قياديون بعثيون يرفضون مبادرة الحكومة العراقية للمصالحة.. ويصفونها بـ«الفخ»

«جناح الدوري» لـ«الشرق الأوسط»: المالكي حكم عليها بالفشل عندما وصفها بأنها طي لصفحة مظلمة

TT

أجمعت أطراف معارضة للحكومة العراقية على عدم جدية الدعوة التي أطلقها نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي لهذه الأطراف من اجل إجراء مصالحة وطنية، واتفقت هذه الأطراف على أن هذه الدعوة تأتي «بدفع من الإدارة الأميركية».

وتحدثت «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، أمس، مع ثلاثة أطراف تعارض العملية السياسية في العراق، وهي حزب البعث جناح عزة الدوري، وحزب البعث جناح محمد يوسف الأحمد، فضلا عن هيئة علماء المسلمين في العراق، التي تعد أكبر هيئة سنية معارضة للحكومة العراقية وللوجود الأميركي في العراق. ودعت الحكومة العراقية إلى مصالحة شاملة مع معارضيها شملت بها البعثيين، لكنها استثنت جناح عزة الدوري وتنظيم «القاعدة» وهيئة علماء المسلمين. ووضعت شروطا للمصالحة أولها التنديد بنظام صدام حسن والاعتراف بالعملية السياسية الجارية في البلاد. واعتبر الكاتب السياسي نزار السامرائي، عضو حزب البعث جناح الدوري، من دمشق، دعوة المالكي بأنها «كمين كبير الهدف منه اعتقال البعثيين أو تصفيتهم كما حدث ويحدث باستمرار، حيث اعتقل عدد كبير من رفاقنا البعثيين، كما تم اغتيال عدد كبير من الضباط العسكريين البعثيين وغير البعثيين»، مشيرا إلى أن «هذه الدعوة تزامنت مع حملة عسكرية شرسة لاعتقال البعثيين أو من يشك بأنه بعثي في بغداد وديالى وباقي المحافظات العراقية».

وأضاف السامرائي قائلا «كيف لنا أن نثق بدعوة رئيس الحكومة العراقية ونعود إلى البلد وسط هذه الحملات؟»، منوها إلى أن هذه الدعوة «لا تستند على أي أسس لان تجعلنا نعتبرها بداية حقيقية لمثل هذه الدعوة»، مشيرا إلى أن «المالكي كان حكم منذ البداية بالفشل على دعوته هذه عندما وصفها بأنها (عبارة عن طي صفحة مظلمة)، ونحن ما كنا في يوم من الأيام صفحة مظلمة ولن نكون».

وبين السامرائي شروط المصالحة بقوله «إنهاء الاحتلال الأميركي، إلغاء العملية السياسية التي جاء بها الاحتلال، إلغاء الدستور الذي يوصف من قبل المالكي نفسه وأطراف سياسية أخرى بأنه مليء بالألغام، وإيقاف ملاحقة البعثيين، وإلغاء هيئة اجتثاث البعث وقانون المساءلة والعدالة وعودة منتسبي الجيش العراقي الوطني والأجهزة الأمنية، والبدء من جديد على أن تكون المقاومة هي المعبر عن إرادة الشعب العراقي».

ونوه السامرائي إلى أن «البعث هو ليس شجرة مزروعة على قارعة الطريق ويمكن اجتثاثها في أي وقت بل هو فكر وتجربة نضالية عميقة في المجتمع العراقي وتاريخه السياسي، وان عدد أعضاء الحزب يزيدون على المليونين وهناك تنظيمات قوية داخل العراق».

وقال عضو حزب البعث، جناح الدوري، إن دعوة المصالحة هذه «جاءت بضغط من الإدارة الأميركية على الحكومة العراقية لحل مشاكلها التي لن تحل بوجود المعارضة، بل لن يستقر الوضع في العراق بوجود أعداد كبيرة من المهجرين في الخارج، والذين تقول الحكومة إنها تريد إعادتهم حتى تفتح في كل مدينة سجنا مركزيا مثلما سجن بغداد وتزجهم فيه».

من جهته، وصف مزهر مضني عواد، عضو القيادة القطرية في حزب البعث، جناح محمد يونس الأحمد،، دعوة الحكومة العراقية لإجراء المصالحة بأنه «كلام لغرض الاستهلاك الإعلامي»، مشيرا إلى أن «المستشار الإعلامي للمالكي، ياسين مجيد، أكد بان مثل هذه المصالحة لن تتحقق، بينما قال المالكي أول من أمس في اجتماع للعشائر العراقية بأنه لا يمكن أن يبقى عراقي خارج العملية السياسية، إذن هم يناقضون أنفسهم بأنفسهم»، وطالب عواد «بتطبيق الديمقراطية الحقيقية وإلغاء المحاصصة الوطنية وقرارات الحاكم الأميركي بول بريمر»، مشيرا إلى «أننا أدركنا انه لا عودة لموضوع الحزب الحاكم وانفراد أية جهة لوحدها بالحكم».

وأكد الدكتور محمد بشار الفيضي المتحدث الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين التي يترأسها الدكتور حارث الضاري، أن «مشاريع المصالحة التي تطلقها الحكومة العراقية غير جادة وقد تعودنا على مثل هذه الدعوات»، مستندا في رأيه على «التجارب التي خضناها مع الحكومة، خاصة مؤتمري القاهرة الأول والثاني، إذ توصلنا إلى نتائج وقرارات وتوصيات سرعان ما نقضتها الحكومة نفسها».

وأوضح الفيضي قائلا إن «المصالحة التي تريد الحكومة إجراءها جاءت بضغوط من الإدارة الأميركية، والحكومة لا تسعى إلى إنجاح الحوار أو المصالحة، لهذه تجري مثل هذه الدعوات وتقول فيما بعد إن المعارضة لا تريد المصالحة».

ويرى الفيضي أن «المصالحة مع الحكومة قد فات وقتها لأنها تورطت بدماء العراقيين وسرقة أموال الشعب»، وأضاف أن رؤية رئيس الحكومة العراقية تستند إلى مقولته، بأن «القطار قد انطلق ولا نريد العودة إلى الوراء، ومن أراد أن يلتحق فأهلا وسهلا، ومن أراد أن يتخلف فذنبه على جنبه».

وكان المالكي قد أعلن خلال مؤتمر لقبيلة العبيد في بغداد أول من أمس أن مبادرة «المصالحة الوطنية التي تعرضت للتشكيك باب مفتوح للجميع لكن فيه تدقيق حتى لا نعود للعنصرية والتمييز بين مكونات الشعب». وأضاف «لا نريدها أن تكون مخالفة دستورية في الحديث مع الذين أجرموا بحق الشعب وسفكوا دماء العراقيين كما أنها ليست عودة للماضي».