سعود الفيصل: نناشد الزعامات اللبنانية والفلسطينية أن يضعوا نصب أعينهم أن العدو ليس ابن وطنهم ولكنه من الخارج

خادم الحرمين يتسلم رسالة من نجاد نقلها وزير الخارجية الإيراني تتعلق بالعلاقات والأوضاع في الخليج والشرق الأوسط

الأمير سعود الفيصل لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني في الرياض أمس (أ.ب)
TT

تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رسالة من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، نقلها وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، خلال استقبال خادم الحرمين له ولمرافقيه في قصره بالرياض أمس. كما نقل متقي لخادم الحرمين تحيات وتقدير مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي والرئيس أحمدي نجاد، فيما حمله خادم الحرمين تحياته وتقديره للقيادة الإيرانية.

وحضر الاستقبال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي وسفير إيران لدى المملكة الدكتور سيد محمد حسيني. وقال الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحافي إن رسالة الرئيس الإيراني تتعلق بـ«العلاقات بين البلدين والأوضاع في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط».

وقالت السعودية إن الدعم الإيراني للقضايا العربية يجب أن «يكون عبر الشرعية العربية» وليس بديلا عنها، مشددة على أن هذا الدعم يجب أن يكون منسجما مع الأهداف والمواقف العربية. وجاء الموقف السعودي على لسان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل مساء أمس، في ختام زيارة للرياض قام بها وزير الخارجية الإيراني. ووصف وزير الخارجية السعودي جلسة المباحثات الثنائية التي أجراها مع متقي، بأنها اتسمت بـ«الصراحة والوضوح والشفافية المطلوبة»، وشمل البحث فيها الأوضاع في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط.

وأعرب الفيصل عن تقدير بلاده للتأييد الإيراني للقضايا العربية، لكنه قال إن هذا التأييد يجب أن يكون عبر بوابة الشرعية العربية، ومنسجما مع أهدافها ومواقفها، ويعبر عن نصرته لها، وليس بديلا عنها. وقال الأمير سعود الفيصل إن السعودية ترى أن وحدة الصف العربي والفلسطيني من شأنها دعم تحقيق هذه الأهداف الشرعية العربية، التي قال إن الجانب العربي «يثق أن إيران تشاركنا فيها». وشدد على ضرورة أن «يبذل كل من الجانبين العربي والإيراني الجهد اللازم في هذه المرحلة لضمان استقرار العلاقات وثباتها على أسس التعاون المثمر والاحترام المتبادل».

من جهة أخرى وصف الأمير سعود الفيصل قمة الرياض الرباعية التي انعقدت الأسبوع الماضي بـ«لقاء إذابة الجليد»، مشيرا إلى وجود إجماع بوضع المصلحة العربية العليا فوق كل اعتبار، وصون مصالح الأوطان والشعوب العربية، والالتزام بجوهر الحقوق المشروعة والقضايا المصيرية.

وعبر عن ارتياح بلاده لنتائج القمة الرباعية قائلا «إذا كان لقاء عدد من القادة العرب في مقر إقامة خادم الحرمين الشريفين في الكويت هدف إلى كسر الجليد في العلاقات العربية البينية، يمكنني أن أصف لقاء الرياض بأنه لقاء إذابة الجليد».

وهدفت قمة الرياض الرباعية، في إطارها العام، طبقا للفيصل، إلى «تنقية الأجواء، وخدمة المصالحة العربية، وتم فيها طرح مجمل القضايا، وتبودلت كافة وجهات النظر حيالها بكل صراحة وشفافية، وفي أجواء بناءة وإيجابية للغاية».

وساهمت القمة المصغرة بترسيخ القناعة القوية لدى قادة السعودية ومصر وسورية والكويت، بـ«أهمية نبذ أسباب الفرقة والخصام في العمل العربي المشترك، وحل المشكلات المتراكمة عبر الحوار والتشاور، وتحقيق التكاتف في خدمة القضايا المصيرية»، بحسب الفيصل.

وتحدث الأمير سعود عن اتفاق على توسيع دائرة المصالحة العربية وتكثيفها، لتوفير كل أسباب النجاح للقمة العربية المقبلة في الدوحة التي تمكنها من التعامل مع مجمل الوضع العربي وعلى الأخص على الساحات الفلسطينية والسودانية والعراقية واللبنانية، والخروج بموقف موحد ولغة مشتركة مع الأطراف الإقليمية والدولية كافة.

