فرنسا تستقبل الرئيس اللبناني الاثنين.. لتجديد دعمها له

باريس تشدد على شفافية الانتخابات ونزاهتها.. وتريد المراقبين الدوليين قبل يوم الاقتراع

TT

استبقت باريس وصول رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان إليها بعد ظهر يوم الاثنين القادم في زيارة دولة هي الثالثة من نوعها لرئيس جمهورية لبناني إلى فرنسا منذ الاستقلال، لتؤكد أنها ستغتنمها فرصة «لإعادة تأكيد التزامها الشامل بالعمل لمصلحة وحدة لبنان واستقلاله وسيادته وسلامة أراضيه»، واصفة لبنان بأنه «بلد حليف وصديق».

وقالت الخارجية الفرنسية في بيان أصدرته أمس إن «أعلى السلطات الفرنسية» أرادت عبر استقبال الرئيس اللبناني «تجديد تأكيدها على الدعم الكامل للدولة اللبنانية وللرئيس سليمان»، بعدما نجح لبنان في العودة إلى درب الحوار عقب اتفاق الدوحة. وشددت فرنسا على ضرورة «التنفيذ الكامل والشامل» لمضمون هذا الاتفاق الذي وفر للبنان «الاستقرار المؤسساتي وهدأ من وطأة النزاعات»، مشيرة بشكل خاص إلى استحقاق الانتخابات التشريعية في شهر يونيو (حزيران) القادم، فشددت على ضرورة أن تحصل في «مناخ من الاستقرار ووفق معايير الديمقراطية».

وهيأت السلطات الفرنسية للرئيس اللبناني الذي سيبقى في فرنسا ثلاثة أيام، برنامجا حافلا بما في ذلك عشاء دولة في قصر الإليزيه وصعود جادة الشانزليزيه التي سترفع عليها الأعلام اللبنانية ووضع إكليل زهر على ضريح الجندي المجهول ولقاءات تشمل الرؤساء الفرنسيين الأربعة (الجمهورية والحكومة ومجلسي النواب والشيوخ) فضلا عن استقبال رسمي في القصر البلدي في باريس وإقامة في قصر الضيوف المسمى قصر مارينيي الملاصق للقصر الرئاسي.

وإلى الجانب البروتوكولي الاحتفالي، ستكون الزيارة مناسبة لمراجعة الملفين اللبناني والشرق أوسطي بوجوههما كافة. وقالت مصادر دبلوماسية أمس في معرض تقديمها للزيارة إنه «لا يتعين انتظار الإعلان عن أشياء مهمة خلال الزيارة»، باعتبار أن زيارة رئيس الحكومة فرنسوا فيون في الخريف الماضي إلى لبنان «وفت بالغرض» بعد توقيع اتفاق عسكري وإطار للتعاون الاقتصادي، ناهيك عن الاتفاقات الثقافية. ومن هذه الزاوية، فإن الأهمية الأولى للزيارة هي رمزية وسياسية. وقالت المصادر الدبلوماسية الفرنسية إن المسؤولين الفرنسيين «سيركزون على كيفية مساعدة لبنان» في الملفات التي ستطرح وكذلك «مواكبته» في المراحل والاستحقاقات القادمة. وفي الموضوع الانتخابي، حرصت باريس على تأكيد التزامها مسافة واحدة من كل الأطراف اللبنانية نائية بنفسها عن التدخل بشأنها ورافضة الحديث عن «الكتلة الثالثة» بحيث أعادت الكرة إلى ملعب اللبنانيين. إلا أنها في المقابل شددت على «شفافية» الانتخابات وعلى ضرورة أن تتم «بهدوء» وتحت إشراف دولي وتحديدا من قبل مراقبين أوروبيين. وفي هذا السياق، أشارت هذه المصادر إلى أنه من المهم أن تتم الرقابة «ليس فقط في يوم الانتخابات بل قبل حصولها كذلك». ونفت هذه المصادر أن تكون لديها «مخاوف» من النتائج معربة عن أملها بأن «تقبل الأطراف كافة» حكم صناديق الاقتراع. والأهم أن باريس ترى في الانتخابات «فرصة لاختبار صلابة اتفاق الدوحة» والتزام كل الأطراف به. وأشارت باريس أنها «غير معنية» بما يمكن أن يقوم من تحالفات بعد الانتخابات معتبرة أنه «ليس بالضرورة أن تفضي الانتخابات إلى إعادة إنتاج حكومة كالحكومة الحالية»، لكن المهم أن «تعمل الطوائف اللبنانية معا وأن تعكس الحكومة القادمة تنوع لبنان».

ولم يفت المصادر الفرنسية الرسمية أن تشدد على ضرورة تطبيق القرار الدولي رقم 1701 بفقراته كافة، بما في ذلك تخلي حزب الله عن سلاحه، لكنها وضعت ذلك في إطار الحوار الوطني اللبناني. واللافت كان أن هذه المصادر تساءلت عن اللحظة المفيدة التي يتعين على لبنان أن يلج معها في مفاوضات غير مباشرة أو مباشرة مع إسرائيل «من أجل الحفاظ على مصالحه» ومن أجل «الانخراط في السلام الإقليمي». وقالت هذه المصادر: «إذا استؤنفت المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل، هل عليه أن يدخل بدوره في مفاوضات غير مباشرة أم عليه انتظار تحولها إلى مفاوضات مباشرة؟». وخلاصة باريس أنه «في لحظة من اللحظات، يتعين على لبنان أن يثير المسائل التي تهمه مع إسرائيل وأن يدخل في عملية السلام الإقليمي». غير أن باريس ترى أن المؤشرات المتوافرة لا تظهر رغبة نتنياهو في استئناف التفاوض مع سورية.

وتناولت المصادر الفرنسية موضوع المحكمة الدولية من الزاوية التي أثارها الرئيس السوري بشار الأسد، وهي تخوُّفه من تسييسها وتأثير ذلك على لبنان. وترى باريس أنه «لا خوف على لبنان من انطلاق المحكمة» التي قال عنها إنه أصبح لها «حياتها المستقلة»، وتعمل وفق المقتضيات والمعايير القانونية وبعيدا عن التسييس. وكشفت هذه المصادر أن السلطات السورية «لم تثر موضوع المحكمة» مع باريس «لأنها فهمت أن لا إمكانية للتأثير عليها وهم لا يطلبون منا ذلك». وإذ رحبت باريس مجددا بالانفتاح الأميركي على دمشق متمنية أن يكون ذلك لصالح تسوية العلاقات السورية - اللبنانية وإيجاد حلول لملفات الأسرى والحدود والسلاح، فإنها أعربت عن تمسكها بأساسيات العلاقة مع دمشق ومنها عمل المحكمة الدولية. ونقلت باريس عن جيفري فيلتمان الذي مر بها يوم الاثنين الماضي«إيجابيته» إزاء الحوار الذي أجراه في دمشق الذي «شمل المواضيع كافة» التي تهم واشنطن ودمشق (لبنان، حماس، العراق، العلاقات العربية، إيران...) وتأكيده أن «خطوات أخرى ستتبع» لقاءات دمشق. وتعتبر باريس أن أحد أهداف الانفتاح على سورية عربيا وأوروبيا وأميركيا هو إفهامها أن «ثمة إمكانيات وسياسات أخرى غير التحالف مع إيران».