الكويت في اليوم الأول بعد الحل: هدوء على الساحة السياسية.. والحكومة تحصن جهازها الإداري

نائبان سابقان أعلنا عدم رغبتهما بالترشح للدورة المقبلة والغموض يكتنف قوائم التيارات السياسية

TT

أصبحت الكويت أمس على أجواء سياسية هادئة، فرضها قرار أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة خلال شهرين، إلى جانب دخولها اليوم في عطلة نهاية الأسبوع، لتعود الحياة للشارع السياسي اعتبارا من بداية الأسبوع المقبل، خاصة أن قرار الحل أتى مفاجئا لكثير من الأطراف.

وكان لافتا أمس تواتر الأنباء حول إعلان عدد من نواب البرلمان المنحل عدم خوضهم الانتخابات البرلمانية المقبلة، من بينهم النائبان السابقان رجا حجيلان المطيري وجابر المحيلبي العازمي، مقابل تأكيد عدد ممن لم يحالفهم الحظ بالفوز بالمقعد النيابي اعتزامهم خوض الانتخابات، وأبرزهم مرشح التكتل الشعبي (تجمع سياسي قبلي معارض) محمد الخليفة، والنائب الإسلامي السابق خالد العدوة، والمرشح مبارك الوعلان الذي صدر بحقه حكم من المحكمة الدستورية في سبتمبر الماضي يقضي بتجريده من عضوية البرلمان لمصلحة النائب عسكر العنزي نظرا لوجود خطأ شاب عملية جمع الأصوات في الدائرة الرابعة التي مثلها.

وعلى صعيد التيارات السياسية، لا يزال الغموض يكتنف مواقف عدد من ممثليها في البرلمان الذي حل أمس، إلى جانب قوائم مرشحيها للبرلمان المقبل، إذ تناقلت مصادر مطلعة معلومات حول رغبة النائب ناصر الصانع وهو أحد ممثلي الحركة الدستورية الإسلامية (الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في الكويت) عدم خوض الانتخابات المقبلة، إلى جانب تضارب المعلومات حول مدى رغبة زعيم كتلة السلفيين في البرلمان المنحل النائب السابق خالد العيسى الترشح للدورة البرلمانية المقبلة.

وتنظيميا، يترقب الكويتيون صدور مرسوم الدعوة للانتخابات المقبلة، التي يتوجب أن تعقد دستوريا في موعد أقصاه شهران من تاريخ إعلان حل البرلمان، ليعقبه بعد ذلك صدور مرسوم بفتح باب التسجيل أمام الراغبين بالترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما يتوقع أن يكون خلال الأسبوع الثاني من الشهر المقبل، نظرا لاستمرار عملية التسجيل في القيود الانتخابية حتى نهاية الشهر الجاري، إذ يتحتم على وزارة الداخلية الانتظار لحين تحصينها من الطعون، بعد انقضاء المدة القانونية وهي أسبوعان من تاريخ إغلاق باب التسجيل، لتتمكن الحكومة بعدها من فتح باب الترشح عقب الانتهاء من اعتماد قوائم الناخبين.

إلى ذلك، أشاد رئيس البرلمان السابق جاسم الخرافي بـ«حكمة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في حل الأزمة السياسية» التي مرت بها الكويت، «لأن حرص الأمير الدائم على المؤسسة الديمقراطية أمر ليس بغريب عليه، فقد لمسنا منه ذلك الحرص خلال حديثه الدائم عن التمسك بالدستور، كما كان لجوءه إلى حل مجلس الأمة (البرلمان) وفقا للمادة 107 من الدستور، قرارا ليس بيسير على سمو أمير البلاد، إذ اتخذه بعد أن رأى بحكمته المعهودة أن ذلك هو الحل الأمثل لما تمر به الكويت».

وأضاف في تصريح نقلته له وكالة الأنباء الرسمية بعيد إعلان أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد قرار حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة مساء أول من أمس، أن «الكويت بيد أمينة ما دام أمير البلاد ربانها وقائدها، وهو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، ولا يشك أحد في قراراته وحكمته التي عهدناها منه دائما، ونأمل أن تسود الحكمة خلال الأيام المقبلة، وأن يستفيد الجميع من الدروس والعبر المستقاة من الأزمة الأخيرة، وأن تكون مصلحة الكويت نصب أعين الجميع».

ودستوريا، ستكلف الحكومة المستقيلة التي يترأسها الشيخ ناصر المحمد، بتصريف العاجل من الأمور، لحين الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتهاء من الانتخابات وتسمية الفائزين بعضوية البرلمان المقبل، وهو ما يعني أنها ستكلف بإصدار مراسيم ضرورية تطبق بصفة فورية، لتسيير الشؤون الإدارية والرسمية والمالية، كما أعلن مجلس الوزراء وقف إجراءات التعيين والندب والترقية في الجهاز الحكومي لحين الانتهاء من الانتخابات، بهدف تحصين الأجهزة الرسمية من أن تستغل لإفادة بعض المرشحين، على حساب آخرين، وإضفاء نوع من الحيادية على التعاطي الحكومي مع جميع المرشحين للبرلمان.

كما أصدر أمين عام البرلمان علام الكندري قرارا بإنهاء ندب أكثر من 1000 موظف في البرلمان، كانوا يعملون في مكاتب النواب السابقين كموظفي سكرتارية، نظرا لحل البرلمان، ليعود الموظفون منهم إلى وظائفهم الأصلية اعتبارا من بداية الشهر المقبل، إلى جانب مطالبة الكندري النواب السابقين تسليم متعلقاتهم الشخصية من أجهزة هواتف جوالة وسيارات حصلوا عليها من الأمانة العامة بحكم مناصبهم كأعضاء في البرلمان، وذلك خلال الأسبوع المقبل، مشيرا إلى أن من يحتفظ منهم بالسيارة حتى إعلان النتائج، ستخصم قيمة استخدامها من المكافأة الشهرية التي يحصل عليها النائب السابق في حال لم يحالفه الحظ بالفوز بالمقعد النيابي.

ومن جانبه، أعلن وزير المالية في الحكومة المستقيلة مصطفى الشمالي أن مجلس الوزراء سيصدر الاثنين المقبل مرسوما بصفة الضرورة تشريع قانون الإنقاذ الاقتصادي الذي رفعته الحكومة للبرلمان المنحل، إلا أنه لم يتمكن من مناقشته وإقراره، ليدخل حيز التنفيذ، كونه أصبح حاجة ملحة ستعمل على تحسين وضع القطاع الخاص في البلاد، ودفعه لعبور أزمة شح السيولة التي فرضتها عليه الأزمة المالية العالمية، إلا أن هذا الإجراء متى ما تم فإنه سيكون مدعاة لانتقاد المرشحين للحكومة، وتصعيدهم عليها، خاصة من قبل النواب الذين أبدوا تحفظا على بعض مواده ومن بينهم قطب المعارضة النائب السابق أحمد السعدون، وهو ما عبر عنه النائب السابق الذي أعلن ترشحه للبرلمان المقبل صالح الملا (ليبرالي) بدعوته الحكومة التريث في إصدار مراسيم الضرورة.