وأشار إلى أنه سيجري إبلاغ بقية القادة العرب بنتائج القمة الرباعية، التي أعرب عن الأمل في أن تكون أسست لمرحلة جديدة ترتقي بالعمل العربي المشترك، وتفتح الأبواب الموصدة أمام تطويره. وذكر أن المصالحة العربية لم تستكمل بعد، معربا عن الأمل في أن تستكمل قبل قمة الدوحة.

وقال حول رؤية توسيع دائرة المصالحة وما إذا كانت ستشمل العلاقات السعودية ـ الليبية، «المنازعات والخلافات العربية عديدة، نحن لا ندري ما هو النزاع السعودي ـ الليبي أولا، أي تقارب بين أي دولتين عربيتين سيسير وفق النهج الذي طرحه خادم الحرمين في قمة الكويت».

وجدد الأمير سعود وقوف بلاده قلبا وقالبا مع «جهود الحوار الوطني القائم على الساحة الداخلية اللبنانية، ومؤتمر المصالحة الوطنية بين الفلسطينيين برعاية مصر». وقال «نناشد كلا من الزعامات اللبنانية والفلسطينية أن يضعوا نصب أعينهم أن العدو ليس ابن وطنهم، ولكنه من الخارج. ومن البديهي القول إن في اتحادهم قوة وفي تفرقهم ضعف وضياع لحقوقهم الوطنية. ندعوهم إلى عدم إضاعة هذه الفرص وتكثيف الجهود لتوفير المناخات الملائمة لإنجاح كل الحوار اللبناني، والمصالحة الفلسطينية، لبلوغ أهداف تحقيق الاستقرار والأمن في البلدين وهو جزء لا يتجزأ من الاستقرار والأمن القومي العربي».

وردا على سؤال حول ما إذا فشل الفلسطينيون بحل خلافاتهم ومشاكلهم، قال «إذا لم يتفق الفلسطينيون، من الذي سيتفق بدلهم؟! إذا لم يتفقوا ستبقى الأمور منقسمة ومصالحهم ستكون في مهب الريح».

وأبدى وزير خارجية السعودية استغرابه من عدم التئام مجلس ميثاق الدفاع العربي المشترك. وعن الدعوة لإحياء هذا الميثاق أوضح «في الواقع الاتفاق العربي المشترك هو جزء مما قدمه خادم الحرمين لإصلاح عمل الجامعة العربية والقمة العربية بشكل خاص، وإضفاء صبغة الجدية والمصداقية على أعمالها، كون أن مؤسسة بهذا الحجم وهذه الأهمية من مؤسسات الجامعة لم تنعقد أمر مستغرب بحد ذاته، فالدعوة لها مستمرة، وإن شاء الله ستؤتي ثمارها».

ووصف الأمير سعود صدور مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير بأنه «أمر مسيس». وقال «كجزء من العالمين الإسلامي والعربي فإننا نستهجن صدور هذا القرار من المحكمة، وهو لن يؤدي لاستقرار السودان أو حل مشكلة دارفور، وهذا المستغرب فيه، بطبيعة الحال مسيس، وإلا لماذا يظهر في هذا الوقت وهذه الصيغة، هناك نتائج عكسية سيسفر عنها، سنقف مع السودان قلبا وقالبا، وأتوقع أن كل الدول الإسلامية والعربية ستفعل الشيء نفسه».

وحول أنباء تخفيض السعودية لتمثيلها في قمة الدوحة في حال دعيت إيران إليها، قال الفيصل «هذا غير صحيح».

وأوضح وزير الخارجية السعودي في رده على سؤال حول دور تركيا في المنطقة وتقاربها مع إيران، «أن تركيا وإيران دولتان إسلاميتان لا نرى في تقاربهما أي شيء يهدد أمن المنطقة، بل بالعكس كلما زادت الاتفاقات بين الدول الإسلامية كلما استفادت المنطقة. الدور التركي دور إيجابي ونتمنى لهم التوفيق في مساعيهم».

ونفى أنباء عن عزم واشنطن تسليم 100 معتقل يمني من غوانتانامو إلى السعودية، كما نفى أيضا أن يكون الاتصال الأخير الذي أجراه الرئيس الأميركي باراك أوباما بالملك عبد الله قد تطرق لموضوع التقارب بين واشنطن وطهران وأن يكون هدف الاتصال إطلاع السعودية على هذا الأمر.