واشنطن تدرس توجيه ضربة لطالبان في إقليم بلوشستان

الملا عمر ونوابه ينظمون الهجمات في أفغانستان من تلك المنطقة

ضابط أفغاني يحرس جوالات من المخدرات يتم حرقها تحت إشراف السلطات الأمنية في مدينة هراة، وبلغ حجم الكمية التي تم حرقها أمس نحو ألفي كيلوغرام من الهيروين والحشيش «ا.ب»
TT

يدرس الرئيس أوباما ومستشارو الأمن القومي المعاونون له توسيع نطاق الحرب الأميركية الخفية داخل باكستان إلى ما وراء المناطق القبلية بهدف مهاجمة نقطة تمركز قوية أخرى لطالبان في إقليم بلوشستان، حيث ينظم قادة الجماعة الهجمات ضد جنوب أفغانستان. وطبقاً لما صرح به مسؤولون بارزون في الإدارة الأميركية، شهدت الأسابيع الأخيرة عرض تقريرين بالغي الأهمية حول باكستان وأفغانستان على البيت الأبيض. ويدعو التقريران إلى توسيع نطاق المنطقة المستهدفة، بحيث تتضمن أحد الملاذات الكبرى للمتمردين الواقعة داخل وحول مدينة كوتا. من ناحيته، عمل الملا عمر، الذي ترأس حكومة طالبان التي أطاح بها الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد عام 2001، بحرية من داخل هذه المنطقة لسنوات عديدة، إلى جانب الكثير من نوابه. والملاحظ أن الهجمات الصاروخية المكثفة التي تشنها طائرات من دون طيار توجهها وكالة الاستخبارات المركزية اقتصرت حتى الآن على المناطق القبلية، ولم تمتد قط إلى داخل بلوشستان، وهو إقليم مترامي الأطراف يخضع لسيطرة الحكومة المركزية، ويتاخم الأجزاء الجنوبية من أفغانستان التي اندلعت بها مؤخراً أكثر الاشتباكات وأعمال القتال ضراوة. على الجانب الآخر، ما زالت هناك مخاوف لدى مسؤولي الحكومة الأميركية من أن يسفرتوسيع نطاق الغارات عن مزيد من التوتر وخاصة في ضوء الشكاوى الباكستانية من أن الضربات الأميركية تشكل انتهاكاً لسيادتها. إلا أن بعض المسؤولين الأميركيين يشيرون إلى أن الهجمات الصاروخية في المناطق القبلية، أجبرت بعض قيادات طالبان وتنظيم القاعدة على الفرار من الجنوب باتجاه كوتا، الأمر الذي جعله عرضة أكبر للخطر. وفي تقارير منفصلة، أوصت مجموعات بقيادة كل من الجنرال دايفيد إتش. بيترايوس، قائد القوات الأميركية بالمنطقة، والفريق دوغلاس إي. لوت، أحد كبار مسؤولي البيت البيض المعنيين بأفغانستان، بتوسيع رقعة العمليات الأميركية إلى ما وراء المناطق القبلية إذا ما عجزت باكستان عن سحق حركة التمرد المتنامية. علاوة على ذلك، يحث الكثير من مستشاري أوباما على الإبقاء على الأوامر التي أصدرها الرئيس جورج دبليو. بوش الصيف الماضي للمضي قدماً في الهجمات التي تشنها طائرات من دون طيار ضد مجموعة أوسع من الأهداف داخل المناطق القبلية. كما يوصي هؤلاء المستشارون بالاحتفاظ بخيار شن عمليات برية عبر الحدود، اعتماداً على وكالة الاستخبارات المركزية وفرق العمليات الخاصة، مثلما حدث في سبتمبر (أيلول). كما أشارت الأوامر التي أصدرها بوش إلى عدد كبير من المتمردين الساعين للإطاحة بالحكومة الباكستانية باعتبارهم أهدافا. من جانبه، لم يدل أوباما سوى بعدد قليل من التصريحات العلانية حول مدى اتساع الرقعة التي ينوي مطاردة مثل هذه الجماعات المتمردة في إطارها. من ناحية أخرى، رفض مايك هامر، المتحدث الرسمي باسم مجلس الأمن القومي، الكشف عن تفاصيل في هذا السياق، مكتفياً