واشنطن تدرس توسيع قوات الأمن الأفغانية

زيادة عدد قوات الجيش والشرطة إلى 400 ألف.. والتكلفة 20 مليار دولار خلال 7 سنوات

TT

أفاد مسؤولون بارزون في الإدارة الأميركية والبنتاغون، بأن الرئيس باراك أوباما ومستشاريه، قرروا توسيع القوات الأمنية الأفغانية بصورة كبيرة، أملاً في أن تتمكن قوات الجيش والشرطة الوطنية في سد الخواء الذي خلفته الحكومة المركزية، وأن تبذل المزيد من الجهد لتعزيز الاستقرار في البلاد. ومن شأن هذه الخطة التي تنتظر الموافقة النهائية من الرئيس أن تدشن السعي للوصول بقوات الجيش والأمن إلى 400.000 فرد، أي أكثر من ضعفي حجم القوات الحالي، وأكثر بمعدل ثلاثة أضعاف مقاربة بالعدد الذي توقع المسؤولون الأميركيون أن يكون كافيا عام 2002، في الوقت الذي بدا فيه أن حركة طالبان، (القاعدة) قد منيا بهزيمة نكراء. وأوضح المسؤولون أنه من المتوقع أن يوافق الرئيس أوباما على الخطة خلال الأيام المقبلة، كجزء من استراتيجية أكبر تتعلق بباكستان وأفغانستان. ومع ذلك، يبدو أن أعضاء في فريق الأمن القومي الخاص بالرئيس الأميركي تفاجأوا بالتكلفة المتوقعة لهذا البرنامج، والمتراوحة ما بين 10-20 مليار دولار على مدار الستة أو السبعة أعوام المقبلة. وبالمقارنة، تبلغ الميزانية السنوية للحكومة الأفغانية في مجملها- التي تقدم الولايات المتحدة ومانحون دوليون آخرون نسبة كبيرة منها- 1.1 مليار دولار، أي ما يعني أن الكلفة السنوية للبرنامج ستبلغ ضعفي تكلفة مباشرة حكومة حميد كرزاي لأعمالها. وتتضمن تلك الأرقام تكلفة تدريب وتكوين القوات فقط، وما زال المسؤولون يحاولون تحديد ما هي التكلفة المطلوبة للحفاظ على استدامة القوات الأمنية على المدى البعيد. ويعبر مسؤولو الإدارة الأميركية عن مخاوفهم من أن ينافس جيش أفغاني أكبر رئاسة كرزاي التي استشرى فيها الفساد. ومن جانبهم، شدد القادة العسكريون الذين أوصوا بالزيادة على أن أي خطورة تنبع من تكوين جيش أفغاني أكثر قوة، يقابلها على الجانب الآخر مخاطر أكبر تفرضها أعمال العنف التي يمارسها المتمردون، التي من شأنها أن تتهدد الحكومة المركزية إذا ما لم يتم الوصول إلى طريقة للتعامل معها. وفي الوقت الحالي، يبلغ حجم الجيش أكثر من 90.000 جندي، فيما يبلغ حجم القوات الأفغانية حوالي 80.000 ضابط. ولطالما أحبط الحجم الصغير نسبيًا لقوات الأمن المسؤولين الأفغان والقادة الأميركيين الطامحين في تسليم الملف الأمني سريعا إلى قوات أمن أفغانية شرعية، وليس إلى أمراء حرب محليين.

