الولايات المتحدة تسعى إلى طرق جديدة لتوصيل الإمدادات إلى أفغانستان.. حتى عبر إيران

دور أكبر لجورجيا قد يقلل من الاعتماد على روسيا

سيد جواد سفير أفغانستان لدى الولايات المتحدة يسلم على بعض الحضور عقب محاضرة عامة بعنوان «الاستراتيجية الجديدة لأفغانستان» في معهد السياسات بجامعة هارفرد الأميركية (أ.ب)
TT

أفاد مخططون عسكريون ومسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» بأن الولايات المتحدة تسعى لإيجاد طرق جديدة لتوصيل الإمدادات إلى أفغانستان، على أن تتجنب المرور عبر روسيا، حتى أن خبراءها يدرسون ممرات برية مارة عبر إيران، ومن الممكن أن يستخدمها حلفاءها من حلف شمال الأطلسي «الناتو». ويرمي ذلك إلى التوسع في إيجاد دروب بديلة يمكن التعويل عليها بدلا من ممر خيبر عبر باكستان، إذ تتعرض القوافل المارة فيه إلى هجمات متزايدة من قبل طالبان. ويأتي ذلك في إطار استعداد الولايات المتحدة لاحتمال فقدان قاعدتها الجوية الهامة في قيرغيزستان. ويعكس ذلك أيضا القلق المتزايد من احتمالية استغلال روسيا نفوذها لتقويض مرور الشحنات الأميركية وقوات التحالف، التي من الممكن أن تعبر بكميات كبيرة عبر أراضيها في طريقها إلى مواقع الجنود في أوزباكستان وطاجاكستان للتوجه إلى أفغانستان. ونوه مسؤولون في الجيش والبنتاغون، إلى أن الولايات المتحدة لم تدرس مطلقا تحت أي حال من الأحوال استخدام الدروب البرية المارة عبر إيران لنقل الإمدادات الأميركية، إذ إنه مقترح بعيد الاحتمال سياسيا على أساس العلاقات شبه المجمدة بين الولايات المتحدة وإيران. وأفاد مسؤولون أميركيون أن مقترحات إدارة أوباما الأخيرة تجاه إيران - ومنها مقترح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأسبوع الماضي عقد مؤتمر في أفغانستان يتضمن إيران - لا تشمل استخدام الطرق والممرات الإيرانية. ومع ذلك، وكجزء من جهود دراسة كل طارئ، عمد مخططو الناتو إلى دراسة الممرات الإيرانية القادمة من ميناء شابهار المطل على بحر العرب، والمرتبطة بطريق جديدة أنهتها الهند مؤخرا غرب أفغانستان. وتعد هذه الطريق أكثر أمنا وأقصر مقارنة بالعبور من خلال باكستان. وقال السكرتير الصحافي بالبنتاغون جيف موريل: «في سياق التخطيط الحكيم، نظر مخططونا العسكريون إلى كل طريق يمكن تصوره فعليا لإمداد قواتنا في أفغانستان. ومع ذلك، وكما تتوقعون، فقد قاموا بهذا على أساس الجدوى اللوجيستية وليس الواقع السياسي». وكما أوضح القائد الأميركي الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي «الناتو» الجنرال جون كرادوك الشهر الماضي، أنه بالرغم من ذلك ثمة احتمالية بأن تكون الطريق عبر إيران محط اهتمام محادثات ثنائية بشأن عمليات الإمدادات التي يجريها بعض الحلفاء بالناتو، الذين لديهم علاقات مع إيران. علاوة على ذلك، فمن المعروف أن حكومة إيران طالما اتسمت علاقتها مع نظام طالبان بالتوتر، مما يرجح أنها من الممكن أن تعرض نقل الإمدادات إلى دول الناتو عبر أراضيها. وفي مقابلة أجراها في شهر فبراير (شباط) مع وكالة «الأسوشييتد برس»، أفاد الجنرال كرادوك أن الناتو لن يعارض إبرام الدول الأعضاء بالحلف اتفاقات بصورة فردية مع إيران لإمداد قواتها في أفغانستان، موضحا: «هذه الاتفاقات من شأنها أن تكون قرارات خاصة بهذه الدول، ويتعين على الناتو أن يتصرف بطريقة تتناغم مع مصلحته وقدرته على إعادة إمداد قواته. وأعتقد أن هذا الأمر يعود إليهم تماما». وظهرت الخطوط العريضة للبدائل المحتملة للطرق المارة عبر روسيا بمزيد من التفصيل هذا الأسبوع، وذلك بعد أن استضاف الجيش الأميركي مؤتمرا في باكو، في أذربيجان، ويهدف المؤتمر إلى نقل المسؤولين والمتعهدين من الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين - أذربيجان وجورجيا - ومن تركيا لتجريب ممرات الإمداد الجديدة إلى أفغانستان. ومن المتوقع أن تمر هذه الطريق من الغرب إلى الشرق عبر منطقة القوقاز، مرورا بدول آسيا الوسطى، وانتهاء بشمال أفغانستان. ورسميا، من المتوقع أن توضح الولايات المتحدة والناتو أن هذه الطريق الجديدة ستكون مكملة لخطوط النقل الترانزيت الأخرى، ولا يُقصد منها أن تكون علاجا للتقويض الروسي المحتمل، إذ تأخذ روسيا جانبا كبيرا من إمداد المهمة داخل أفغانستان. وقال عسكري أميركي: «نريد أن نتفادى أي إخفاق في أحد الجوانب، سواء كان ذلك خاصا بباكستان أو روسيا. ومن دواعي التخطيط المتعقل البسيط أن تكون لديك خطوط بديلة للاتصال».

ومع ذلك، فمن شأن أي اتفاقات جديدة لممرات عبر جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق أن تقلل من الدور المتزايد للكرملين بشأن إمداد التحالف في أفغانستان، كما من المتوقع أن تصيب القيادة في موسكو بالإحباط، خصوصا أن تضمين جورجيا كجزء من الطريق الجديدة من شأنه أن يثير حفيظة روسيا.

وأوضح مسؤولون أميركيون أن جورجيا - التي خاضت حربا مع روسيا الصيف الماضي - تتطلع إلى لعب دور في إمداد قوات الناتو في أفغانستان، وذلك في خضم سعيها لنيل عضوية الحلف، وأن تحظى بالحماية، كما أنها تطمح في فعل كل ما تستطيع لربط نفسها مع التحالف الأطلسي. وبالرغم من إبداء روسيا عزمها لدعم المهمة الأميركية والناتو في أفغانستان، فإن قادة الكرملين عرضوا بدورهم محفزات اقتصادية سخية على قيرغيزستان لطرد الأميركيين من قاعدة جوية لهم في ماناس، بعيدا عن عاصمة قيرغيزستان قليلا، إذ تمثل تلك القاعدة محورا بالغ الأهمية لنقل القوات إلى الأراضي الأفغانية، فضلا عن أنها قاعدة لطائرات الإمداد بالوقود. وصرح موريل في وقت متأخر أول من أمس أن حكومة قيرغيزستان وافقت على سفر المفاوضين الأميركيين إلى هناك خلال الأيام المقبلة للتباحث بشأن مد حقوق استخدام قاعدة ماناس. ومن المتوقع أن تكون مسألة تقديم مدفوعات إضافية محور تلك المباحثات. ومع ذلك، تعكف القوات الجوية على رسم خطط للطوارئ ترمي إلى نقل أسطول طائرات الإمداد بالوقود إلى قواعد أخرى على الخليج العربي حال فقدانها لحقوق المرابطة في قاعدة ماناس. ولاح في الأفق أن عاصمة أذربيجان، باكو، بزغت على أنها المرشحة الرئيسية للاستعاضة عن قاعدة ماناس، حال رفض حكومة قيرغيزستان إعادة النظر في سحبها لحقوق الهبوط والمرابطة في قاعدة ماناس. وأورد مسؤولون أميركيون وأذربيجانيون أن محط اهتمام مباحثات يوم الاثنين والثلاثاء ارتكز على إيجاد طريق يمكن من خلالها نقل الإمدادات من ميناء بوتي الجورجي على البحر الأسود، وبريا عبر باكو، حيث من المفترض أن تعبر الإمدادات عبر بحر قزوين إلى أكتو في كازاخستان، ثم بريا عبر أوزباكستان وصولا إلى أفغانستان. أما الطريق الأخرى المحتملة، فستتمثل في قافلة برية من ميناء تركمنباشي على بحر قزوين - في تركمانستان - لنقلها مباشرة إلى أفغانستان. هذا، وقد تم عقد مباحثات تناولت ممرات الإمداد مع مسؤولين في طاجاكستان أيضا، إحدى الدول المتاخمة لأفغانستان من جهة الشمال. وأوضح مسؤول أميركي أنه قد تمت تجربة نقل أول حمولة من الحاويات على الممر الجديد خلال الأسبوعين الماضيين، حيث تم نقل شحنات من ألواح الأخشاب القادمة من تركيا مرورا بتركيا وأذربيجان، ووصولا إلى أفغانستان. وفي مؤتمر صحافي، كان الجيش الأميركي ممثلا بمسؤولين من القيادة الأوروبية وقيادة النقل ووكالة القضايا اللوجستية الدفاعية، وتحدثوا بأن المباحثات تركزت على نقل الإمدادات غير الخطرة، أي التي لا تشمل معدات سلاح.

* خدمة «نيويورك تايمز»