بالقول:«ما زلنا نعمل بجد على وضع اللمسات النهائية على تقرير مراجعة الأوضاع في أفغانستان وباكستان الذي طلبه الرئيس». ولم يتناول أي مسؤول آخر بالإدارة في لقاءات مسجلة هذه القضية، مبررين ذلك باستمرار التداولات داخل صفوف الإدارة والطابع السياسي الحساس لمسألة توجيه ضربات داخل الأراضي الباكستانية. وصرح أحد كبار مسؤولي الإدارة بأن:«من الإنصاف القول بأن هناك اتفاقاً واسعاً حول ضرورة الإبقاء على والاستمرار في هذه البرامج الخفية. وتتمثل أحد الأسس التي سيتم عليها وضع التوصيات المقدمة إلى الرئيس في ضرورة المضي قدماً في القضاء على الملاذات الآمنة». جدير بالذكر أن كبار مستشاري الأمن القومي المعاونين لأوباما، والمعروفين باسم «لجنة الرؤساء»، التقوا أول من أمس لبدء في مناقشة كافة الجوانب المتعلقة استراتيجية التعامل مع أفغانستان وباكستان. وقال مسؤولون بارزون في الإدارة: إن أوباما لم يتخذ أي قرارات نهائية بعد، لكن من المتوقع قيامه بذلك خلال الأيام المقبلة بعد استماعه إلى مشورة هذه المجموعة. والواضح أن أي توسيع لدائرة الحرب، سيسفر بالتأكيد عن إثارة غضب أعضاء الحزب الديمقراطي ممن يراودهم القلق إزاء تحرك أوباما نحو الانغماس بدرجة أكبر في صراع طويل الأمد في أفغانستان، رغم أن ذلك يأتي في وقت يحد من أعداد القوات في العراق. ومن المحتمل ألا يتم الإعلان قط عن القرارات التي تم اتخاذها بشأن العمليات السرية. وشدد العديد من مسؤولي الإدارة والمؤسسة العسكرية على أنهم استمروا في حث المؤسسة العسكرية الباكستانية على الاضطلاع بدورالقيادة في حملة أكثر قوة لاجتثاث جذور مقاتلي طالبان والقاعدة الذين يشنون هجمات ضد القوات الأميركية في أفغانستان ويتسببون على نحو متزايد في زعزعة استقرار باكستان المسلحة نووياً. إلا أنه في ضوء حالة الفوضى السياسية التي تعصف بباكستان، والخوف من الانهيار الاقتصادي واتساع رقعة حركة التمرد، يقول المسؤولون الأميركيون: إنه من الواضح أن واشنطن لن تتمكن من الاعتماد على القوات الباكستانية. إلا أنهم أشاروا في الوقت ذاته إلى أن كل هجوم تشنه الطائرات من دون طيار أو القوات البرية الأميركية يترك أصداءً واسعة داخل باكستان. وعليه، يعكف أوباما على دراسة التكاليف المترتبة على توسيع دائرة العمليات. من جهته، قال الأدميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الأسبوع الماضي في إطار لقاء أجراه معه برنامج «ذي تشارلي روز شو» بمحطة «بي بي إس» أن المراجعة التي يجريها البيت الأبيض للإستراتيجية المتبعة حالياً تتناول «الملاذات الآمنة في باكستان _ وضمان أن أفغانستان لا توفر قدرات على الأمد البعيد أو بيئة ملائمة لعودة القاعدة أو طالبان». إلا أن مسؤولاً آخر بالإدارة الأميركية حذر من أنه«مع اتساع رقعة الأهداف الآن، ربما يتسع الدور الأميركي داخل باكستان على نحو يتعذر على أي شخص هناك تقبله». وأشار مسؤولون مدنيون وعسكريون على صلة بالنقاش الدائر في هذا الصدد، إلى أن أوباما سيتعين عليه الاختيار من بين مجموعة من الخيارات الخاصة بمستقبل الالتزامات الأميركية داخل أفغانستان وخاصة ما إذا كان سيحد من الطموحات الأميركية هناك، بحيث تقتصر على مجرد ألا تتحول البلاد إلى ملاذ آمن للإرهابيين.

* خدمة «نيويورك تايمز»