البرادعي: على الدول العربية التدخل في تسوية الملف النووي الإيراني.. لا المراقبة عن بعد

أميركا: طهران لا تملك مواد نووية لصناعة أسلحة * «بوشهر» يدخل الخدمة 22 أغسطس

TT

دعا مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في فيينا الدول العربية إلى التدخل لحل الجدل المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. وقال البرادعي في مؤتمر صحافي عقده في البرلمان النمساوي مساء أول من أمس «أجد أنه من المفاجئ عدم تدخل الدول العربية في الحوار بين إيران والغرب. قامت الدول المجاورة حتى الآن بالمراقبة عن بعد. أي حل حول المسالة الإيرانية يجب أن يشمل الدول المجاورة». ودعا البرادعي مجددا إيران إلى اعتماد المزيد من الشفافية. وشدد على أن تمكن طهران من استخدام تكنولوجيتها لصنع قنبلة ذرية ليس مسألة ذات طابع تقني وإنما سياسي. وتنتهي ولاية البرادعي في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد 12 عاما أمضاها في منصب مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتخذ من فيينا مقرا لها.

ويرغب البرادعي في انبثاق بنية أمنية في الشرق الأوسط تشمل إسرائيل، الدولة التي تملك السلاح النووي بحسب خبراء أجانب وهو ما لا تعترف به الدولة العبرية.

وقال البرادعي إن «إيران يمكن أن تكون قوة إيجابية في المنطقة لكن أيضا مصدر نزاع ومواجهة». وعبر البرادعي الحائز جائزة نوبل للسلام عن أمله في أن تحرز الإدارة الأميركية الجديدة تقدما لحل الخلاف مع إيران. وقد أبدى الرئيس الأميركي باراك أوباما، على خلاف سلفه جورج بوش، استعدادا لاعتماد دبلوماسية مباشرة مع طهران. وبرر البرادعي (66 عاما) من جهة أخرى، طلبه زيادة موازنة المنظمة بمواجهة الخطر الإرهابي بشكل أفضل. وقال إن «سياسة الردع غير مجدية مع المجموعات المتطرفة، لأنها إذا اقتنت السلاح النووي أو مصدرا إشعاعيا كبيرا، فإنها ستستخدمه».

ويأتي ذلك فيما قال مسؤولون في المخابرات الأميركية للكونغرس الأميركي أمس، إن إيران لا تملك يورانيوم عالي التخصيب يصلح لتصنيع الأسلحة النووية، ولم تتخذ بعد قرارا بشأن ما إذا كانت ستنتج هذا اليورانيوم. وأضاف المسؤولان، وهما مدير المخابرات القومية دينيس بلير، ومدير وكالة المخابرات الدفاعية الليفتنانت جنرال مايكل ميبلز، إن التجارب الصاروخية الإيرانية الأخيرة ليست مرتبطة بصورة مباشرة بالأنشطة النووية الإيرانية. وأشارا إلى أن البرنامجين لهما مسارا تطوير منفصلان. وطلب من بلير أن يوضح التصريحات المتضاربة الأخيرة من مسؤولي وزارة الدفاع حول برنامج إيران النووي. وقال بلير «نقدر الآن أن إيران ليست لديها أي يورانيوم عالي التخصيب. ونقدر أن إيران لم تتخذ القرار بعد» بتحويل اليورانيوم منخفض التخصيب إلى مواد تصلح للاستخدام في الأسلحة. وقال ميبلز إن إطلاق إيران في فبراير (شباط) لمركبة «سفير» الفضائية «يظهر تقدما» في التكنولوجيا المستخدمة في صناعة الصواريخ العابرة للقارات.

غير أن بلير قال إن البرنامجين النووي والصاروخي لإيران هما «قرارات منفصلة». وقال المسؤولان إنهما يعتقدان أن إيران لم تتخذ قرارا بعد حول المضي قدما في برنامجها النووي العسكري.

كما أشار بلير إلى أنه سيكون «من الصعب» إقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي المثير للجدل بالسبل الدبلوماسية، موضحا أن طهران قد تتخلى عن برنامجها أمام «مجموعة ضغوط وتهديدات بتعزيز عمليات المراقبة الدولية» إضافة إلى تدابير تحفيزية. وأضاف: «من الصعب تحديد ماهية هذا المزيج» من الإجراءات. وتابع: «نعتقد أن إقناع القيادة الإيرانية بالتخلي عن تطوير أسلحة نووية سيكون صعبا، نظرا إلى العلاقة التي يراها كثيرون داخل الحكومة بين السلاح النووي والأمن القومي الإيراني وأهداف السياسة الدولية، ونظرا إلى جهود إيران منذ نهاية 1980 إلى 2003 لإنتاج مثل هذه الأسلحة».

