مسؤولون وسياسيون عراقيون: الذكرى السادسة للحرب لا تشبه سابقاتها

العسكري لـ«الشرق الأوسط»: في الماضي لم يلح في الأفق انتهاء الوجود الأميركي.. والآن اتفقنا على مواعيد الانسحاب

TT

تمر الذكرى السادسة على دخول القوات الأميركية العراق بشكل مختلف عن السنوات الخمس الماضية التي تميزت بأحداث العنف الدامية وهجرة العراقيين إلى الخارج ونزوحهم داخليا، ناهيك عن سوء الخدمات، فقد شهد العام الفائت تحسنا نسبيا في الأمن لم يذق العراقيون طعمه منذ سنوات، ناهيك عن تطور في العملية السياسية بسبب مبادرات المصالحة التي أطلقتها الحكومة العراقية أمام خصومها لفتح الأبواب للمشاركة في العملية السياسية.

ويقول سامي العسكري، النائب عن الائتلاف الموحد، إن هناك العديد من القضايا التي اختلفت خلال الست سنوات السابقة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن أهم هذه القضايا «الوجود العسكري الأميركي، حيث شهد العام الحالي بداية لإنهاء هذا الوجود سيما بعد توقيع الاتفاقية الأمنية بين العراق وأميركا»، وأوضح أنه «خلال السنوات الماضية لم يكن يلوح بالأفق متى يتم انتهاء الوجود الأميركي، لكننا الآن نتحدث عن تواريخ تحدد انسحاب القوات الأميركية من البلاد وهو بحد ذاته يعد تقدماً كبيراً».

ومن جانبه، أشار سعد المطلبي، المستشار السياسي في وزارة الحوار الوطني، ومسؤول العلاقات الخارجية فيها، إلى الانفتاح الدولي تجاه العراق، وقال «إن هناك تطورا كبيرا فيما يخص الانفتاح العالمي والاقليمي تجاه العراق، وهو أمر يؤكد صحة مسيرة العملية السياسية في العراق» معتبراً «تقدم العملية السياسية في البلاد لا يمكنه التأثر بالإرهاب، وحتى الخروقات الأمنية لن تؤثر على مسيرة الدولة التي أضحت واقعاً ملومساً»، مشدداً «أن الملف السياسي أصبح حقيقة في الواقع العراقي الجديد الذي يمكن البناء عليه من أجل عودة الحياة من جديد من خلال إعادة الإعمار ومحاسبة المفسدين فضلاً عن بحث كل الملفات العالقة التي من شأنها أن تساعد في بناء البلاد من جديد». من جانبه، يرى محمد الحاج، وكيل وزارة الخارجية، بأنه «إذا أجرينا مقارنة بين هذه السنة والعام المنصرم للمسنا اختلافاً كبيراً»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك تغييراً كبيراً فيما يخص انفتاح العراق على العالم، سواء العربي أو الدولي وبشكل واسع جداً» مبيناً «أن وفوداً بدأت تزور البلاد، ومسؤولين من البلاد يزورون بلداناً عديدة، فضلاً عن إعادة افتتاح العديد من السفارات، سواء العربية (منها سفارات الكويت والإمارات والبحرين) ومن المؤمل أن تفتح مصر سفارتها في القريب العاجل، وكذلك سورية قد سمت سفيرها للعراق، ونحن بصدد إرسال سفير إلى المملكة العربية السعودية في غضون الشهر المقبل وهو سفيرنا في اليابان الذي يتم نقله إلى السعودية، كلها دلالات ومؤشرات بأن العراق أمام انفتاح دولي وعربي وتطور كبير سوف تلمس نتائجه قريباً».

وأضاف الحاج أن دولاً من أميركا اللاتينية وأفريقيا وأوروبا الشرقية فاتحت العراق من أجل فتح بعثاتها أو فتح أخرى جديدة، معتبراً «أن التطور الأمني هو مرآة للوضع العراقي الداخلي المتحسن، بالإضافة إلى أن الوضع الاقتصادي الداخلي يتجه نحو الأفضل، حيث نستطيع أن نقول إن عام 2009 بداية لانطلاق مشاريع إعمار البلاد».

وعن المصالحة الوطنية، أوضح الحاج «أن موضوع المصالحة يخص العراقيين بالدرجة الأولى، وان الانتخابات الأخيرة هي أكبر مظاهرة للمصالحة الوطنية، سيما أن كل التيارات الطائفية والقومية والدينية قد اشتركت بهذه الانتخابات، وهو تعبير عن المصالحة باتجاه تطبيق الدستور، وان تجربة الانتخابات النيابية القادمة سوف تعزز هذا الاتجاه». مضيفاً «أن المصالحة يجب أن تكون بين العراقيين أنفسهم أما من يحمل السلاح فلا يمكن أن نتصور مصالحة معه، لأنه يسير نحو تدمير الدولة». مؤكداً أن «بعض تيارات النظام السابق بدأت تقترب من العملية السياسية ومن الدستور كذلك من أجل بناء البلاد». إلى ذلك، أكد عدنان ثابت، المستشار في وزارة الداخلية، «أن الوضع الأمني قد شهد تطوراً كبيراً، الأمر الذي حدا بالديمقراطية أن تسير نحو الأفضل»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، «إن الشعب العراقي بدأ يفهم الديمقراطية والمشاركة مع باقي شرائح المجتمع الأخرى»، مشيراً إلى أن «الدولة بدأت تقف على أرجلها من جديد.. وان مشروع المصالحة بدأ يأخذ منحى آخر، سيما ان مباحثات تجرى الآن بين القوى المعارضة للعملية السياسية في البلاد وبين الحكومة، الأمر الذي سيؤدي بالتالي إلى النهوض بالعراق الذي بدأ يأخذ مكانته مرة أخرى». ويوجد في العراق 200 ألف جندي و400 ألف شرطي، وقامت قوات التحالف بتدريب أغلبهم. وتسلمت قوات الأمن العراقية 13 محافظة من قوات  التحالف التي ما زالت تسيطر على خمس محافظات أخرى. وشنت قوات التحالف في 20 مارس (آذار) 2003 الحرب على العراق، ولقي أكثر من 91121 عراقيا مصرعهم منذ بداية الحرب، حسبما ذكرت قاعدة بيانات إحصاء الجثث العراقية التي تتابع الضحايا من المدنيين العراقيين. فيما قتل أكثر من 4250 جنديا أميركيا في العراق، ومن المتوقع أن يصل حجم تكلفة الحرب إلى 800 مليار دولار أميركي بحلول سبتمبر عام 2010.  ويوجد حاليا نحو 138 ألف جندي أميركي في العراق.