الصابئة في العراق يحافظون على طقوس مهددة بالزوال.. وسط هجرة العشرات

احتفلوا بعيدهم ببغداد لأول مرة منذ 5 أعوام

مجموعة من الصابئة المندائيين يؤدون طقوسهم على ضفاف نهر دجلة في بغداد بمناسبة عيد الخليقة أمس (أ.ف.ب)
TT

يحاول الصابئة المندائيون، أقدم طوائف العراق، الحفاظ على وجودهم الآخذ في الانحسار وممارسة طقوسهم الخاصة بعد أن تعرضوا لأعمال عنف وتهديدات في ظل الفوضى التي سادت البلاد في الأعوام الأخيرة.

ويعود أبناء الطائفة في بغداد للاحتفال بأبرز مناسباتهم الدينية «عيد الخليقة»، الذي بدأ أول من أمس وسط أجواء هادئة نسبيا بعد نزوح أعداد كبيرة منهم إلى كردستان العراق والخارج.

ويقول الشيخ ستار جبار الحلو، رئيس الطائفة مرتديا الزي الأبيض استعدادا للاحتفال بالعيد، «إن للصابئة المندائيين أربعة أعياد، وهذا أبرزها بحيث تزول الحواجز بين الأحياء والأموات، لذا نصنع الملابس النورانية الطاهرة التي لم يحصل الإنسان عليها وهو في الحياة».

ويضيف الشيخ الحلو «وفقا لعقيدتنا، يجب تعميد المندائي قبل وفاته، أما في حالة عدم حصوله على العمادة واللباس الخاص بها، فنصنع له لباسا في هذه الأيام المباركة يرتديه حيا، كتشبيه لما كان يجب أن يحدث».وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فإن أحد الكهنة يقرأ وسط رائحة البخور العابقة في المكان مقاطع من الكتاب المقدس لدى الصائبة «كنزا ربا» أو «الكنز الكبير». ويضع المصلون تقديماتهم التي تتضمن برتقالا وتفاحا وقطعا من الدجاج قبل أن يغطس في مياه النهر.

ويقيم الكاهن طقوسه منتعلا حذاء من القصب الجاف والمجدول ممسكا بعصا خشبية. ويقف خلفه المصلون ينتظرون إشارة كاهن آخر، لتغطيسهم في مياه النهر الموحلة والملوثة، كل بدوره.

كما جلست نساء تحت سقف خشبي بينما كان أحد الكهنة يسكب مياه دجلة من كأس برونزية ليتناولن منها جرعتين قبل أن يرش بعض النقاط على الكتف من جهة الشمال من أجل مغفرة الخطايا.

وبعد ذلك، يتم ربط غصن صغير من الريحان على شكل حلقة تضعها النسوة في خناصرهن. وديانة الصابئة مزيج من المعتقدات البابلية والمسيحية والفارسية. وتكن الصابئة احتراما كبيرا للنبي يوحنا المعمدان، الذي عمد السيد المسيح في مياه نهر الأردن، وقد غادروا القدس في القرن الثاني الميلادي باتجاه بلاد ما بين النهرين هربا من اضطهاد اليهود المتشددين لهم.

ويتابع الحلو «أمنيتنا أن يعود الصابئة من المهجر، لان هذا بلدنا وارثنا وحضارتنا وثقافتنا، لكن من خرج فعل ذلك لأسباب قاهرة، فالظروف كانت قاسية وليس لدينا ميليشيات تحمينا».

ويؤكد الشيخ صاحب اللحية الطويلة الكثة «ليس لدينا منطقة جغرافية محددة لحماية أنفسنا فيها (...) نصلي لكي لا يفرغ العراق من الصابئة والمسيحيين والايزيديين والشبك، لان هذا التنوع أغناء للبلد، لكن الخوف لا يزال كامنا داخل الكثير منا».

يشار إلى أن أعداد الصابئة المندائيين كان بين 30 إلى 35 ألفا قبل عام 2003، لكنهم لا يتجاوزون الثمانية آلاف نسمة حاليا.

ويختم الحلو قائلا «نرجو من الحكومة أن تعطي الطائفة حقوقها المشروعة»، مشيرا إلى وجود «فتاوى على الانترنت من قبل بعض رجال الدين تؤكد أن الصابئة ليسوا من أهل الكتاب مما يشكل خطرا علينا ويعرضنا للابتزاز والخطف والقتل».

من جهته، يقول غزوان يحيى يوسف (25 عاما)، من المكتب الإعلامي للصابئة المندائيين والموظف في وزارة حقوق الإنسان كممثل عن الطائفة، «تتحدر أصولنا من جنوب العراق، حيث الأهوار، وأينما توجد مياه جارية يوجد الصابئة».