وبعد معارضة تلك الفكرة لسنوات عدة، وافقت إدارة بوش الصيف الماضي على زيادة حجم الجيش إلى 134.000 على مدار السنوات الثلاث المقبلة، وذلك ضمن برنامج بلغت تكلفته حوالي 12 مليار دولار. وسيتيح المقترح الجديد مضاعفة حجم الجيش الأفغاني، بعد الزيادة التي تمت الموافقة عليها الصيف الماضي، ليبلغ زهاء 260.000 جندي. علاوة على هذا، يتجه المقترح إلى زيادة عدد ضباط الشرطة، وقوات الكوماندوز، وحرس الحدود ليصل الحجم الإجمالي لقوات الأمن حوالي 400.000 فرد. وتحدث المسؤولون عن هذا المقترح شريطة عدم ذكر أسمائهم، لأنهم ليسوا مفوضين للحديث عن المقترح على الملأ قبل موافقة أوباما النهائية عليه. وفي نفس السياق، اقترحت بعض الدول الأوروبية إنشاء صندوق ائتمان للجيش الوطني الأفغاني، يسعى بدوره إلى جمع التبرعات من الدول الغنية بالنفط، إلى جانب الدول المطلة على الخليج العربي، ودول أخرى لدفع تكاليف قوات الأمن الأفغانية. وصدق السيناتور كارل ليفن- الديمقراطي عن ولاية ميتشيغان، ورئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، التي يتعين عليها الموافقة على الإنفاقات الأميركية الجديدة- على الهدف الرامي إلى توسيع قوات الأمن الأفغانية، كما حث القادة العسكريون على أن يتمركز الأفغانيون على الخطوط الأمامية لإغلاق الحدود مع باكستان في وجه المتمردين والإرهابيين.

وصرح ليفن في مقابلة أُجريت معه في وقت متأخر من يوم الثلاثاء: بأن «التكلفة تعتبر قليلة نسبيًا مقارنة بالخسارة التي سوف تنجم عن عدم القيام بهذا- التي ستتمثل إما في تقطع أوصال أفغانستان، أو وقوعها بين أيدي طالبان، أو أن تبدو وكأننا نحن من نهيمن عليها». واستشهد مسؤولو الإدارة والخبراء العسكريون باستطلاعات الرأي العام في أفغانستان، التي تشير إلى أن الجيش الأفغاني قد تفوق على الحكومة المركزية، التي تجد صعوبة في فرض الشرعية أو السيطرة على المناطق الأخرى غير العاصمة كابل. وأوضح الجنرال المتقاعد ديفيد بارنو، الذي قاد قوات التحالف والقوات الأميركية في أفغانستان من عام 2003-2005: «في تقدير كل المراقبين الخارجيين تقريبًا، يعتبر الجيش الوطني الأفغاني ووزارة الدفاع من أكثر المؤسسات عالية الفعالية والقدرة بالبلاد». ورفض الجنرال بارنو، الذي يشغل حاليًا منصب مدير الدراسات الأمنية لمنطقة الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع القومية، المخاوف الزاعمة بأن الجيش أو وزارة الدفاع قد تتحدى سلطة المسؤولين المنتخبين في كابل.

وتحدث قائلاً: «هم يحترمون الحكومة المدنية، وإذا ما كانت الحكومة الأفغانية ماضية نحو بسط الأمن وسيادة القانون بصورة فعالة، فإنه يتعين عليها زيادة أعداد الجيش والشرطة». وأفاد ستيفن بيدل، الزميل البارز لسياسة الدفاع بمجلس العلاقات الخارجية، أنه بات واضحًا الآن أن إدارة أوباما «عازمة على قبول المخاطر والأضرار التي لم تكن لتدرسها ما لم يتدهور الوضع الأمني». ويستشهد المحللون العسكريون بالنماذج الأخرى في العالم الإسلامي، مثل باكستان، ومصر، وتركيا، إذ تدعم الولايات المتحدة الحكومات المدنية المنتخبة بصورة ديمقراطية، رغم أنها لم تثر أي اعتراض على النفوذ القوي الذي ما زالت القوات المسلحة تمسك بزمامه في البلاد، حيث ما زالت تلك القوات تحظى بقوة تكافئ تلك الخاصة بالحكومات.

وقال مارتين سترميكي، وهو عضو مجلس سياسة الدفاع ومستشار بارز سابق للبنتاغون مختص بشؤون أفغانستان، أمام لجنة بمجلس الشيوخ الشهر الماضي، إنه يجب زيادة أعداد الجيش الأفغاني إلى 250.000 جندي وأن تتضمن الشرطة والوطنية 100.000 ضابط إضافي.

* خدمة «نيويورك تايمز»