بطاقة الهوية تحل مكان «البطاقة الانتخابية».. في محاولة لتفادي التزوير في الانتخابات النيابية

اعتمادها أثار جدلا بسبب عدم تمكن جميع الناخبين من استصدارها قبل يوم الاقتراع

TT

تتسم الانتخابات النيابية في لبنان بطابع خاص يميزها عن الانتخابات في سائر دول المنطقة، كونها تندرج في إطار السعي إلى التغيير وتداول السلطة. ولطالما كانت هذه الانتخابات نوعا من «الانقلاب الديمقراطي» على المستوى السياسي. وتتكون الانتخابات عادة من آلية ونتائج. وإذا كانت النتائج تحسم الخيارات، فإن الآلية لم تجد يوما إجماعا حولها في لبنان، خصوصا على صعيد لوائح الشطب وما تورده من أسماء متوفين وما تحجبه من أسماء لأصحاب الحق في الاقتراع، وما تستدعي من تأخير في التصحيح، أو على صعيد الالتزام بالعازل أو عدم الالتزام به، أو على صعيد حجز البطاقات الانتخابية تارة بضغط من السلطة وطورا بتصرف من بعض الموظفين المسيَّسين الذين يغلِّبون ولاءهم السياسي على الولاء المهني، وغير ذلك من الشوائب.

وبما أن البطاقة الانتخابية كانت على الدوام مثار شكوى من المواطنين والمرشحين للانتخابات في ضوء ما تنطوي عليه من إمكانية تزوير وخداع، تم الاتفاق في إطار التعديلات التي أجريت على قانون الانتخاب اللبناني في اتفاق الدوحة، على العودة إلى الاقتراع بموجب بطاقة الهوية الممغنطة. وبعد التدقيق في سجلات وزارة الداخلية ولوائح الشطب، تبين أن هناك نحو 700 ألف لبناني لم يحصلوا بعد على بطاقة الهوية. وكان هذا الأمر كافيا ليدفع وزير الداخلية زياد بارود إلى استنفار كل أجهزة الوزارة من أجل إصدار بطاقات الهوية الجديدة للذين لم يوفقوا في الحصول عليها سابقا، إما بسبب السفر، وإما بسبب الأخطاء في البصمات التي تعتمد في تقديم طلبات الحصول على بطاقة الهوية.

ومن الإجراءات التي اتخذها وزير الداخلية، استحداث 27 مركزا لتقديم طلبات الهوية بدلا من مقر مركزي واحد، ورفع طاقة مشغل إنجاز الهوية من 3500 بطاقة إلى 7 آلاف بطاقة يوميا. وقد تراجع هذا العدد حاليا، إما بسبب وجود مسافرين في الخارج، أو بسبب تقاعس البعض، وإما بسبب عدم الرغبة في الانتظار بعد تكرار «التجارب الفاشلة» نتيجة الأخطاء في البصمات. واستدراكا لكل هذه الأسباب وغيرها، مدَّد وزير الداخلية مهلة تسلم طلبات بطاقة الهوية ثلاث مرات. وحددت المهلة الأخيرة في 25 مارس (آذار) الحالي. واستعان بـ12 جهازا الكترونيا استقدمت من ألمانيا من شأنها أن تضع حدا لأخطاء البصمة وانتظار المواطن، وأن توفر عليه حمل صوره الشمسية لضمها إلى الطلب. وهذا ما دفع كثيرين من أبناء المناطق للانتقال إلى المراكز الالكترونية في مراكز الأقضية.

والواقع أن العودة إلى استخدام بطاقة الهوية في العملية الانتخابية المقررة في السابع من يونيو (حزيران) المقبل، استدعت نقاشا طويلا وحتى جدلا بين من يصرون على هذه الوسيلة الانتخابية، وفي مقدمتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبين من يرون استحالة توافر الهوية لجميع اللبنانيين قبل موعد الانتخابات. وكان مشروع القانون الذي تقدمت به «الهيئة الوطنية لإعداد قانون الانتخاب» برئاسة الوزير الأسبق فؤاد بطرس قد أورد في بنده الثالث: «أن البطاقة الانتخابية لم تعد، ويجب ألا تبقى الوسيلة الوحيدة لعملية الاقتراع، خصوصا بعد أن أصبحت البطاقة معرضة للتزوير والبيع والشراء والحجز بأساليب متعددة. وبما أن الغاية من الانتخابات هي دفع أكبر عدد من الناخبين إلى صناديق الاقتراع، وبالتالي تأمين أكبر كثافة ممكنة من أجل أن يكون التمثيل النيابي صحيحا وسليما، فإن ذلك يفرض تأمين كل الوسائل وتسهيلها للناخب من أجل دفعه لممارسة حقه في الاقتراع. وهذا يعني الإفساح في المجال أمامه للاقتراع بواسطة البطاقة الانتخابية أو بطاقة الهوية أو إخراج القيد أو جواز السفر، أو حتى إجازة السوق إذا اقتضى الأمر». وقد يكون طرح كل هذه الخيارات من أجل تسهيل العملية أكثر مما هو للحؤول دون وقوع التزوير. ويؤكد وزير الداخلية السابق النائب أحمد فتفت لـ«الشرق الأوسط» أن «بطاقة الهوية وجواز السفر هما أفضل وسيلتين للانتخاب لأنه يتعذر تزويرهما وتحميلهما كل الشوائب التي كانت ترافق البطاقة الانتخابية. وفي الأصل كانت بطاقة الهوية هي المعتمدة في كل قوانين الانتخاب السابقة للحرب. وقد استبدل بها البطاقة الانتخابية في عام 1992 من أجل تسهيل عمليات التلاعب بالانتخابات في زمن الوصاية السورية».

ويضيف: «أما جواز السفر الأحمر الذي تقرر اعتماده للمهاجرين، فإن الحصول عليه يحتاج إلى نحو 4 أشهر. وهو ما لا يمكن تطبيقه في الظرف الراهن.