإزالة بعض المباني والمنشآت في منطقة الفنيطيس، وبعد استماعه للشرح المقدم من الوزراء المعنيين، وهما الإعلام والأوقاف، فقد سجل شكره وتقديره للجنة ورئيسها، لجهودها في تطبيق القانون وتنفيذ قرارات مجلس الوزراء، كما أكد المجلس حرص دولة الكويت واهتمامها على رعاية بيوت الله وخدمتها وتأمينها للمصلين في مختلف المناطق، كما أن هناك العديد من المساجد التي تمت إزالتها من قبل، وتم إقامة مساجد بديلة عنها لخدمة المصلين، ويأتي ذلك ضمن الأعمال الإجرائية المعتادة، إلى جانب أهمية التشديد على عدم جواز إقامة المصليات في المناطق المختلفة من دون ترخيص معتمد من الجهات الرسمية، بما في ذلك المناطق الجديدة التي يمكن السماح بإقامة مصليات مؤقتة فيها وفق الشروط واللوائح المعتمدة في هذا الشأن لترخيص إقامتها لحين إتمام بناء المساجد فيها.

ويعد الاستجواب الذي قدمه النائب المطيري أمس ثالث طلب استجواب يقدم بحق الشيخ ناصر المحمد خلال أسبوع، إذ سبق للنائب الإسلامي فيصل المسلم مطلع الأسبوع الماضي، تقديم طلب مماثل للكشف عن مخالفات مالية منسوبة لديوان رئيس الحكومة، لتتقدم بعده كتلة نواب الإخوان المسلمين، صبيحة اليوم التالي، بطلب مشابه يحمل الشيخ ناصر المحمد مسؤولية ضياع هيبة الدولة، وتعطيل أعمال البرلمان، ليدرج رئيس البرلمان جاسم الخرافي الطلبين على جدول أعمال جلسة البرلمان المقررة يوم الثلاثاء المقبل، التي يتوقع كثيرون أنها لن تعقد، نظرا لوجود توجه لحل البرلمان نهاية الأسبوع الجاري أو بدايات المقبل على أبعد تقدير.

كما أن طلب الاستجواب الذي قدم أمس، يعد الخامس بحق الشيخ ناصر المحمد منذ توليه منصبه في فبراير (شباط) 2006، فيما تعد هذه الحكومة الخامسة التي يعهد إليه برئاستها منذ ذاك، حيث يعتبر البرلمان الحالي ثالث برلمان يتعامل معه منذ توليه مسؤولية رئاسة الحكومة، فقد سبق في عهده أن تم حل برلمانين بشكل دستوري، والدعوة لانتخابات مبكرة.

وعلى صعيد متصل، تصاعدت لهجة نواب البرلمان على ما تسرب من اجتماع عقد الأسبوع الماضي لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة بحضور أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وولي العهد الشيخ نواف الأحمد ورئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد، إلى جانب عدد من ممثلي أفرع الأسرة، ورشح عنه بحث عدد من الشيوخ خيار تعطيل البرلمان وتعليق العمل بالدستور، وهو ما حدا بالنائبين أحمد المليفي وفيصل المسلم للإعلان عن نيتهما مساءلة عدد من الوزراء الذين حضروا الاجتماع وأعلنوا موقفا معاديا للدستور، في إشارة إلى وزيري الدفاع الشيخ جابر المبارك، والداخلية الشيخ جابر الخالد، ومشيدين في الوقت نفسه بموقف وزير النفط الشيخ أحمد العبد الله، الذي نفى رسميا ميله لخيار تعطيل العمل بالدستور.

من جانبها أعلنت كتلة العمل الشعبي، وهو تجمع نيابي معارض يقوده النائب أحمد السعدون، عن أن «أي دعوات مشبوهة ومغرضة للخروج على الدستور يطلقها بعض عناصر مراكز النفوذ وقوى الفساد وممثلوهم والمرتبطون بهم من المنتفعين وأصحاب المصالح أيا كان موقعهم، إنما هي دعوات تستهدف بالأساس الخروج على نظام الحكم الديمقراطي للدولة والمساس بشرعيته والنيل من مشروعيته».

وأضافت الكتلة في بيان رسمي لها أمس، أنها تأسف «ويقلقها، مثلما يقلق كل مواطن كويتي حريص على استمرار نظامه الديمقراطي واستقراره والحفاظ على مكتسباته وحقوقه وحرياته، تلك الدعوات والمواقف التي انطلقت في الآونة الأخيرة للانقلاب على الدستور، وترويج ما يسمى الحل غير الدستوري، وهي دعوات خطرة ومواقف مرفوضة، خصوصا عندما تأتي من أشخاص يتولون المسؤولية الوزارية، في إطار الدستور الذي أقسموا بالله العظيم على احترامه، مما يجعلهم غير أهل لمواصلة حمل الأمانة في أي موقع من مواقع المسؤولية في الدولة».

وسجلت الكتلة «بكل فخر واعتزاز لحضرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حرصه على التمسك بالدستور والتزامه الخيارات الدستورية، كما تقدر الكتلة موقف سمو ولي العهد، وتثمن مواقف كل أولئك الذين تصدوا للدعوات المشبوهة ورفضوها، وأكدوا التزامهم بنظام الحكم الديمقراطي الدستوري، وبينهم وزير النفط الشيخ أحمد العبد الله، الذي أصدر نفيا علنيا يؤكد فيه عدم صحة ما نسب إليه بأنه أحد مروجي تلك الدعوات المشبوهة». وشددت على أنها تتابع ما يثار على الساحة من تسريبات وتصريحات حول وجود نية لإصدار مراسيم بقوانين ستصدر في حال حل البرلمان، ومنها ما يتعلق بتعديل الدوائر الانتخابية، وبقانون الاجتماعات العامة، وحرية التعبير، وبمشروع قانون لتعزيز الاستقرار المالي في الدولة، ومحاولة فرضها كأمر واقع، معلنة رفضها التام لأي محاولة للالتفاف على أحكام الدستور في هذا الشأن، وبينها حكم المادة 71 من الدستور وشروطها الواضحة عند إصدار مراسيم القوانين، التي لا تجيز إصدارها ما لم يتوافر لها عنصر الضرورة الموجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وتشترط ألا تكون هذه المراسيم بقوانين مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية، مع ضرورة عرضها على المجلس في أول اجتماع له في حالة حله لإقرارها أو رفضها.