القذافي يصطحب خيمته وجيشا من المرافقين وحارساته إلى موريتانيا

وسط شكوك حول قدرته على الوساطة بين قادة الانقلاب العسكري في موريتانيا ومعارضيه

TT

بدأ الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي مساء أمس زيارة إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، كأول رئيس دولة يحل هناك منذ الانقلاب العسكري الذي قاده رئيس المجلس العسكري الحاكم الجنرال محمد ولد عبد العزيز في شهر أغسطس( آب) الماضي، للإطاحة بنظام حكم الرئيس المخلوع محمد ولد الشيخ عبد الله. وبحسب مصادر ليبية موريتانية لـ«الشرق الأوسط» فقد جرى استقبال كبير للقذافي لدى وصوله للمرة الأولى منذ ربع قرن إلى مطار العاصمة نواكشوط، حيث كان في مقدمة مستقبليه رئيس المجلس العسكري الحاكم رئيس الدولة الجنرال محمد ولد عبد العزيز ورئيس حكومته ولد محمد لغظف، ورئيس مجلس الشيوخ ونائب رئيس الجمعية الوطنية ورؤساء بعض الأحزاب السياسية وعدد من الشخصيات والفعاليات الشعبية والدبلوماسيين. وسيؤم القذافى الذي ترافقه خيمته البدوية التقليدية وجيش ضخم من مساعديه وحراسه بما فيهم السيدات صلاة جامعة بحضور آلاف المدعوين من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف التي اعتاد خلال السنوات الماضية إحياءها في عدة مدن أفريقية.

ومن المنتظر أن يلقي العقيد القذافي اليوم خطابا أمام أعضاء البرلمان الموريتاني قبل أن يجتمع مع عدد من أطراف الأزمة السياسية الراهنة في البلاد يليه لقاء مع نخبة من الفعاليات النسائية قبل أن يؤمهم لصلاة المغرب والعشاء بالملعب الأولمبي مساء اليوم. وقبل ساعات من اجتماع بالبرلمان الموريتاني، ثارت أمس شكوك قوية حول إمكانية مشاركة رئيسه مسعود ولد بلخير الذي يتحفظ على الانقلاب العسكري ويواجه رفضا من أعضاء البرلمان المؤيدين للجنرال عبد العزيز رئيس المجلس العسكري الحاكم.

وقبيل وصوله جوا أمس إلى مطار نواكشوط وزعت السفارة الليبية في نواكشوط بالتعاون مع السلطات الموريتانية مساعدات غذائية ومالية عاجلة على سكان محليين شكا بعضهم لاحقا من عدم حصوله على نصيب من المساعدات التي قدرتها بعض الأوساط بنحو 500 طن من المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية.

كما تم توزيع آلاف الصور الخاصة بالعقيد القذافي والعلم الليبي استعدادا لسلسلة النشاطات الحافلة التي سيقوم بها القذافي إلى موريتانيا على مدى ثلاثة أيام، في أول زيارة من نوعها على هذا المستوى منذ نحو ربع قرن.

وسيسعى القذافي الذي يترأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي إلى استكمال وساطته بين قادة الانقلاب العسكري الأخير والجماعات المناوئة له، علما بأنه أجرى على مدى الأيام القليلة الماضية سلسلة من اللقاءات مع مختلف الفرقاء الموريتانيين بهدف تقريب وجهات النظر بينهم. وكان القذافي قد اجتمع في العاصمة الليبية طرابلس مؤخرا مع رئيس المجلس الأعلى في موريتانيا الجنرال محمد ولد عبد العزيز، كما استقبل وفد جبهة الدفاع عن الديمقراطية في موريتانيا برئاسة نائب رئيس الجبهة بيجل ولد حميد والرئيس الموريتاني سيدي ولد الشيخ عبد الله.

واستبق ولد الشيخ زيارة القذافي بإصدار بيان تعهد خلاله بالسعي إلى حل «دستوري مناسب» للازمة التي تمزق موريتانيا، يحول نهائيا دون حدوث انقلابات عسكرية ويسمح باستئناف عملية «إحلال الديمقراطية» في البلاد.

وبينما تقول مصادر ليبية أنه بإمكان القذافي الذي يترأس الاتحاد المغاربي ونال مؤخرا تفويض مجموعة الاتصال الدولية له برعاية المصالحة بين مختلف الأطراف الموريتانية، القيام بجهود وساطة ناجحة، إلا أن مصادر عربية وموريتانية قالت في المقابل لـ«لشرق الأوسط» إن فرص نجاح القذافي تبدو محدودة.

وتواجه وساطة القذافي إشكالية سياسية مهمة حيث يتباين موقفه إلى حد كبير من موقف الاتحاد الأفريقي (الذي تولى في شهر يناير(كانون الثاني) الماضي رئاسته للمرة الأولى لمدة عام واحد) تجاه مسألة الاعتراف بأنظمة الحكم التي تتولى السلطة بموجب انقلابات عسكرية.

وفيما هدد الاتحاد الأفريقي علانية بفرض عقوبات على قادة الانقلاب العسكري الأخير في موريتانيا ما لم يتعهدوا بالعمل فورا على إعادة الشرعية الدستورية إلى البلاد، فقد بدا القذافي الذي وصل هو نفسه إلى السلطة بانقلاب عسكري قاده عام 1969 للإطاحة بنظام الملك الليبي السابق إدريس السنوسي، ميلا إلى تأييد قادة الانقلاب الأخير في موريتانيا.

وأثار القذافي غضب الموريتانيين قبل عامين عندما انتقد تجربتهم الديمقراطية الهشة على نحو أدى إلى توتر العلاقات الثنائية التي طالما عرفت في فترات سابقة أزمات مماثلة سرعان ما كان القذافي ينجح في تجاوزها.

إلى ذلك, شكت بعض وسائل الإعلام الموريتانية ومن بينها وكالة أنباء الأخبار الموريتانية المستقلة عبر موقعها الالكتروني أمس من رفض اللجنة الإعلامية المشرفة علي تغطية أنشطة القذافي القيام بها إدراجها ضمن لائحة الصحفيين المسموح لهم بالتغطية.

ونقلت الوكالة عن مصدر إعلامي قوله إن وزارة الإعلام وحدها المسؤولة عن السماح للإعلاميين بتغطية الزيارة وبترتيب الأمر مع الجهات الأمنية الموريتانية والليبية.