السعودية تشدد على إدانتها للإرهاب بكافة صوره وتستعرض تجربتها في مكافحته عن طريق تنشيط الحوار

في كلمتها أمام اجتماع مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف

TT

شددت المملكة العربية السعودية على إدانتها للإرهاب بكل صوره وأشكاله، وتبنيها حملة توعية وطنية مستمرة لمحاربة الإرهاب والفكر المتطرف، وأكدت أنها من أوائل الدول التي نجحت تجربتها في مكافحته عن طريق تنشيط الحوار من خلال المؤتمرات والفعاليات الحوارية وتقديم القيم الحقيقية للدين الإسلامي، ودعمها مبادرات إقليمية ودولية، حيث حققت التجربة السعودية في مكافحة الإرهاب نجاحات كبيرة من خلال تبني برامج فكرية وحوارية حظيت بإشادة عالمية وتمت الاستفادة منها في عدد من الدول الكبرى، كما شددت على مواصلة التزامها بمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ودعمها للمجتمع الدولي في مكافحته لهذه الآفة.

جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية أمس أمام اجتماع مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف حيال البند الثالث لأعمال المجلس المعني بمكافحة الإرهاب، حيث أوضحت أنها نهجت استراتيجية وقائية تتمثل في تعزيز قيم العقيدة الإسلامية، وأهمية التسامح، واستراتيجية علاجية اعتمدت على تشجيع أولئك الذين ينساقون مع المنحرفين في أفكارهم المتطرفة لكي يتخلوا عن آرائهم من خلال تعايش صريح، وبناء جسور الحوار. ولتطبيق هذه الاستراتيجية اعتمدت المملكة مجموعة من الإجراءات لمكافحة الإرهاب تهدف إلى القضاء على الفكر المتطرف.

وأشارت إلى أنها نفذت برنامجا مكثفا لإعادة التأهيل وتقديم النصح «برنامج المناصحة» الموجه للسجناء المتورطين في قضايا أمنية من خلال تعاطفهم أو دعمهم للمتطرفين، ويضم البرنامج أكثر من مائتي مرشد شرعي ومتخصصين في علم الاجتماع وعلم النفس يشاركون في تقديم النصح للسجناء في كافة أنحاء المملكة، وذلك لتبصيرهم بالأحكام الشرعية الصحيحة، وتقديم نصائح نفسية واجتماعية لهم، وإشراكهم في حوار ديني شامل ومكثف، حيث حظي البرنامج بإشادة الخبراء المعنيين وأسر السجناء بالتأثير الإيجابي لهذا البرنامج، كما تبين ذلك من خلال تغير سلوك كثير من السجناء واعترافهم بأخطائهم وانتهاكهم للمبادئ الإسلامية، وأن نسبة 90 في المائة من الأشخاص الذين شاركوا في هذا البرنامج تخلوا عن آرائهم المنحرفة وغادروا السجون، وأما أولئك الذين عادوا لنشاطاتهم السابقة، فهم قلة قليلة لا تتجاوز نسبتهم 1 في المائة.

وبينت السعودية أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تبنت برنامجا توعويا مستقلا عبر الإنترنت عنوانه «حملة السكينة»، يقوم فيه نخبة من الدعاة والمشايخ والمتخصصين بمحاورة من يحملون أفكارا تكفيرية وآراء منحرفة عبر المواقع والمنتديات والمجموعات على شبكة الإنترنت، لنشر المنهج المعتدل والتصدي للأفكار والمناهج المنحرفة وبناء شخصية إسلامية متوازنة، حيث حققت الحملة نجاحا ملحوظا يتمثل في إعلان أكثر من 900 شخص من المملكة وعدة دول في العالم ممن كانوا يحملون أفكارا «تكفيرية وآراء منحرفة» تراجعهم عن الفكر التكفيري والفكر المتطرف، بالإضافة إلى تدشين الحملة موقعا إلكترونيا باللغتين العربية والإنجليزية لمحاربة التطرف والفكر المنحرف والتكفير، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والرد على شبهات المنحرفين فكريا، وشرح موقف الشريعة في المسائل الخلافية.

وأظهرت أن وزارة الشؤون الإسلامية أسست خطا استشاريا ساخنا لتلقي المكالمات من الأسر التي تناقش السلوك المشكوك فيه ممن تأثروا بالفكر المتطرف، كما أنشأت الوزارة خطوطا ساخنة أخرى للحوار والمناصحة مع من يحملون أفكارا تكفيرية وآراء منحرفة، كما أطلقت الوزارة حملة التحصين ضد الإرهاب، وتهدف إلى تحصين الشباب ضد الآراء التكفيرية المنحرفة، وتبنت الوزارة برامج تأهيلية وتثقيفية لإعادة تأهيل الأئمة والخطباء في المساجد.. والتأكد من عدم استغلال المساجد لنشر الفكر المتطرف أو التعصب والكراهية تجاه الآخرين، وحثهم على ترسيخ منهج الوسطية المعتدل من خلال الخطب والكلمات الوعظية، وأشارت إلى ما قامت به وزارة التربية والتعليم من توفير لبرامج تدريبية خاصة لتشجيع التسامح الديني لزيادة الوعي بين المعلمين.

كما أبرزت المملكة اهتمامها بالحوار، حيث أنشأت مركزا للحوار الوطني، لتوفير البيئة الملائمة الداعمة للحوار بين فئات ومكونات المجتمع السعودي، لما يحقق المصلحة العامة ويحافظ على الوحدة الوطنية ومعالجة القضايا الوطنية، من اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وتربوية وغيرها، خلال قنوات الحوار الفكري وآلياته، وترسيخ مفهوم الحوار وسلوكياته، وتوسيع المشاركة لأفراد المجتمع وفئاته في الحوار الوطني، وتعزيز دور مؤسسات المجتمع بما يحقق العدل والمساواة وحرية التعبير في إطار الشريعة الإسلامية، ومن تلك اللقاءات الكبرى التي نظمها المركز على مستوى المملكة، اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري بعنوان «الغلو والاعتدال.. رؤية منهجية شاملة»، واللقاء الوطني الرابع بعنوان «قضايا الشباب.. الواقع والتطلعات» واللقاء الوطني السادس بعنوان «التعليم.. الواقع وسبل التطوير».

وأشارت إلى دور المؤسسات الشرعية والعلماء والدعاة القيادي في محاربة الأفكار المتطرفة والمنحرفة، وترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال في إصدار البيانات والفتاوى حول خطورة التسرع في التكفير والقيام بالتفجير، وإصدار النشرات والمطويات والشرائط والأقراص المدمجة والخطب والمحاضرات والندوات التي تسلط الضوء على خطورة هذه الآفة من كافة جوانبها، وكذلك إنشاء هيئة كبار العلماء موقعا رسميا للفتاوى على الإنترنت، لتكون حصنا للمسلمين ضد الفتاوى التي أصدرتها الجماعات الإرهابية، ولضمان صدور الفتاوى عن علماء مؤهلين.

وخلصت الكلمة، مستعرضة الحملة التوعوية الضخمة التي أطلقتها المملكة ضد الإرهاب وشاركت فيها الجهات الحكومية في جميع المناطق لتوعية المواطنين والمقيمين بمفهوم الإرهاب ومصادره والتحذير منه، وبيان مخالفته لتعاليم الإسلام، وتوضيح مخاطره على المستوى الفردي والوطني والدولي والإنساني دينا ودنيا.