باكستان: الشرطة تقمع أول يوم من «المسيرة الطويلة» بالهراوات.. والمتظاهرون يدعون لاستقالة الرئيس

الهند قلقة من توتر الوضع السياسي في إسلام آباد وواشنطن تتحرك في محاولة للسيطرة على الوضع

عناصر من الشرطة الباكستانية يلقون القبض على أحد المحامين خلال التظاهرة التي بدأت أمس في كراتشي (أ.ف.ب)
TT

أطلقت الحكومة الباكستانية العنان أمس لقوات الشرطة للتصدي للمتظاهرين، أملا في الحيلولة دون بدء المسيرة الاحتجاجية من كراتشي، وذلك في غمرة تعاظم المخاوف المتعلقة باستقرار البلاد السياسي. واشتبكت الشرطة مع المتظاهرين في أول يوم من «المسيرة الطويلة» التي أطلقها المحامون ونشطاء سياسيون في المعارضة من مدينة كراتشي وصولا إلى إسلام آباد، ليطالبوا بإعادة القضاة الذين كان أقالهم الرئيس السابق برويز مشرف إلى مناصبهم.

وفي كراتشي، هاجمت الشرطة المتظاهرين وانقضت عليهم بالهراوات، واعتقلت العشرات من النشطاء السياسيين والمحامين الذين وصلوا إلى مبنى المحكمة بالمدينة لبدء مسيرة احتجاجية طويلة على مدى 1500 كيلو متر من كراتشي، على أمل أن يصلوا إلى إسلام آباد خلال أربعة أيام. وأغلقت الشرطة جميع الطرق المؤدية من كراتشي، وتم نشر أكثر من 400 رجل أمن على مدخل كراتشي الواقع على الطريق السريع القومي الرابط بين مدينة كراتشي الجنوبية وإسلام آباد. وقال مسؤول بارز بالشرطة لـ«الشرق الأوسط» إنه قد تم توجيه أوامر صارمة لقوات الأمن بعدم السماح لأي متظاهر بالخروج من كراتشي لبدء مسيرة على مدار أربعة أيام. واستمرت إجراءات قوات الأمن الصارمة ضد النشطاء السياسيين والمحامين في إقليم البنجاب، حيث أكد مسؤولو قوات الأمن الإقليميون اعتقال أكثر من 450 ناشطا سياسيا في إقليم البنجاب وحده. وفرضت الحكومة الباكستانية حظرًا على التجمعات السياسية في أكبر إقليمين بالبلاد البنجاب، والسند، وكان يتعين على المسيرة الاحتجاجية ـ التي نظمها على نحو مشترك المحامون الباكستانيون وحزب الرابطة الإسلامية الذي يتزعمه نواز شريف ـ المرور عليها. وأدت المسيرة الاحتجاجية وقرار الحكومة باستخدام قوات الشرطة ضد النشطاء السياسيين والمحامين إلى اضطراب سياسي عبر جميع أرجاء البلاد. وفي وضع مضطرب مثل هذا، تعالت أصوات متزايدة تعبر عن قلقها إزاء الاستقرار السياسي بالبلاد. وأجرى ريتشارد هالبروك، المبعوث الأميركي الخاص لباكستان وأفغانستان، اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني، معبرًا له عن قلقه إزاء الوضع الراهن بالبلاد. وعقدت السفيرة الأميركية آن بترسون اجتماعا مع رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف، وناقشت معه الوضع السياسي بالبلاد. وبعد الاجتماع، حث نواز شريف رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني على المضي قدما والمساعدة على حل الاضطراب السياسي الحالي بالبلاد. وانصب غضب المتظاهرين تجاه الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، زوج رئيس الوزراء التي اغتيلت بي نظير بوتو التي كانت تحظى بشعبية كبيرة بين الباكستانيين. وفي نقطة بداية المسيرة الاحتجاجية، رفع المتظاهرون الشعارات المنددة بزرداري، والمطالبة باستعادة القضاة الذين عزلهم الرئيس السابق برويز مشرف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007. وكانت عبارة «ارحل زرداري ... ارحل» هي الشعار الذي رفعه المتظاهرون في الوقت الذي كانت قوات الشرطة تتصدى لهم وتعتقلهم بمدينة كراتشي. وتم اعتقال رمزين سياسيين بارزين في كراتشي وهما: غفور أحمد من الجماعة الإسلامية والمحامي البارز، بالإضافة إلى منير مالك. إلا أن الشرطة لم تعترض حافلة المحامين والناشطين السياسيين الذين استهلوا رحلتهم من كيتا متوجهين إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد. وقاد المسيرة الاحتجاجية المنطلقة من كيتا علي أحمد كرد ـ رئيس المحكمة العليا ورئيس حملة المحامين. ولدى حديثه مع الإعلاميين، قال علي أحمد كرد بأن مسيرة المحامين الطويلة والوقفة الاحتجاجية ستكون سلمية تماما، مضيفا أنهم لم يكونوا يريدون من الحكومة الديمقراطية شيئا سوى استعادة كل القضاة المعزولين بما فيهم افتخار محمد تشودري. ومن المتوقع أن ينضم نواز شريف إلى المسيرة الاحتجاجية من لاهور، التي تبعد 300 كيلو متر عن إسلام آباد. وحذرت وزارة الداخلية الباكستانية نواز شريف من المشاركة في أي تظاهرة عامة، حيث توصلت أجهزة الاستخبارات الباكستانية إلى معلومات تفيد بوجود تهديد خطير على حياته. وتم توصيل تحذير وزارة الداخلية الباكستانية إلى نواز شريف عبر خطاب تم إرساله إليه قبل أيام قليلة. وأوضح شقيقه شاهباز شريف أن ثمة شخصيات في الحكومة ترغب في تصفية نواز جسديا. ووسط هذه الفوضى في باكستان، أعربت الهند عن قلقها من أن الاضطراب السياسي في إسلام آباد قد يؤثر في الوضع الأمني لديها. وذكرت شبكة تلفزيون نيودلهي نقلا عن مصادر حكومية أن اللجنة الأمنية بمجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء مانموهان سنج قامت بتقييم الوضع في باكستان، وقالت إنه يمكن أن تكون له تداعيات على الوضع الأمني في المنطقة. وتشعر الهند بالقلق حيال الوضع في باكستان، حيث يؤثر الإرهاب العابر للحدود في الهند بشكل مباشر. فقد كانت هجمات مومباي التي قتل فيها ما يربو على 170 شخصا من بينهم 25 أجنبيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من تنفيذ جماعة عسكر طيبة التي تتخذ من باكستان قاعدة لها.

وصرح وزير خارجية الهند براناب موخيرجي بأن نيودلهي تريد أن تنعم جارتها بالسلام، لأن عدم الاستقرار في باكستان سيؤثر في الحرب ضد الإرهاب. وأضاف موخيرجي قائلا: «إنه لأمر ضروري أن تكون ثمة هناك حكومة مستقرة فاعلة ومسؤولة حكومة تكون في وضع يسمح لها بمواجهة الأنشطة الإرهابية في الداخل الباكستاني والتصدي لعمليات تصدير الإرهاب إلى الخارج». وأضاف: «لكن كيفية حل المشكلات الداخلية في باكستان أمر يخص الشعب الباكستاني والسلطات هناك».