عمر سليمان: يجب الاتفاق على القضايا المتاحة وتشكيل حكومة غير فصائلية

مدير المخابرات المصرية يطلق بحضور أبو الغيط وموسى عمل لجان الحوار الفلسطيني في القاهرة

TT

افتتح الوزير عمر سليمان مدير المخابرات المصرية، أمس في القاهرة عمل اللجان الخمس لرأب الانقسام القائم منذ 21 شهرا. وطالب سليمان ممثلي الفصائل والمستقلين المشاركين في هذه اللجان بضرورة التوصّل إلى اتفاق على القضايا المتاحة وتأجيل القضايا المستعصية إلى وقت لاحق.

وقال سليمان إن الظروف العربية والدولية الراهنة مهيأة لإنجاح الحوار الفلسطيني. مؤكدا على أهمية تشكيل حكومة توافقية غير فصائلية قادرة على الاتصال والتواصل مع العالم لخدمة قضايا رفع الحصار وإعادة الإعمار والتمهيد للانتخابات، بما يستلزم أن يكون أعضاؤها من ذوي الكفاءة العالية والروح الوثابة للعمل والإنجاز في هذه الظروف الصعبة.

وتابع، أن باقي اللجان هي تأكيد للثوابت الفلسطينية التي اتفق عليها في وثيقة الوفاق 2006، وحوار القاهرة 2005. مضيفا «إن تنفيذ هذه الثوابت هو التزام لكل الفصائل سيأتي مع الوقت والزمن، والمتابعة الفاعلة من الجامعة العربية التي سيكون لها دور أساسي في تطبيق ما يتم الاتفاق عليه.

ودعا وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الذي شارك في الافتتاح إلى جانب عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، إلى تغليب المصلحة العليا على المصالح الحزبية. وقال أبو الغيط إن العمل السياسي هو وسيلة لتحقيق الغاية، وليس غاية في حد ذاته. وأن النضال والكفاح والمقاومة كلها وسائل لتحقيق الغاية. وعبر عن أمله في أن «يحدونا أمل كبير في أن تتحلوا جميعا بالمرونة المطلوبة، وبروح الثقة، وأن تسيطروا على الخلافات في الرؤى وتنحّوها جانبا، وأن تناقشوا كافة الموضوعات ونصب أعينكم مصلحة فلسطين، وستجدون في مصر كما عهدتم دائما السند القوى والدعم المخلص والعون الذي لا ينضب». وأشار وزير الخارجية إلى أن الرؤى والأساليب قد تختلف، وقد تتعارض بل وتتناقض، لكنه استبعد وجود خلاف على الهدف، وهو بزوغ الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وأكد موسى على ضرورة إنهاء الانقسام ودعم الجامعة العربية للجهود المصرية من أجل إنجاح الحوار وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، والعمل على إعادة وضع القضية الفلسطينية على سلم أولويات المجتمع الدولي. واعتبر موسى، المصالحة أمراً رئيسياً في مسار العمل العربي المشترك والتحديات التي تطرحها إسرائيل وعدوانها ورفضها المطلق للدخول في سلام عادل منصف يقوم على أساس دولتين ذات سيادة.

وعقب جلسة الافتتاح باشرت اللجان الخمس وهي المصالحة ومنظمة التحرير والأجهزة الأمنية والانتخابات والحكومة، أعمالها التي ستتواصل حتى 20 من مارس الجاري، من أجل التوصل إلى تفاهمات على أساس ورقة المبادئ المصرية واتفاق القاهرة ووثيقة الوفاق. وأكد موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في تصريح له قبيل اللقاء أن فرصة نجاح الحوار كبيرة هذه المرة. معرباً عن اعتقاده بأن الجميع أمام منعطف، ومن الضروري العمل من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني كله، خاصة وأن هناك تمثيلا كاملا من كل الفصائل. وأعرب عن أمله في أن يخرج الحوار بنتائج جيدة على كل المسارات.

وأعرب عضو اللجنة المركزية لفتح، عن أمله في أن تحقق جلسات الحوار التوافق، وتنجز مصالحة تنهي الانقسام.

وقال خالد البطش القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي «إن الآليات التي وضعت لعمل اللجان لن تسمح لأي فصيل بعرقلة عملها، خاصة أن كل لجنة تضم ممثلين عن كل الفصائل، بالإضافة إلى مراقبين من مصر والجامعة العربية».

