تحذير الأسد من تسييس المحكمة الدولية يثير سلسلة ردود لبنانية

نائب رئيس البرلمان: موقفه تهديد ونقض مسبق لأي حكم

TT

أثار كلام الرئيس السوري بشار الأسد عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في مقابلة صحافية أجريت معه أخيراً، ردود فعل سياسية لبنانية وصفت هذا الكلام بـ «التهديدي» خصوصاً لجهة قوله «إن لبنان سيكون أول من يدفع الثمن إذا ما حصل تسييس للمحكمة» وأن «ليس ثمة ضمانات من عدم تسييسها». وفي هذا الإطار، اعتبر نائب رئيس مجلس النواب اللبناني فريد مكاري، في تصريح أدلى به أمس، أن كلام الأسد «يحمل كالعادة تهديدات واضحة للبنان». وقال: «إن الأسد يقول إن لبنان سيكون أول من يدفع الثمن إذا حصل تسييس للمحكمة الدولية. وكلمة التسييس هنا تعني انتهاء المحكمة إلى نتائج لا تعجب النظام السوري». وأضاف: «ما نفهمه تاليا من كلام الرئيس الأسد أنه سيجعل لبنان يدفع الثمن في حال انتهت المحكمة إلى خلاصات ليست في مصلحة نظامه. لقد أصدر الرئيس الأسد حكمه على المحكمة سلفا واستبق عملها بالتشكيك، تمهيدا لنقض أي حكم تصدره ».

ورأى أن «التهديد الآخر في كلام الأسد يتعلق بمرحلة ما بعد الانتخابات. إذ هو يلوِّح بأن لبنان سينفجر وسيعود باتجاه اللااستقرار في حال ما يسميه غياب التوافق. ومن الواضح أن الرئيس السوري يقصد بالتوافق الاستمرار في صيغة التعطيل والعجز في الحكم التي تشل البلد وقراراته. ويهدد بصراحة بأن عدم إعطاء قوى 14 آذار الثلث المعطل لقوى 8 آذار، في حال فوزها بالانتخابات، ستكون نتيجته تخريب الوضع في لبنان. وهذا معناه، عمليا، العودة إلى الشارع وإلى 7 أيار جديد». قال إن الرئيس الأسد «يخيِّر اللبنانيين بين اللااستقرار واللاقرار. فإما العودة إلى ما قبل اتفاق الدوحة، على ما قال، أو إبقاء البلد في حالة الشلل الراهنة التي لا يمكن فيها اتخاذ أي قرار إصلاحي أو تسيير شؤون الدولة والناس».

من جهته، قال عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب أنطوان سعد: «إن التصريحات الأخيرة للرئيس السوري بشار الأسد حيال لبنان هي بمثابة إنذار استباقي لتفجير الوضع الأمني قبيل الانتخابات النيابية وتهديد واضح لمنطق الديمقراطية والأكثرية النيابية».

وكان لوزير الثقافة تمام سلام موقف في كلام الرئيس الأسد، إذ قال: «نعترف بأن قضية المحكمة الدولية هي لمعالجة قضية سياسية بامتياز، فاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وكل من تعرض لهذه الحملة أو لهذه السياسة العدوانية حيال لبنان على مدى سنة وسنتين كلها كانت تصب في اتجاه سياسي. لكن المحكمة عليها أن تكون موضوعية وقانونية وعدلية بكل معنى الكلمة». وأضاف: «نحن لمسنا من الإجراءات التي اتخذت إلى اليوم، وآخرها ما أفرج عنه المدعي العام الدولي القاضي دانيال بلمار من أن المحكمة تمارس دورها بالاستناد إلى القانون وإلى ضوابط شرعية، كل ذلك يؤملنا بأن هذه المحكمة لن تكون مسيسة بقدر ما ستكون محقة وعادلة، لأن هذا ما نحتاج إليه إذا كنا نطمح إلى نتائج طيبة على مستوى هذه المحكمة لردع الإجرام ولوضع حد لتماديه في بلدنا. فنحن ممن يتمسكون بموضوعية أداء هذه المحكمة».

أما على صعيد مذكرة التفاهم بين الحكومة اللبنانية والمحكمة الدولية، فقد استبعد وزير الدولة جان أوغاسابيان «نشوء تباين في المواقف في شأنها كونها مذكرة تطبيقية وإجرائية بهدف متابعة التحقيقات في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وهي ليست معاهدة أو اتفاقية دولية جديدة، بل هي أمر قانوني لا يزيد من صلاحيات النائب العام الدولي بل يستند إلى الاتفاق بين لبنان والأمم المتحدة وبنود النظام الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان». وأشار إلى «وجود إمكانية للتفاهم على صيغة جديدة ترتكز على ما ورد حرفيا في النظام الأساسي للمحكمة الدولية من دون زيادة أو نقصان، ما يحقق الانسجام بين ما ورد في النظام ومذكرة التفاهم» آملا «التوصل سريعا إلى هذه الصيغة المناسبة لرفعها إلى مجلس الوزراء ومناقشتها وإقرارها».

من جهته، ذكَّر وزير السياحة إيلي ماروني بأنه «عندما تقرر تأليف اللجنة التي ستبحث مذكرة التفاهم بين لبنان والمحكمة الدولية كان الاتفاق على ألا تستغرق أعمالها أكثر من أسبوع.

لأن نص التفاهم بين النائب العام والمحكمة الدولية هو في صميم نظام المحكمة. ومن الضروري أن يقر هذا الأمر في مجلس الوزراء حتى لا تكون هناك عراقيل في وجه انطلاقة المحكمة».

إلى ذلك، دعت ندوة المحامين في حزب «الكتائب اللبنانية» إلى تجمع في بهو قصر العدل في بيروت وبلباس المحامين، عند الثانية عشرة من ظهر اليوم «لمناسبة انطلاقة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في الأول من مارس (آذار) 2009 وبدء أعمالها تمهيدا للكشف عن الجناة والمرتكبين والمحرضين والآمرين في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر الشهداء الأحرار».