غيتس: الفشل الاستخباري في العراق يجعلنا حذرين بشن أي هجوم استباقي جديد

الحكومة العراقية تتسلم بشكل كامل ملف قوات الصحوة أول أبريل

TT

أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، في مقابلة، أن الولايات المتحدة ستكون أكثر حذرا في شن أي هجوم استباقي جديد بعد الفشل الاستخباري في الحرب على العراق.

وردا على سؤال لشبكة «بي بي إس» حول موقف الرئيس السابق جورج بوش لجهة شن هجمات استباقية لمواجهة تهديدات إرهابية، أجاب غيتس أن «العبر المستقاة من الأخطاء التي ارتكبت حول وجود أسلحة دمار شامل (في العراق) وأمور أخرى حصلت، تدفع أي رئيس جديد لأن يكون شديد الحذر، في ما يتعلق بإشعال هكذا نزاع أو بالاعتماد على (المعلومات المقدمة من) وكالات الاستخبارات».

وكانت الاستخبارات الأميركية زودت الرئيس السابق جورج بوش بمعلومات تؤكد وجود صلات بين نظام صدام حسين وتنظيم القاعدة وكذلك امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وهذه المعلومات التي تأكد لاحقا أنها خاطئة، استند إليها بوش في تبرير غزو العراق في 2003.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية أكد وزير الدفاع الأميركي أن أي رئيس مقبل «سيطرح الكثير من الأسئلة الصعبة» قبل أن يوافق على شن هجوم مماثل، مضيفا «أعتقد أن هذه الحواجز (التي تحول دون شن هجوم مماثل) هي أكثر بكثير اليوم مما كانت عليه قبل ست أو سبع سنوات».

وأوضح غيتس الذي شغل في ما مضى منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أنه باتت هناك اليوم معايير أكثر تشددا بكثير يجب توافرها قبل التفكير في شن عمل عسكري وقائي.

وقال «أعتقد أن الحاجز الأول الواجب اجتيازه سيكون: هل سنتعرض لاعتداء هنا في ديارنا؟»، مشددا على أن «نوعية المعلومات الاستخبارية» ستكون أيضا عاملا حاسما في قرار شن هجوم استباقي أو عدمه.

وأكد غيتس الذي انضم إلى الإدارة السابقة في 2006، أي بعد اندلاع الحرب في العراق، أن تلك الإدارة ارتكبت خطأ جسيما بتوقعها أن مدة الحرب ستكون قصيرة، مشددا على أن الجيش الأميركي تلقن دروسا قاسية من التجربة العراقية.

وقال «أعتقد أن غالبية الناس توافقني الرأي بأنه كان هناك سوء تقدير واضح لجهة التوقعات التي قالت إن الأمور لن تجري بالطريقة التي جرت بها لاحقا وبأننا لن نتورط لفترة طويلة».

وأضاف «أعتقد أن هذا كان أحد أكبر الأخطاء التي ارتكبت. أعتقد أننا ببساطة لم نتوقع يومها أن هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى نزاع طويل ضد حركة تمرد ولقد تبين جليا بأنه كذلك».

وأعلن العراق والولايات المتحدة، الأحد، انسحاب لواءين أميركيين، أي 12 ألف جندي، في تسريع لانسحاب القوات الأميركية من هذا البلد، المقرر إنجازه نهاية 2011.

من جهة أخرى، أعلن الجيش الأميركي أن الحكومة العراقية ستتسلم بشكل كامل ملف قوات مجالس الصحوة التي تحارب تنظيم القاعدة والجماعات المتشددة، البالغ عددها حوالي تسعين ألفا في الأول من أبريل ( نيسان) المقبل.

وقال المتحدث باسم الجيش الأميركي الكولونيل جيفري كولمر، الخميس، «لقد سلم الجيش الأميركي مسؤولية حوالي 82 ألف من عناصر الصحوة إلى السلطات العراقية في ثماني محافظات منذ بدء العملية في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي».

