جذب المقاتلين بعيدا عن طالبان استراتيجية أميركية جديدة في أفغانستان

مع تعزيز قدرات الحكومة المركزية وزيادة أعداد الجيش الأفغاني

جندي أفغاني وسط مدينة مزار شريف، يشارك في حراسة عشرات الآلاف من الأفغان الذين قدموا من جميع أنحاء أفغانستان للاحتفال بيوم النيروز، وتظهر في الخلف ملصقات لأحمد شاه مسعود، قائد التحالف الشمالي، الذي اغتالته «القاعدة» قبل يومين من هجمات سبتمبر (أ. ف. ب)
TT

قال مستشارون في الإدارة الأميركية مشاركون في مراجعة استراتيجية الحرب في أفغانستان، إن خطة إدارة أوباما لإصلاح سير الحرب في أفغانستان تشتمل على محاولة إضعاف قوة وتأثير قادة طالبان عبر التأثير في الجنود الموالين لهم.

وتعتمد الخطة على الافتراض باستحالة تحول قادة المجموعات المتطرفة إلى السلم ،ومن ثم فإنهم لن يكونوا حلفاء موضع ثقة إذا ما جنحوا إلى السلم، ومن ثم فإن البديل لذلك الخطة العسكرية التي تمت مراجعتها والتي ستركز على تقويض سلطة القادة العسكريين عبر جذب المقاتلين الذين لا يحتلون مراتب عليا في قيادة الجماعات المتطرفة والذين التحقوا بهذه الجماعات لدواع مالية.

ويشير مسؤولو الإدارة إلى أن العنصر الرئيس في هذه الاستراتيجية، سيكون تعزيز قوة زعماء القرى والقادة المحليين كجزء من تحول كلي بعيد عن الحكومة المركزية في البلاد.

وقد أوشك البيت الأبيض على الموافقة على الاستراتيجية التي يتوقع أن يتم الكشف عن تفاصيلها خلال هذا الأسبوع قبل سفر الرئيس أوباما لحضور قمة قادة العالم في أوائل أبريل (نيسان).

وتتناول عملية مراجعة الاستراتيجية الحاجة إلى تعزيز قدرات الحكومة المركزية وزيادة أعداد الجيش الأفغاني، لكن العديد من المسؤولين خلصوا إلى أن القادة المحليين والحكوميين أكثر أهمية.

وبموجب الخطة الجديدة ستقدم الإدارة الجديدة للقادة المحليين عددا من الأدوات، من بينها مشروعات اقتصادية على نطاق صغير وتدريبات للقوات الأمنية المحلية التي يمكن استخدامها لإقناع المتمردين المقاتلين بوضع أسلحتهم. وقد وُصفت الخطة وأهدافها من قبل مستشارين، طلبوا عدم ذكر أسمائهم لأن مراجعة الاستراتيجية لم تكتمل بعد.

غير أن التأكيد على المصالحة الوطنية يعكس اعتقادا متزايدا بأن الاعتماد الكبير على الحكومة المركزية التي يقودها الرئيس حميد كرزاي أعاق الجهود الحربية التي تقودها الولايات المتحدة.

وقد كان التركيز على كابل وحدها مثار انتقاد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس. وقال جيوف موريل، السكرتير الصحافي لوزارة الدفاع، خلال مناقشته لمراجعة البيت الأبيض إن غيتس كان واضحا في أن الولايات المتحدة في حاجة إلى القيام بالمزيد من الجهود لدعم الحكومات المحلية.

وقال موريل: «إن الحاجة إلى بناء حكومة مركزية قوية في أفغانستان تناقض المفاهيم الثقافية والتاريخية» وإن الخطوة الأهم ترتكز على تحسين الأمن بصورة عامة. قال جون هوتن، وزير الدفاع البريطاني: «إن الحرب باتت في مأزق ولا بد من تحسين الموقف كجزء من الاستراتيجية الجديدة».

وأضاف: «يجب أن نستغل الوقت والجهد في المصالحة، لكن الأفضل التفاوض من موقف قوة لا موقف ضعف».

وخلال الأشهر القليلة المقبلة سيصل إلى أفغانستان 17,000 جندي أميركي ليصل بذلك عدد الجنود الأميركيين في أفغانستان إلى 55,000 جندي.

أما بالنسبة للجماعات المقاتلة فإن غالبية عناصرها تأتي من أوساط الشباب الذين أصابهم الإحباط نتيجة لظروفهم الاقتصادية.

وقال كريغ مولاني، ضابط الجيش السابق الذي خدم في أفغانستان والذي قدم الاستشارة لفريق إدارة البنتاغون في الفترة الانتقالية، إنه رأى الفلاحين في إقليم غارديز يوافقون على الحصول على 200 دولار مقابل إطلاق صاروخ على قاعدة أميركية، ليس لأنهم يدعمون طالبان ولكن لأنهم يحتاجون إلى المال.

ويقول مولاني: «إن طالبان تكسب الأرض لأنها تتغذى على افتقار الفرصة، لكن بإمكاننا أن نقدم للناس البديل المناسب».

وأوضح مولاني أن بإمكان الولايات المتحدة أن تبرز قواها عبر محاولة اجتذاب جنود طالبان بعيدا عن سيطرة قادتهم. فقال: «إنك عندما تقوم بذلك فإنك تخنق العدو لأنك تسحب قاعدته الأساسية، وهو ما يعد أسلوبا غير تقليدي في إنهاك العدو». وكان المسؤولون العسكريون ومسؤولو الإدارة قد قاموا باختبار بعض المحاولات الناجحة لتقويض المجموعات المسلحة وذكر الجميع عمل الكولونيل كريستوفر كولندا قائد الكتيبة في أفغانستان في الفترة من مايو (أيار) 2007 وحتى يوليو (تموز) 2008. حيث استخدمت قوات كولندا العاملة في إقليم كونار الشمالي وإقليم نورستان الشرقي المشروعات الصغيرة مثل محطات الطاقة للمساهمة في تشكيل مجلس شورى محلي لأعيان القبائل في المنطقة وقد نجح شيوخ القبائل في إقناع الشباب بالتوقف عن العمل كمقاتلين مأجورين لصالح قادة الجماعات المتمردة.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»