ويأتي ذلك فيما قالت وكالة أنباء إيرانية أن قائد القوات المسلحة الإيرانية صرح بأن الإدارة الأميركية الجديدة «مولعة بالحرب» مثل الإدارة السابقة، لكن الولايات المتحدة لا يمكنها مهاجمة إيران. وجاءت تصريحات الميجور جنرال حسن فيروز عبادي على الرغم من عرض الرئيس الأميركي باراك أوباما الدخول في محادثات مباشرة مع طهران إذا «أرخت قبضتها»، وربما تصيب واشنطن بخيبة أمل. وردت إيران بحذر على عرض أوباما، قائلة إنها تريد أن ترى تغيرا حقيقيا في السياسة الأميركية. وقال فيروز عبادي «لا يمكننا أن نزعم أن الديمقراطيين الأميركيين ليسوا مولعين بالحرب مثل الجمهوريين. إنهم مثلهم تماما مولعون بالحرب، وراغبون في إلحاق الأذى، ويريدون أن يفعلوا ذلك بمهاجمة إيران». ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عنه قوله، على هامش مؤتمر في طهران: «لكنهم غير قادرين على عمل ذلك، ولا سبيل أمامهم، لشن هجوم على إيران. أميركا غير قادرة على تحمل تكاليف مهاجمة إيران». وعلى صعيد ذي صلة، أعلن وزير الطاقة الإيراني برويز فتاح أمس، أن مفاعل بوشهر النووي (جنوب) الذي بنته روسيا وتختبره حاليا، سيدخل الخدمة بحلول 22 أغسطس (آب) 2009. وكان رئيس الوكالة الاتحادية الروسية للطاقة الذرية سيرغي كيرينكو رفض لدى زيارته بوشهر الشهر الماضي، تحديد تاريخ بدء عمل المفاعل معللا ذلك بعدم وضوح الفترة اللازمة للانتهاء من التجارب الجارية. وقال الوزير الإيراني، وفق ما أورد الموقع الإلكتروني للتلفزيون الإيراني: «بحلول نهاية شهر مرداد الإيراني (ينتهي في 22 أغسطس) سيتم إمداد شبكة الكهرباء الوطنية ب 500 ميغاواط من أصل ألف يمكن أن ينتجها مفاعل بوشهر». وأضاف أن الـ500 ميغاواط الباقية سيوفرها المفاعل بحلول نهاية العام الإيراني الذي يصادف 20 مارس (آذار) 2010. وكان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي أعلن في 4 مارس (آذار) أن المشروع سيكون «جاهزا للعمل في الصيف المقبل». وبدأت روسيا إجراء الاختبارات على المفاعل في 25 فبراير (شباط). وكانت سلمت الوقود النووي الخاص بمفاعل بوشهر قبل أكثر من عام، وهو حاليا مخزن تحت أختام الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكان بناء مفاعل بوشهر تأجل عدة مرات، في الوقت الذي تخضع فيه إيران لخمس قرارات من مجلس الأمن، بينها ثلاثة قرارات تتضمن عقوبات، وذلك بسبب رفضها تعليق تخصيب اليورانيوم.

وفي موسكو، ذكرت وكالة «انترفاكس» الروسية نقلا عن «مصدر واسع الاطلاع» في موسكو، أن روسيا قد ترجئ إلى أجل غير مسمى تسليم صواريخ «اس-300 أرض جو» إلى إيران، في صفقة تثير قلق الولايات المتحدة. وقال المصدر إن «هذا الاحتمال غير مستبعد. ينبغي اتخاذ القرار على المستوى السياسي، إذ أن هذا العقد خرج من إطار محض تجاري». وأضاف: «أن هذا العقد الموقع مع إيران عام 2005 لم ينفذ حتى اليوم». وتحض الولايات المتحدة موسكو على العدول عن بيع هذه الصواريخ القادرة على ضرب طائرة على ارتفاع 30 كلم ومسافة 150 كلم، التي ستسمح لإيران بتأمين حماية أكبر لمواقعها الحساسة، لا سيما النووية.

وتلوح موسكو منذ أشهر بتسليم إيران هذه الأنظمة المضادة للطائرات شديدة التطور، التي ستزيد من صعوبة قصف منشآت نووية إيرانية. وكانت روسيا سلمت إيران عام 2007، 29 نظاما دفاعيا مضادا للطائرات من طراز «تور-ام1»، وهي صواريخ مداها أقصر بكثير من مدى صواريخ «اس-300». ووجه الرئيس الأميركي أخيرا رسالة إلى نظيره الروسي ديمتري مدفيديف، أشار فيها إلى أن مشروع نشر الدرع الأميركية المضادة للصواريخ في أوروبا، الذي يثير استياء موسكو، مرتبط بمستقبل البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين.