موريتانيا: مناهضو الانقلاب يرفضون وساطة القذافي ويتهمونه بتمرير أجندة العسكر

الزعيم الليبي مشيراً بيده لرؤساء موريتانيا السابقين: هذا انقلب على أخيه.. وهذا كذلك

القذافي خلال حديث لممثلي الفعاليات السياسية الموريتانية في نواكشوط الليلة قبل الماضية (ا.ف.ب)
TT

أعلنت «جبهة الدفاع عن الديمقراطية» المعارضة لانقلاب 6 أغسطس (آب) الماضي في موريتانيا، أمس، عن رفضها لوساطة الزعيم الليبي معمر القذافي في الأزمة السياسية الموريتانية، وذلك بعد دعوته الليلة قبل الماضية، الموريتانيين إلى طي صفحة الماضي والتفكير فيما بعد 6 يونيو (حزيران) المقبل، أي التاريخ الذي حدده المجلس العسكري الحاكم لإجراء انتخابات رئاسية.

وقال المتحدث باسم الجبهة، محمد ولد مولود، خلال مؤتمر صحافي أمس: «لن يكون بإمكاننا البتة المشاركة في وساطة تحت سلطة ليبيا طالما لم يغير الليبيون موقفهم ولم يكفوا عن السعي لجعلنا نقبل الأمر الواقع الانقلابي». وأوضح بيان للجبهة أن تصريحات القذافي الداعمة للمجموعة العسكرية الانقلابية تشكل «إساءة كبيرة لدوره كوسيط وانتهاكا لتوجيهات المجتمع الدولي». من جهته، أعلن رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) مسعود ولد بولخير فشل الوساطة الليبية لحل الأزمة السياسية في موريتانيا، واتهم القذافي بالسعي لتمرير أجندة المجلس العسكري الحاكم. كذلك، أبدى حزب «تكتل القوى الديمقراطية» (المعارضة الرئيسية) خيبة أمله إزاء الدور الذي كان مفترضا أن يلعبه القذافي في تقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السياسية خلال الزيارة التي قام بها إلى موريتانيا لمدة أيام وانتهت أول من أمس.

وأكد زعيم الحزب أحمد ولد داداه، أن تصريحات القذافي، الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، لا تخدم التسوية، وطالب بتوفير أرضية ملائمة للحوار تقوم على أساس اعتبار بيان الهيئات الدولية مرجعية لأي مفاوضات مرتقبة والعمل على الإفراج الفوري عن سجناء الرأي كبادرة حسن نية ووقف الحملات الدعائية.

وجاءت هذه التصريحات احتجاجا على خطاب ألقاه القذافي الليلة قبل الماضية في قصر المؤتمرات بنواكشوط ودعا خلاله الموريتانيين لطي صفحة الماضي والتفكير فيما بعد السادس من يونيو المقبل، وهو التاريخ الذي حدده المجلس الحاكم لإجراء الانتخابات الرئاسية.

ودفعت تصريحات القذافي المفاجئة قادة الجبهة للانسحاب من القاعة، حيث كانوا موجودين في الصف الأمامي، مشيرين إلى رفضهم المقترح الذي شكل في رأيهم انحيازا واضحا للسلطات الحاكمة، وقال القذافي وهو يبتسم «لعل الجميع هنا يوافق».

وقال الرئيس الدوري للجبهة عبد القدوس ولد أعبيد، إن تصرفات الزعيم الليبي «تعكس عدم جديته في إيجاد صيغة توافقية بين أطراف الأزمة، وإنه ظهر على حقيقته خلال خطابه الأخير». وسارع مناوئو الانقلاب للدخول في اجتماع عاجل لتدارس الموقف الذي ينبغي اتخاذه من هذه الوساطة.

وفي المقابل استغرب رئيس حزب التجديد الموريتاني المصطفى ولد أعبيد الرحمن، انسحاب الجبهة من قصر المؤتمرات وطالب بتفهم موقف رئيس الاتحاد الأفريقي الذي عبر عنه أمام الجموع. وأبدت القوى المؤيدة لانقلاب السادس من أغسطس الماضي ارتياحها للخطوات التي تم اتخاذها في سبيل حلحلة الأزمة وفي مقدمتها تحديد موعد الانتخابات وفتحها أمام مختلف الفرقاء السياسيين. واستبق الزعيم الليبي خطابه أمام السياسيين والبرلمانيين والرؤساء السابقين في موريتانيا، باجتماع مصغر جمع ممثلين عن مختلف أطراف الأزمة السياسية ارتكز حول إمكانية إجراء انتخابات مبكرة تضع حدا للخلاف الجاري على السلطة وهو الأمر الذي قوبل برفض من طرف الجبهة وحزب تكتل القوى الديمقراطية لكونه يتماشى مع رغبة العسكريين ولا يخدم التسوية على حد قولهم. وكان الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي معمر القذافي قلل في خطابه المثير للجدل من أهمية الانتخابات وقال إنها مثل الانقلابات لكونها تطيح بالرؤساء، وأشار إلى أن الديمقراطية أفسدت العديد من المجتمعات الأفريقية لكونها تكرس الطبقية وتفرق بين أفراد المجتمع. وسخر القذافي من تعاقب الأنظمة في موريتانيا منذ الإطاحة بأول رئيس لهذا البلد المختار ولد داداه سنة 1978. وأشار بيده إلى بعض رؤساء موريتانيا السابقين قائلا وهو يبتسم «هذا انقلب على أخيه، وهذا كذلك». وأضاف: «عندما انتخب الرئيس المطاح به قالوا إن موريتانيا ستصير مثل بريطانيا والولايات الأميركية، ثم انقلبوا على الرئيس المنتخب».

وفي وقت لاحق أمس, أعلن القذافي، الذي يرأس الاتحاد الافريقي، أمس في نواكشوط، انه تم اغلاق ملف العقوبات بحق موريتانيا. وبرر ذلك باقتناعه بأن «السلطات العسكرية مصممة على إجراء الانتخابات الرئاسية في 6 يونيو (حزيران) المقبل». واضاف الزعيم الليبي اثناء مغادرته نواكشوط بعد زيارة دامت ثلاثة ايام حاول خلالها التوسط لمعالجة الأزمة السياسية: «المشكلة انتهت، الملف اغلق، لان ما يتم السعي اليه هو العودة الى الحياة المدنية».