الماء المتجمد وراء حادثتي طائرتي «بوينغ 777»

في تقريرين أميركي وبريطاني

TT

أبدى خبراء الطيران العالمي مخاوفهم بشأن سلامة تحليق طائرات «بوينغ 777»، بعد نشر تقريرين أميركي ثم بريطاني، يشيران إلى وجود خلل في تصميم محركاتها من طراز «آر بي 211 سلسلة ترينت 800» التي تنتجها شركة «رولز رويس». وقد تسبب هذا الخلل، الذي يعزى إلى تجمد الماء داخل الوقود ومنع تدفقه، في حادثتي طيران العام الماضي. وقال مجلس سلامة النقل الوطني الأميركي في تقريره، إن وقوع حادثتي طيران خطيرة في عام واحد يشير إلى أن وقوع حادثة جديدة لهذه الطائرة «أمر كبير الاحتمال»، وطلب من شركة «رولز رويس» إعادة تصميم هذا المحرك، واختبار التصميم الجديد وإجازته خلال 12 شهرا، بينما طالب تقرير «هيئة التحقيقات في حوادث الطيران» التابعة لوزارة النقل البريطانية، من «بوينغ» و«رولز رويس» إعادة النظر في تصميم الطائرة. وقد وقعت الحادثة الأولى في 17 يناير (كانون الثاني) من العام الماضي عندما هبطت طائرة للخطوط الجوية البريطانية كانت تقل 152 شخصا في رحلة لها من بكين، اضطراريا على بعد 305 أمتار من مدرج مطار هيثرو في لندن. ونجم الحادث عن فشل التحكم الآلي واليدوي بمحركي طائرة «بوينغ 777-200 إي آر». وقد نجا الركاب بأعجوبة بعد تمكن قائد الطائرة من الهبوط بها. وفي حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» قال الناطق الصحافي باسم الهيئة البريطانية في لندن، إن هذا هو التقرير المؤقت الثاني حول هاتين الحادثتين، إذ أشار التقرير المؤقت الأول في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى دور الماء المتجمد في الخلل أما التقرير الجديد فيشير إلى أن السبب الأكثر احتمالا في هذه الحادثة هو تجمد الماء الموجود داخل الوقود واندفاع بلوراته، ودورها في منع تدفق الوقود نحو المحركين وتوقفهما عن العمل. وأشار التقرير إلى أن تجمد الماء، الذي يوجد طبيعيا في وقود الطائرة، حدث في نطاق درجات الحرارة التي تعمل فيه الطائرة، التي دخلت الخدمة عام 1995. ولذلك فقد طالب باتخاذ اللازم لمنع الماء من التجمد وإغلاقه لممرات تدفق الوقود نحو المحركات. ويوجد 70 جزءا من الماء طبيعيا في كل مليون جزء من وقود الطائرة الذي يتدفق من الخزانات عبر أنابيب تمتد لمسافة 15 مترا. أما حادثة الطيران الثانية فقد وقعت في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي لرحلة طيران «دلتا 18» من شنغهاي نحو مدينة أتلنتا الأميركية، حيث توقف عمل المحرك الأيمن للطائرة عندما كانت على ارتفاع 39 ألف قدم، إلا أن الطائرة تغلبت على الخلل عند هبوطها حتى ارتفاع 31 ألف قدم، ثم هبطت بسلام.

وتعرف خبراء التحقيقات البريطانيون على الخلل المدمر في محرك «ترينت 800» بعد أن وضعوا نماذج مختبرية لمحاكاة عملها في ظروف درجات الحرارة المنخفضة التي حلقت فيها الطائرة. ورصدوا تراكم الثلج في داخل الأنابيب التي تمد المحرك بالوقود.

ويمكن لبلورات الثلج هذه أن تتحرك فجأة عند زيادة تدفق الوقود أو لدى التعرض لمطبات هوائية، وتندفع نحو أداة يطلق عليها «المبادل الحراري للوقود/الزيت». ويصمم مدخل هذا المبادل الحراري عادة على شكل شبكة من مئات الثقوب الصغيرة التي يمكن لبلورات الثلج إغلاقها، الأمر الذي يقود إلى منع تدفق الوقود، وإلى توقف المحركين عن العمل.. الواحد بعد الآخر.

وتفند حقيقة أن أداة واحدة بمقدورها أن تتسبب في توقف كلا المحركين، كل مزاعم صناعات الطيران بوجود ظهير لكل نظام مهم للسلامة في الطائرات، أي أداة مساعدة للطوارئ. لكن عدم توصل التقرير البريطاني إلى نتائج قاطعة بأن السبب يكمن في أداة التبادل الحراري، يعني أن تغيير «رولس رويز» لهذه الأداة قد لا يزيل الخلل في تصميم «بوينغ 777».