المنطقة الخضراء ببغداد: إجراءات أمنية قاسية صباحا.. وشلل في الحركة مساء

دخولها يتطلب بطاقات خاصة والمرور بنقاط تفتيش وعبور مطبات صناعية

TT

مثل الخيط الرفيع الذي يفصل بين الوجود والعدم، يمكنك أن تشبه الأوضاع الأمنية حاليا في العراق. فعلى الرغم من تحسنها، وكلام كثير يتردد على ألسنة أناس عاديين فحواه أن نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي قد قضى على الفتنة الطائفية، إلا أن الدخول إلى المنطقة الخضراء والخروج منها، وبحسب الخريطة الأمنية الرسمية، قد يحولك في لمح البصر إلى «شهيد»، إذا لم تلتزم بالتعليمات، وهي حزمة من الإجراءات المعقدة، بداية من التوقيف للتفتيش الذاتي بعد إبراز بطاقة تعريفية خاصة، التي لا يحملها إلا المحظوظ. وبعد المرور تخضع لإجراءات أخرى أكثر تعقيدا، من بينها أخذ بصمة العين، وبصمة الأصابع العشرة من كل جوانبها، وموافقة القوات الأميركية والعراقية.

والمنطقة الخضراء تحوي مباني السفارتين الأميركية والبريطانية كما أنها تضم مقرات الحكومة العراقية. وتسلمت القوات الأمنية العراقية المسؤولية الأمنية للمنطقة مطلع العام الحالي مع تطبيق الاتفاقية الأمنية، التي أبرمت بين الحكومتين العراقية والأميركية. وكان على «الشرق الأوسط» لدى مرافقتها للامين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الذي اختتم زيارته للعراق أول من أمس، الاستعانة بأحد عناصر بعثة الجامعة العربية ببغداد للمساعدة في دخول المنطقة الخضراء والإقامة في فندق الرشيد. وإذا لم يتوفر احد عنصر البعثة فيتعين علينا البقاء في المنطقة التي يحذر أيضا الدخول إليها أو الخروج منها بعد الساعة العاشرة مساء. والغريب أنه عند مدخل الفندق توجد لافتات كتب عليها: «لا تنزل من السيارة، ولا تصعد إليها، ولا تتحرك بها، ولا تتحدث بالهاتف». ناهيك عن مطبات الطريق إلى الفندق والتي تقصم الظهر، فهو طريق ملتو مصنوع بحواجز أسمنتية، إضافة إلى المطبات الحديدية التي تعطل اندفاع أية سيارة بقوة. واللافت وجود جندي أميركي أو اثنين بداخل نقطة التفتيش، أما باقي الجنود فهم من شركات أمنية من النيبال وبيرو، ومعهم عدد من الجنود العراقيين. ولذلك كانت إقامة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى خارج المنطقة الخضراء، ربما ليكون قريبا من مقر إقامة وزير الخارجية هوشيار زيبارى، لكن مع ذلك كان الأمين يتحرك وفق حماية عراقية، بالإضافة لحراسته الخاصة من الجامعة العربية، والتي كانت تشمل أيضا وفد الصحافيين المرافقين للأمين العام بالرعاية والسؤال.

وتنقل الأمين العام بطائرة خاصة صغيرة إلى مدينتي النجف والسليمانية وتحت حماية عراقية، وكان اللافت أنه كلما انطلقت قذائف الهاون من المقاتلين نشطت حركة الطائرات الأمنية في السماء، والتي كانت تقوم بعملية المسح الأمني لمحيط المنطقة.

ومع استمرار الهاجس الأمني في العراق على هذه الشاكلة، تبقى الإجراءات الأمنية في منتهى القسوة، فقد بقينا من دون حقائبنا التي دخلنا بها المطار حتى ساعة متأخرة من اليوم التالي، وكانت الإجابة عن تساؤلاتنا، أن هذا طبيعي لأنها تخضع لتفتيش من قوات التحالف. وبقيت حقائب الوفد الصحافي في سيارة أمنية حتى وجدت من يحضرها، ولكن بعد اتصالات مع رئيس أركان الجيش العراقي، وبعد تدخل عدد من المسؤولين، حتى تسمح نقاط التفتيش على مدخل الفندق بدخول الحقائب إلينا.