أنصار بوتفليقة في سباق مع الزمن لإقناع العاطلين والمهمشين بالانتخاب

أثرياء يضعون فيلاتهم في خدمة جماعة الرئيس

TT

يبذل أنصار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، المرشح لانتخابات الرئاسة، مجهودات مضنية على صعيدين: الأول إضفاء حركية على مشهد سياسي لا يعكس قرب موعد الاقتراع، والثاني، وهو الأهم، استعمال كل وسائل الإقناع لدفع فئات اجتماعية إلى الاهتمام بالانتخاب، حيث ترجح السلطات أنها لن تصوت يوم الاستحقاق المنتظر بعد أقل من شهر.

وتلقى مؤيدو بوتفليقة وهم بالآلاف، توجيهات من مديرية حملة الرئيس المرشح تطلب منهم الخروج إلى المقاهي ودور الشباب، والأماكن العمومية التي يرتادها العاطلون عن العمل وحتى الأحياء القصديرية التي ترفض السلطات تصنيفها إداريا أحياء سكنية، بغرض «شرح أهمية الانتخابات الرئاسية وأثرها على مستقبل الأجيال».

وفتح رؤساء البلديات المنتمون في غالبيتهم إلى أحزاب «التحالف الرئاسي» المساندة لبوتفليقة، «مداومات انتخابية» في المئات من الأحياء بالمدن الكبيرة وطلب منهم مدير الحملة عبد المالك سلال في تعليمة موزعة عليهم منذ أسبوع، الاقتراب من الفئات التي يعتقد أنها ستعزف عن التصويت. وحوَل بعض أنصار الرئيس بيوتهم إلى «مكاتب دعاية» للانتخابات، بينما أوقف آخرون نشاطهم التجاري وفتحوا محلاتهم لفائدة حملة الترويج للاقتراع. وشوهد رؤساء المداومات الانتخابية بالبلديات يقودون قوافل من الأشخاص، يمشون في الأحياء ويدخلون المقاهي يرددون على من يلتقون بهم هذه الجملة: «أدل بصوتك .. لا تترك أحدا ينتخب في مكانك». وهو شعار يبثه التلفزيون والإذاعة الحكوميان في فواصل إشهارية بشكل متواصل. وتتوجه ما تسميه السلطات «حملة تحسيس»، بشكل خاص إلى حوالي ثلاثة ملايين عاطل عن العمل، يمثلون هاجسا بالنسبة لوزير الداخلية قائد الحملة، بحيث يسود اعتقاد قوي أنهم سيغيبون عن صناديق الاقتراع يوم 9 أبريل (نيسان) القادم. وتتخوف السلطات أيضا من «مقاطعة» عمال الوظيف العمومي (حوالي 3 ملايين) وعمال الشركات العمومية التي حلتها الحكومة وعددهم بالآلاف، وهي فئات ترى نفسها غير معنية بالانتخاب لأن التصويت، حسبها، لن يغير من أوضاعها شيئاً ولن يكون له أثر على أجورها الضعيفة. ووعد بوتفليقة قبل 10 أيام برفع الأجر القاعدي المضمون، واستحداث 3 ملايين منصب شغل في السنوات الخمس المقبلة، لإقناع «المهمشين اجتماعيا» بضرورة التصويت.

وقال عبد الكريم أبزار رئيس بلدية الحراش (الضاحية الشرقية للعاصمة)، لـ«الشرق الأوسط» إن شخصاً ثرياً محسوباً على جماعة الرئيس، فتح إقامته الفخمة لأنصار بوتفليقة بالمنطقة. وأكد أنه ينطلق في كل نهاية أسبوع من الفيلا، رفقة العشرات من أعضاء المداومة للالتقاء بالشباب في الشوارع. وقال إن بعض من التقاهم يعتبرون الانتخاب واجباً يستحق أداؤه، فيما يراه آخرون لا حدثا ويعتقدون أن السلطات سرعان ما ستنسى همومهم بعد 9 أبريل القادم. وأوضح أبزار أنه يطلب ممن يلتقيهم التوجه إلى صندوق الاقتراع من أجل التصويت، وليس التصويت على مرشحه بوتفليقة «لأن الرهان حاليا هو تحقيق نسبة مشاركة كبيرة، أما الشخص الذي سيفرزه الصندوق فلا نشك في من سيكون»، في إِشارة إلى أن بوتفليقة فائز لا محالة لكن الرئيس، حسب تصريحات سابقة، يريد فوزاً بأغلبية ساحقة وبمشاركة واسعة للمسجلين في قوائم الانتخاب والذين يصل عددهم إلى 20 مليونا. يشار إلى أن 5 مرشحين «سينازعون» بوتفليقة كرسي الرئاسة. وتبدو إمكانيات غالبيتهم ضعيفة قياسا إلى ما يملكه الرئيس المرشح، حيث اكتفوا بفتح عدد قليل من المكاتب الدعائية في الولايات الكبيرة. ويقوم الاتحاد العام للعمال الجزائرية (أبرز نقابة بالبلاد) بمساع حثيثة لحمل الآلاف من العمال المحالين على التقاعد الإجباري، بسبب غلق مؤسساتهم، إلى التصويت عبر الفروع النقابية المنتشرة بكثرة في المناطق الصناعية.