الحكومة الباكستانية ترضخ لضغوط شريف وتعيد رئيس القضاة إلى منصبه

هجوم قرب العاصمة ينذر بالمزيد من عدم الاستقرار

TT

عاشت باكستان يوماً مليئاً بالأحداث أمس، فبينما أعلن صباح أمس إعادة تنصيب رئيس القضاة الباكستاني في منصبه، هز تفجير مدينة روالبندي مساء أمس في دليل جديد على عدم الاستقرار في البلد الاستراتيجي. وفي محاولة لإنهاء حالة الفوضى السياسية في البلاد، أعلن رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني صباح أمس إعادة رئيس المحكمة العليا افتخار محمد تشودري إلى منصبه، مع القضاة الآخرين في المحاكم العليا، الذين عزلهم الرئيس السابق برويز مشرف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007. وقال جيلاني في خطاب تلفزيوني وجهه للبلاد في الساعة السادسة صباح الاثنين: «وفاء بالوعد الذي تعهدت به وتعهد به الرئيس أعلن إعادة رئيس المحكمة العليا إلى منصبه». وأضاف رئيس الوزراء أن الحكومة ستصدر قرارا رسميا بإعادة رئيس القضاة المخلوع إلى منصبه فورا، لكنه سوف يعود لتولي مهام منصبه فعليا بدءا من الحادي والعشرين من مارس (آذار) بعد تقاعد رئيس المحكمة العليا عبد الحميد دوجار. وقبل إعلان رئيس الوزراء هذا القرار، تردد الكثير من الكلام داخل الدوائر السياسية في إسلام آباد عن إعادة تشودري إلى منصبه، ولذا عمت مظاهر الابتهاج في كافة أنحاء البلاد ليلة أول من أمس. وتجمع عدد كبير من المحامين والنشطاء السياسيين خارج مقر إقامة تشودري في إسلام آباد ورفعوا شعارات تعبر عن ابتهاجهم. واستمرت مظاهر الاحتفال لليوم الثاني، حيث قام بعض المواطنين بتوزيع الحلوى ورقصوا في الشوارع.

ودخلت قيادات حكومة حزب الشعب الباكستاني في مشاورات مغلقة ليلة الأحد، في الوقت الذي كان يتجه فيه رئيس الوزراء السابق نواز شريف تجاه العاصمة الفيدرالية على رأس الآلاف من الناشطين السياسيين والمحامين الغاضبين لبدء اعتصام أمام مبنى البرلمان يوم الاثنين. وقال رئيس الأركان الجنرال إشفاق برويز كياني، الذي شارك في المشاورات في منزل الرئيس صراحة في كلام وجهه إلى الرئيس ورئيس الوزراء، إنه يجب عليهما تغيير بعض القرارات المثيرة للجدل قبل أن يخرج الوضع خارج نطاق السيطرة. وكانت التقارير التي تفد إلى باكستان، تشير إلى أن المسيرة الاحتجاجية التي كانت متوجهة من لاهور إلى إسلام آباد، تجذب المزيد والمزيد من المواطنين، حيث كان المواطنون يخرجون من كل مدينة على امتداد الطريق من لاهور إلى إسلام آباد للمشاركة في المسيرة، التي كان يقودها شريف. واتصل جيلاني بشريف عندما كان الأخير في كاموكا، وهي مدينة صغيرة في ضواحي لاهور، وأعلمه بقرار الحكومة بإعادة تشودري إلى منصبه. وقال رئيس حزب الرابطة الإسلامي (نواز) وزعيم المعارضة في البرلمان تشودري نصار علي خان للصحافيين، إن شريف تشاور مع قيادات الأحزاب السياسية المعارضة قبل أن يدعو إلى إنهاء المسيرة. وقال شريف للمتظاهرين، إن المسيرة كانت تهدف إلى تحقيق استقلالية للقضاء، وقد تم إعادة القضاة المعزولين إلى مناصبهم، «وعليه فإن المسيرة الطويلة سوف يتم إنهاؤها». وفي كلمته، دعا جيلاني نواز شريف إلى عقد محادثات بينهما لمناقشة القضايا الأخرى ذات الصلة بتعزيز الديمقراطية في البلاد. وقال قيادي بارز في حزب الرابطة الإسلامي (نواز) في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه من المتوقع عقد اجتماع بين جيلاني وشريف. وأصدر رئيس الوزراء تعليمات إلى الحكومات داخل الأقاليم يدعوها إلى رفع الحظر على التجمعات السياسة وإطلاق سراح النشطاء السياسيين فورا. ويعتبر قرار الحكومة نصراً سياسياً لشريف، الذي أعلن من غوجرانوالا في ولاية البنجاب، فيما كان الحشد يعبر عن ابتهاجه ويغطي سيارته بأوراق الزهور «انه يوم تاريخي، يوم عظيم سيغير مصير البلاد». وبعد ساعات وبينما عمت احتفالات في جميع أنحاء البلاد، ظهر القاضي تشودري على عتبة منزله في إسلام آباد وحيا الحشود التي كانت تهتف باسمه وترشقه بالورود. واستقبلت هذه القرارات بارتياح في واشنطن الحليف الغربي الرئيسي لباكستان التي شددت الضغوط من اجل حل سلمي للازمة. وعبرت واشنطن عن ارتياحها لتفادي «مواجهة خطيرة» في هذا البلد.

من جهتها، أعلنت الشرطة أن ثمانية أشخاص على الأقل قتلوا كما أصيب 17 آخرون، الاثنين، عندما فجر انتحاري نفسه أمام مطعم في مدينة روالبندي. وذكر ناصر دوراني رئيس الشرطة «أن انتحاريا كان على دراجة نارية فجر نفسه أمام مطعم قريب من موقف سيارات أجرة» في مدينة روالبندي». وصرح عناية الله فاروقي، رئيس شرطة روالبندي «أن تسعة أشخاص من بينهم المفجر الانتحاري قتلوا وأصيب 17 شخصا». وقال إن الثمانية الذين قتلوا هم مدنيون، وأن المفجر الانتحاري كان في عربة عندما فجر العبوة الناسفة. ورجح مسؤولون أن الانتحاري كان يهدف إلى تفجير نفسه في مسيرة احتجاجية ضخمة كان من المقرر أن تجري في روالبندي وإسلام آباد أمس، وتم إلغاؤها بعد أن قررت الحكومة إعادة رئيس القضاة المقال إلى منصبه. وصرح رحمن مالك المسؤول في وزارة الداخلية «لقد تلقينا معلومات مسبقا عن احتمال وقوع هجوم خلال المسيرة الطويلة في روالبندي وإسلام آباد. أن من قاموا بهذا العمل يحاولون زعزعة استقرار باكستان».