وقال الدكتور ياسر الوادية ممثل الشخصيات المستقلة في الحوار القاهرة إن المستقلين والأكاديميين ورجال الأعمال وعلماء المسلمين وممثلي مؤسسات المجتمع المدني، بحثوا سلسلة من اللقاءات مع وفدي فتح وحماس ومسؤولين مصريين، سبل تذليل أي عقبات تعترض مشوار المصالحة. وأشار الوادية إلى أن سلسلة الاجتماعات أكدت إصرار الجميع على الوصول إلى الوفاق الفلسطيني لمواجهة التحديات القائمة ومعالجة الملفات العاجلة التي ينتظرها الشعب الفلسطيني كله في الداخل والخارج. وتحدث وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، عن وجود عوامل تدعو للتفاؤل بنجاح الحوار، في مقدمتها تداعيات العدوان الدموي على قطاع غزة وتصاعد الضغط الشعبي باتجاه التوافق، وطي ملف الانقسام، والسير في إعمار قطاع غزة، والتقارب العربي، والجدية في إنهاء الخلافات العربية قبل قمة الدوحة وتولي إدارة أميركية جديدة. واعتبر الدكتور واصل أبو يوسف الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية أن الوقت الذي خصّصته مصر لعمل اللجان كافٍ، لأنه في حالة توفر الإرادة الصادقة. وأضاف أن الأمر لا يحتاج لأكثر من يوم أو بضعة أيام.

وقال إن اللجان التي تم الاتفاق على تشكيلها هي لجنة حكومة.. والمهمة الأساسية لهذه اللجنة تشكيل حكومة «توافق وطني» تكون مهمتها الأساسية تسيير الأمور في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وإعادة الإعمار، والإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في يناير (كانون الثاني) 2010.

ووصف مسؤول مصري رفيع المستوى القضايا الخلافية المطروحة على مائدة الحوار بأنها معقدة جدا وتحتاج إلى جهد كبير، ونوايا صادقة من كافة التنظيمات والفصائل الفلسطينية. مؤكدا «أن مصر لن تفرض على التنظيمات الفلسطينية أجندة معينة لحل هذه القضايا، لكنها ستطرح رؤيتها وخبرتها الطويلة عليهم للاستعانة بها». واستبعد أن تتحقق من خلال الحوار عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عملية الحسم العسكري في قطاع غزة بشكل حرفي.

وقال «نحن نأمل في أن يتم تشكيل حكومة توافقية جديدة في أبريل (نيسان) المقبل، ببرنامج مقبول فلسطينيا ودولياً وتترأسها شخصية مستقلة مدعومة من جميع التنظيمات». وأضاف «ليس لدينا مانع من اشتراك عناصر من حماس أو فتح فيها، بشرط عدم توليهم وزارات السيادة، وإسنادها لشخصيات مستقلة حتى يتعامل معها المجتمع الدولي والأميركيون والأوروبيون لتجنّب أخطاء الماضي.

وتركت القاهرة للجنة الحكومة التي يشارك فيها من فتح نبيل شعث، ومن حماس يوسف الحية، مهمة التوافق حول طبيعة هذه الحكومة، غير أنها أوصت بأنه في حالة التوافق على حكومة فصائلية، فيفضل ألا تكون الأسماء المشاركة فيها لشخصيات بارزة حتى تنال قبول المجتمع الدولي. يذكر انه بينما تفضل فتح أن تكون الحكومة «تكنوقراطية» الطابع، خصوصا أنها ستشرف على تنظيم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تفضل حماس حكومة وحدة فصائلية تحظى بدعم كافة القوى السياسية. وستعمل لجنة المصالحة التي يمثل فتح فيها إبراهيم أبو النجا وحماس نزار عوض الله، بحل جميع القضايا الخلافية العالقة بين فتح وحماس في مقدمتها ملف المعتقلين والأجور والحملات الإعلامية المتبادلة وتنقية الأجواء بين الطرفين. ويعد ملف المعتقلين هو الأكثر تعقيدا، إذ تؤكد حماس أن هناك ما لا يقل عن 330 من كوادرها في سجون السلطة، ترد فتح بالقول إن حماس تعتقل العشرات من كوادرها.

ويوجد توافق بين فتح وحماس على إصلاح الأجهزة الأمنية (نصر يوسف عن فتح وإسماعيل الأشقر عن حماس) على أساس معيار الكفاءة والمهنية وليس الانتماء الفصائلي، وعلى أن تكون هذه الأجهزة حيادية وبعيدة عن أي تجاذبات سياسية.

ولجنة الانتخابات التي يمثل فتح فيها عزام الأحمد وحماس محمود الزهار: معنية بالإعداد التقني للانتخابات التشريعية والرئاسية المتزامنة والتوافق حول تفاصيل تلك الانتخابات مثل النظام الانتخابي الذي ستجري بمقتضاه الانتخابات ومتى ستعقد.

وستكون مهمة اللجنة الخامسة وهي لجنة منظمة التحرير التي يمثل فتح فيها زكريا الأغا وحماس موسى أبو مرزوق: مهمتها التوافق حول أسس وترتيبات إعادة هيكلة وإصلاح منظمة التحرير، بما يسمح بانضمام كل الفصائل إليها (حماس والجهاد)، انطلاقا من تفاهمات مارس 2005 بين فتح وحماس، ومن التمسك بالمنظمة باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني المعترف به دوليا.