وزير العدل يستغرب الاعتراضات على التشكيلات القضائية ويلفت إلى ضرورة احترام استقلال القضاء اللبناني

ردود الفعل تتوالى على تحذيرات الأسد من «تسييس» المحكمة الدولية

TT

ما زالت أصداء تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد عن تسييس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تلقى المزيد من المواقف المحذرة من التهديدات التي تضمنتها، خصوصا لجهة إعلانه أن لبنان سيكون أول من سيدفع ثمن تسييس المحكمة، وأنه سيدخل مرحلة من اللا استقرار. وفي غضون ذلك استمر السجال حول التشكيلات القضائية وسط استغراب وزير العدل إبراهيم نجار للاعتراضات السياسية عليها.

ورأى النائب محمد عبد اللطيف كبارة (قوى 14 آذار) في تصريح له، أن كلام الرئيس السوري «يحمل تهديدا بالويل والثبور وعظائم الأمور»، وقال: «إن الأسد لم يقُل لنا كيف يمكن تسييس المحكمة،، ومن يسعى إلى تسييسها. ولماذا لم يفصح عن طبيعة هذا التسييس؟». وأضاف: «ببساطة إنه (الأسد) هو الذي يسعى إلى تسييس عمل المحكمة الدولية، بمعنى أنه يسعى إلى طلب ضمانات تحدد سقف الاتهام الذي يمكن أن تصل إليه بحيث لا يطال كبار المسؤولين في النظام السوري. هذا هو التسييس بعينه، وليس هناك أي تسييس آخر لعمل المحكمة،، لذلك هددنا الأسد بأن لبنان سيكون أول المتضررين إذا كان هناك تسييس للمحكمة، وفق حرفية كلامه».

ورأى كبارة أن «الأسد يقصد تماما أنه إذا اتهمت المحكمة الدولية قيادات سياسية في النظام السوري باغتيال الرئيس الحريري أو التورط في الاغتيال، فإن لبنان سيدفع الثمن. وعليه يتبين أن الرئيس السوري ما زال يهدد بضرب لبنان إذا اتهم نظامه السياسي باغتيال الحريري، مما يكشف حجم توتر الجاني كلما اقتربت ساعة الحقيقة. أما التهديد السافر الثاني الذي صدر عن الأسد للبنان فهو تدخله المباشر كرئيس لسورية في خصوصيات الشعب اللبناني والنظام السياسي اللبناني». واعتبر أن «مضمون كلام الأسد يعني أنه لا قيمة للانتخابات النيابية، ولا مغزى لفوز فريق وهزيمة فريق، ولا معنى للأكثرية أو الأقلية. لبنان، في رأيه، يجب أن يحكم بالتوافق بين أطرافه قبل الانتخابات، وهذا الكلام يفتقد إلى المنطق السياسي البديهي الذي يوزع الأدوار السياسية بين أكثرية تحكم وأقلية تعارض. ولا بد من طرح السؤال: من الذي يمنح الأسد صلاحية الحديث أو إبداء الرأي في كيفية حكم لبنان؟ هل يعتقد أنه رئيس لبنان أيضا، وليس رئيس سورية فقط؟ ألا يدرك أن جيشه انسحب من لبنان ولن يعود إليه؟ إن الأسد يدرك كل هذه الأمور، لكنه لا يخفي رغبته في العودة إلى السيطرة على لبنان، سواء بعسكره مباشرة أو بمخابراته المباشرة أو بعملائه المحليين من أطراف 8 آذار. لكن حديثه عن المحكمة يعكس خوفه وخوف نظامه وسعيه إلى الحصول على تفويض عربي للعودة إلى لبنان، ويريد أن يقول للعرب: أنقذوني من المحكمة وأعيدوني إلى لبنان. ومقابل ذلك أنا مستعد للتخلي عن إيران».

إلى ذلك، استنكر رئيس بلدية حرار (عكار - شمال لبنان) خالد يوسف «الاعتداءات المتكررة» على صورة لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري مرفوعة قرب منزله في البلدة، وطالب الأجهزة الأمنية بالتحرك والتحقيق لكشف الفاعلين.

أما على صعيد التشكيلات القضائية التي كانت مادة سجالية على مدار أسبوع كامل، فقد نوّه وزير العدل إبراهيم نجار، خلال ترؤسه أمس الاجتماع الدوري للجنة تحديث القوانين، بصدور هذه التشكيلات «بعد طول انتظار ومخاض عسير». وقال: «إن المرسوم عبر ثلاث مراحل، تمثلت الأولى في ملء الشواغر في مجلس القضاء الأعلى، والثانية في فصل موضوع التفتيش القضائي عن مجمل التشكيلات، والثالثة تتصل بكيفية صدور المرسوم».

وأشاد بـ«الموقف الداعم» لرئيس الجمهورية ميشال سليمان، وبـ«المواقف الجريئة التي اتخذتها نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس، ودعوتهما المتكررة إلى إنهاء حالة عدم التوازن في السلطة القضائية اللبنانية، مما شكل حافزا أساسيا للمضي قدما في إنجاز هذه المسألة».

وإذ استغرب الاعتراضات التي أثارها مرسوم التشكيلات، رأى أنه «من غير الجائز عرض التشكيلات على الفاعليات السياسية لتوافق عليها». وسأل: «كيف يمكن التوفيق بين عرض مشروع التشكيلات على الفاعليات من جهة، واحترام استقلال مجلس القضاء الأعلى من جهة ثانية؟». وقال: «انطلاقا من اقتناعي بفتح صفحة جديدة في تاريخ العدلية، أتمنى المساهمة في تحقيق الإصلاح الأوسع والأكثر شمولية، خصوصا بعدما تم اتخاذ القرار الصعب وأرست التشكيلات دعائم مهمة لإكمال الإصلاح في المرحلة اللاحقة».

هذا، وأبدى النائب السابق الدكتور غطاس خوري استياءه لإقدام «بعض وسائل الإعلام وجِهات سياسية معروفة الانتماء» على زج اسمه في التشكيلات القضائية أو نسب تدخلات له في القضاء «لا أساس لها من الصحة». واعتبر «أن هذه الشائعات المغرضة هدفها الإساءة إلى سمعتي لأسباب سياسية بحتة، لا تمتّ إلى الواقع بِصلة».