مقتل شرطي قرب بلفاست بعد 48 ساعة من مقتل الجنديين.. واعتقال مشتبه به

جماعة إيرلندية جمهورية تتوعد بالمزيد من الهجمات ضد المصالح البريطانية

شرطيان يمران بالقرب من حائط كتبت عليه الأحرف الأولى لمجموعة «الاستمرارية في جيش التحرير الايرلندي» التي أعلنت مسؤوليتها عن مقتل الشرطي أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد 48 ساعة من مقتل جنديين بريطانيين في حادثة هزت الاستقرار في إيرلندا الشمالية بعد عقد من توقيع اتفاقية سلام هناك، صدمت بلفاست أمس بأنباء مقتل شرطي مساء أول من أمس في منطقة ذات أغلبية كاثوليكية شمال إيرلندا. وأفاد بيان للشرطة الإيرلندية الشمالية حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن الشرطي، ستيفن كارول، قتل مساء أول من أمس برصاصة في الرأس في الأقل، بعدما لبى نداء استغاثة وتوجه إلى ليسمور مانور وهي منطقة تقطنها غالبية جمهورية في كريغافون قريبة من بلفاست. وهي أول عملية اغتيال تستهدف شرطيا منذ عشر سنوات في هذه المنطقة. و«جناح الاستمرارية» هو من المجموعات المنشقة عن الجيش الجمهوري الإيرلندي بعد قرار الأخير التخلي عن الكفاح المسلح في 2005 في سياق عملية سلام. ويطالب «جناح الاستمرارية» بإلحاق المقاطعة البريطانية بإيرلندا معارضا الموالين البروتستانت الذين يطالبون ببقاء إيرلندا الشمالية ضمن المملكة المتحدة. وكانت أبرز مجموعة منشقة عن الجيش الجمهوري الإيرلندي «الجيش الجمهوري الإيرلندي ـ الحقيقي»، تبنت الاعتداء الذي تسبب مساء السبت الماضي في مقتل جنديين بريطانيين قرب بلفاست.

وبعد أن أعلنت مسؤوليتها عن مقتل الشرطي، توعدت جماعة إيرلندية جمهورية بالمزيد من الهجمات «ما زال هناك وجود بريطاني» في إيرلندا الشمالية. وأعلنت شرطة إيرلندا الشمالية أمس أنها اعتقلت فتى عمره 18 عاماً فيما يتصل بهجوم أسفر عن مقتل شرطي في ساعة متأخرة أمس الاثنين. وأفاد بيان الشرطة بأنه «يتعاون مع الشرطة حاليا فيما يتعلق باستفساراتها». وحذرت سياسية كاثوليكية من شمال إيرلندا دلوروس كيلي من «أننا ننظر إلى الهاوية» في حال تصاعدت وتيرة العنف. وأوضح ناطق باسم وزارة الداخلية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» أن «حالة الإنذار من الإرهاب ارتفعت في إيرلندا الشمالية». ورداً على سؤال حول إذا كانت السلطات البريطانية تخشى من حوادث مشابهة في انجلترا وعلى شكل أخص العاصمة البريطانية حيث كان يقوم «الجيش الإيرلندي الجمهوري» في السابق بهجمات، اكتفى الناطق بالقول إن «حالة الإنذار لم ترفع في إنجلترا». وطالبت الدوائر الحكومية البريطانية بتوجيه كافة الاستفسارات حول التطورات في إيرلندا الشمالية إلى الدائرة المختصة بشؤون إيرلندا الشمالية. ومن جهته، أكد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أمس أن إيرلندا الشمالية «لن تعود» إلى الماضي، مشدداً على الالتزام بعملية السلام التي تم التوقيع عليها عام 1998. وأدان براون «القتلة» الذين أطلقوا النار على الشرطي بعد 48 ساعة من مقتل جنديين في عطلة نهاية الأسبوع. وكرر «لا عودة إلى الأيام الماضية». وأضاف: «إنهم قتلة يحاولون إخراج عملية سياسية تجري لمصلحة الشعب وإيرلندا الشمالية، عن مسارها وتقويضها». إلا أن «جماعة استمرارية الجيش الجمهوري الإيرلندي» المنشقة ذكرت في بيان نقلته وسائل إعلام إيرلندية: «ما دام هناك وجود بريطاني في إيرلندا ستستمر هذه الهجمات».

وذكر سياسيون بروتستانت وكاثوليك أن تجدد العنف لن يخرج عملية السلام عن مسارها. وكان الجيش الجمهوري الايرلندي ـ الذي حارب الحكم البريطاني لعقود من الزمان ونال تأييد الأقلية الكاثوليكية في إيرلندا الشمالية ـ اتفق مع جماعات مسلحة بروتستانتية مؤيدة لبريطانيا على وقف إطلاق النار بموجب اتفاق سلام عام 1998 . وظهر أرفع سياسيين في إيرلندا الشمالية، الوزير الأول بيتر روبنسون، ونائب الوزير الأول مارتن ماغينيس في مؤتمر صحافي أمس، حيث وقف ماغينيس الذي كان يقود «الجيش الإيرلندي الجمهوري» سابقاً في حملته ضد الدولة البريطانية، إلى جانب خصمه السابق روبنسون وتعهد بمساعدة الشرطة حتى إلقاء القبض على الواقفين وراء الجريمة. واعتبر ماغينيس الجناة «خونة لجزيرة إيرلندا». وحثت ماري مكاليس رئيسة إيرلندا الناس التقدم بمعلومات مضيفة «بلغوا الشرطة وانضموا لصناع السلام لوضع نهاية لهذا الجحيم على الأرض». وخصصت الشرطة الإيرلندية خطوط هاتف خاصة للذين يريدون أن يدلوا ببلاغات حول المتورطين في العملية. وفي تغيير عن مواقفه السابقة، طالب ماغينيس الإيرلنديين بـ«مطالبة الجميع، وأي شخص لديه أي معلومات حول هذه الجرائم بتزويد الشرطة بها، شمالا وشرقا». وكان ماغينيس خلال حملة الجيش الإيرلندي الجمهوري بين عامي 1970 و1997 الحملة التي دعمت قتل الشرطة وكان يشدد على أهمية التزام الشعب الإيرلندي بالصمت في تلك الفترة مما ساعد على نجاح عمليات الجماعة الانفصالية.

وتم الإعلان عن تأجيل سفر روبنسون وماغينيس للمرة الثانية إلى الولايات المتحدة، حيث كان من المرتقب أن يلتقيا بالرئيس الأميركي باراك أوباما يوم 17 مارس (أذار) الحالي. وفي لندن، أعلن وزير شؤون إيرلندا الشمالية شون وودوارد أمس أن «السياسيين في إيرلندا الشمالية أوضحوا لنا الطريق الوحيد إلى الأمام في وجه الهجمات الإجرامية». وأضاف في بيان صادر صباح أمس أن السياسيين «قدموا اتحاداً في الأهداف من خلال الوقوف إلى جانب مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون».