الوساطة الليبية في أزمة موريتانيا تتعثر بسبب غموض في بنودها

القذافي نصب خيمته في قصر الرئاسة بنواكشوط .. وأم آلاف المصلين في الملعب الأولمبي

الجنرال عبد العزيز أثناء استقباله القذافي في نواكشوط الليلة قبل الماضية (رويترز)
TT

بدأ الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الذي يتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأفريقي، في نواكشوط سلسلة من المحادثات مع أطراف الأزمة السياسية التي تشهدها موريتانيا منذ انقلاب السادس من أغسطس (آب) الماضي.وأفاد قياديون في «جبهة الدفاع عن الديمقراطية»، المناوئة للانقلاب، أن ليبيا سلمت مختلف أطراف الأزمة أمس مقترحا يدعو إلى تنظيم انتخابات رئاسية شفافة من دون تحديد موعد لها، ووقف كل الحملات الإعلامية والإفراج عن السجناء المعتقلين في قضايا اختلاس أموال عمومية. وحث المقترح، الذي جاء في إطارأسس، حددها المجتمع الدولي في اجتماع باريس الأخير، مختلف الفرقاء على مواصلة الحوار الذي بدأ في ليبيا الأسابيع الماضية، وتم خلاله إجراء مشاورات انفرادية جمعت الزعيم الليبي القذافي مع كل من رئيس المجلس العسكري الحاكم الجنرال محمد ولد عبد العزيز وزعيم المعارضة احمد ولد داده والرئيس المطاح به سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله إضافة إلى رئيس الجمعية الوطنية وقياديين في الجبهة.

ولم يتطرق المشروع الذي قدم أمس في لقاء أطراف الأزمة بالوسطاء الليبيين، لمصير المجلس الحاكم، مكتفياً بالإشارة إلى ضرورة قبول حل دستوري من دون إعطاء تفاصيل أكثر. وتسلم فرقاء الأزمة الموريتانية أمس هذا المقترح بعد يوم من وصول معمر القذافي إلى نواكشوط، وذلك في لقاء خاص مع رافع المدني المستشار الخاص للزعيم الليبي.

ودخل كل طرف على حدة في اجتماع مغلق لتدارس هذه الوثيقة التي شابها غموض كبير في رأي مراقبين لعدم اشتمالها على تصور لتسوية أهم نقاط الخلاف، مثار الجدل بين فرقاء الأزمة، مثل استقالة الجنرال وعودة ولد الشيخ عبد الله للسلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإمكانية ترشح أعضاء المجلس الحاكم للانتخابات المرتقبة. واستبعدت جهات قريبة من الرئيس الدوري لجبهة الدفاع عن الديمقراطية قبول بعض الأطراف بهذه الصيغة ورجحت لجوء الليبيين إلى تغيير المقترح تجنبا لفشل الوساطة الجارية.

وكان الزعيم الليبي معمر القذافي أجل خطابا كان مقررا أمس أمام البرلمان الموريتاني، بسبب عزوف رئيس الجمعية الوطنية مسعود ولد بولخير عن حضور الجلسة رغم إلحاح الجهات الليبية على ذلك. ويقاطع ولد بولخير جلسات البرلمان والأنشطة الرسمية منذ انقلاب السادس من أغسطس الماضي لعدم اعترافه بشرعية السلطات الجديدة ويرفض التعامل مع الحكومة المنبثقة عنه. ويحتفظ ولد بولخير بعلاقة قوية بالقذافي، وقد أجرى معه مشاورات الأسبوع المنصرم في مدينة سرت الليبية، لكنه غاب عن استقباله في مطار نواكشوط تجنبا للوقوف إلى جانب سلطة لا يعترف بها، حسب مصادر قريبة منه. وكان مقررا أن يؤم القذافي صلاة العصر أمس في الملعب الأولمبي في نواكشوط بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بحضور نحو 2500 مدعو من مختلف الدول العربية والإسلامية. لكن عوضا عن هذه الصلاة تقرر أن يؤم القذافي المصلين في صلاة المغرب في الساعة السابعة والنصف من مساء أمس بتوقيت جرينتش، لإتاحة الفرصة أمام المساعي الرامية إلى حل الإشكال البروتكولى الخاص بوضعية مختلف السياسيين الكبار أثناء الصلاة.

وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن جبهة الدفاع عن الديمقراطية، ترفض أن تصلى إلى جانب قادة المجلس العسكري الحاكم ما لم يكون هناك احترام كامل وأن يتساوى الجميع. وقالت مصادر إعلامية إن صلاة القذافي كانت حتى مساء أمس مثار خلاف بين الفرقاء السياسيين في وقت يضغط فيه بعض الأطراف لأن يكون الصف الأول من ضيوف القذافي وليس من قادة الأغلبية وأن يكون ولد عبد العزيز ومسعود ولد بلخير هما المحاذيان للإمام (القذافي) كتعبير عن موقف وسط من مجمل الأطراف بينما تتراجع بقية الشخصيات الأخرى إلى الخلف كشرط لأداء الصلاة بالملعب.

وكان القذافي وصل أول من أمس إلى نواكشوط على متن طائرته الخاصة رفقة موكب يضم خمس طائرات أخرى ومروحية مراقبة وسط إجراءات أمنية مشددة، وفور وصوله إلى قصر الرئاسة الموريتانية، تم نصب خيمته في باحة القصر، ثم أجرى مشاورات انفرادية مع الجنرال محمد ولد عبد العزيز.وكان في استقبال الزعيم الليبي رئيس المجلس العسكري الحاكم محاطا بكبار مسؤوليه، فيما تجمعت أحزاب سياسية أخرى في طوابير كبيرة أمام المطار تعبيرا عن فرحتها بقدومه رافعين شعارات الترحيب والصور المكبرة. وغاب الرؤساء الأفارقة هذه المرة عن حضور الصلاة التي ينوى الزعيم الليبي أداءها في العاصمة الموريتانية نواكشوط، فيما كان مفترضا حضور رئيس جزر القمر الذي أعلن نيته التوجه إلى موريتانيا للمشاركة في احتفالات المولد النبوي الشريف. ويأمل الموريتانيون أن تضع هذه الزيارة حدا نهائيا لأزمة استمرت عدة أشهر، فيما تتزايد المخاوف من فشل هذه الوساطة لما قد يقود له ذلك من مواجهة عقوبات قاسية لا تتحملها موريتانيا.