وأضاف في بيان أن «الباقين من قوات الصحوة وعددهم عشرة آلاف مقاتل في محافظة صلاح الدين، شمال بغداد، سينتقلون إلى سيطرة الحكومة في الأول من أبريل المقبل، وقد بدأت عملية تسجيل نقلهم».

ويطلق الأميركيون على قوات الصحوات تسمية «أبناء العراق» في إشارة إلى أفراد العشائر العربية السنية والمسلحين السابقين.

واعتبارا من أواخر عام 2006، عمل الجيش الأميركي على تشكيل مجالس الصحوة أو الإسناد في مناطق العرب السنة بشكل رئيسي بحيث أصبح عددها يناهز المائة والثلاثين مجلسا تابعين لبلدات ومدن ونواحٍ في شمال وشرق وغرب بغداد.

وأضاف «أن الحكومة العراقية تستعد لتسلم مسؤولية ما تبقى من أبناء العراق (الصحوة) من قوات التحالف». وتساهم قوات الصحوة في مناطق العرب السنة غرب بغداد ووسط العراق وشماله في تراجع أعمال العنف بعد أن رفع عناصرها السلاح في وجه من قاتلوا في صفوفهم سابقا.

ووفقا للاتفاقية الأمنية المبرمة بين بغداد وواشنطن، فإن الجيش الأميركي سينسحب من المدن والبلدات والنواحي بحلول 30 يونيو(حزيران) المقبل، على أن ينسحب من العراق نهائيا أواخر عام 2011.

وكان الرئيس الأميركي باراك اوباما حدد موعد سحب القوات الأميركية المقاتلة في أغسطس (آب) 2010.

وتبدي بغداد ثقتها حيال إمكانية تسلم المهام الأمنية تدريجيا من القوات الأميركية البالغ قوامها حاليا 140 ألف جندي.

وقال المالكي خلال زيارته إلى استراليا «فيما يتعلق بانسحاب القوات الأميركية، «أعتقد أن العراقيين سيكونون قادرين على تولي مسؤولية الوضع بأكمله».

وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الاسترالي كيفين راد «إذا استثنينا هذه العمليات الوحشية التي أوقعت عددا كبيرا من الضحايا، فإن القاعدة والمتطرفين والإرهابيين خسروا قدراتهم على مواجهة وتحدي قوات الأمن».

وكان يتحدث عن هجومين انتحاريين يومي الأحد والثلاثاء أسفرا عن مقتل 61 شخصا.

وقد تحسنت الأوضاع الأمنية بشكل ملحوظ اعتبارا من أواخر عام 2007، وهو العام الذي شهد مقتل 17 ألفا وخمسمائة عراقي في أعمال العنف. وانخفضت أعداد القتلى عام 2008 إلى أقل من سبعة آلاف. وقال كولمر «نقترب من نقل مسؤوليتهم إلى الحكومة، يجب التركيز على ضرورة حصولهم على وظائف».

وبحسب البيان، «تعهد المالكي بضم 20 في المائة من قوات الصحوة إلى صفوف قوات الأمن العراقية» فيما انخرط مئات منهم في قوات حماية المنشآت النفطية التي شكلت حديثا لحماية البنى التحتية الحيوية. ومن المقرر منح 80 في المائة وظائف إدارية في مختلف الوزارات أو الهيئات الحكومية.

وأضاف أن «عملية التسليم تسير وفق وتيرة تضمن لنا الحفاظ على الأمن». وتبقى قوات الصحوة هدفا لتنظيم القاعدة، بسبب دورهم المهم في إعادة الحياة إلى شوارع بغداد والمحافظات.

وقد ظهرت قوات الصحوة للمرة الأولى منتصف سبتمبر(أيلول) 2006، في محافظة الأنبار حيث استطاعت خلال أشهر قليلة طرد تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة التي تدور في فلكه، الأمر الذي شجع الجيش الأميركي على تطبيق هذه التجربة في محافظات أخرى.