أوكامبو مدافعاً عن مذكرة توقيف البشير: طرد المنظمات.. أثبت صواب قرار القضاة

مصادر دبلوماسية في نيويورك: واشنطن تنوي تقديم مشروع قرار لفرض حظر طيران على دارفور

TT

سربت مصادر دبلوماسية قريبة من الوفد الأميركي في نيويورك، عن نية الولايات المتحدة تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن في غضون أيام، يدعو إلى فرض حظر للطيران على إقليم دارفور. فيما دافع مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو في جلسة خاصة مع عدد محدود من الصحافيين بنيويورك حضرتها «الشرق الأوسط»، عن قراره بشأن توقيف الرئيس السوداني عمر البشير، وقال إن قرار الاعتقال كان ضرورياً لوقف الجرائم، وجاء إبعاد المنظمات الدولية غير الحكومية، ليؤكد صواب هذا القرار. وقال ساخراً «إن الملك كان عارياً وليس من مسؤوليتي أن يكون الملك عارياً».

وقبل انعقاد جلسة مجلس الأمن عن الحالة الإنسانية في دارفور، أفاد مصدر دبلوماسي من البعثة الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، رفض ذكر اسمه «إن الولايات المتحدة وبالاشتراك مع حلفائها في مجلس الأمن تنوي تقديم مشروع قرار يفرض حظر الطيران على دارفور». ولم يحدد المصدر موعد تقديم مسودة مشروع القرار إلى أعضاء مجلس الأمن، غير أنه رجح احتمال تقديمه في غضون الأيام المقبلة.

وأوضح المصدر نفسه قائلا «إن الولايات المتحدة تدرك الآن صعوبة تقديم مثل هذا المشروع نظراً لموقف الصين وروسيا». والأمر الذي يبدو غير معروف فيما إذا كانت الصين ـ حليفة السودان في مجلس الأمن ـ ستهدد باستخدام حق النقض (الفيتو). وأفاد المصدر نفسه أن الوفد الأميركي يجري اتصالات مع أعضاء مجلس الأمن حول مسودة مشروع القرار وأن الموقف سيتضح في غضون الأيام المقبلة قبل جلسة مجلس الأمن التي ستعقد يوم الخميس المقبل للاستماع إلى تقرير المبعوث الخاص للأمين العام إلى دارفور.

وفي جلسة مجلس الأمن التي عقدت عصر أول من أمس عن الحالة الإنسانية في دارفور حملت السفيرة الأميركية في مجلس الأمن سوزان رايس، الرئيس عمر البشير مسؤولية ما يجري في دارفور. وقالت في بيانها على خلفية قرار الحكومة السودانية بطرد 13 من منظمات الإغاثة الإنسانية غير الحكومية «إن الأزمة ليست مفتعلة كما يحاول إقناعكم مندوب السودان، بل على العكس هي أزمة حقيقية وطارئة من صنع حكومته، وإن الرئيس البشير وحكومته مسؤولان ويجب أن يحاسبا على كل حالة وفاة تنجم عن هذا القرار».

وكان القائم بأعمال البعثة السودانية لدى الأمم المتحدة السفير محمد يوسف قد أعرب عن دهشته من انعقاد جلسة مجلس الأمن عصر أول من أمس والتي خصصت حول أثر طرد المنظمات الإنسانية غير الحكومية من السودان قبل انعقاد الجلسة الخاصة عن دارفور المقرر عقدها يوم الخميس المقبل. وجدد يوسف موقف حكومته بعدم التراجع عن قرار طرد المنظمات غير الحكومية من دارفور ووصف قرار الخرطوم بأنه مشروع. وانتقد انعقاد جلسة مجلس الأمن قائلا «يبدو أن المسار السياسي لم يعد أولوية لدى البعض الذين يحاولون إشعال الحرائق وافتعال الأزمات في محاولة مكشوفة لصرف اهتمام المجتمع الدولي عن الرفض الدولي والإقليمي الواسع لذلك الإجراء المعيب قانوناً ومنطقاً وسياسة، الذي أقدمت عليه ما تسمى بالمحكمة الجنائية الدولية ضد السودان قيادة ودولة وشعباً». وأضاف محمد يوسف «إن تلك الدوافع تقف وراء محاولات اختلاق مشكلة بشأن دارفور بشأن قرار الحكومة السودانية إبعاد بعض المنظمات غير الحكومية التي تجاوزت الخطوط الحمراء وتجرأت على المساس المباشر بسيادة البلاد». وجددت سفيرة أميركا سوزان رايس مطالبة الخرطوم بالتراجع عن قرارها بطرد منظمات الإغاثة غير الحكومية وقالت «إن الحكومة السودانية بذلك القرار تحرم الناس، الذين دفعتهم إلى مغادرة ديارهم، من المساعدات، مما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية في دارفور». وتابعت تقول «هذا القرار لن يؤدي فقط إلى وقوع ضحايا بل سيزيد من عزلة الحكومة السودانية».

وحثت رايس المجتمع الدولي والدول الأعضاء في مجلس الأمن على الضغط على الحكومة السودانية للعدول عن قرارها بطرد تلك المنظمات وقالت إن «على الدول الأعضاء ومجلس الأمن عدم التزام الصمت بينما تتعرض حياة أكثر من مليون شخص في دارفور إلى الخطر». وكان لنظيرها البريطاني جون سويرز كلام شديد اللهجة أيضاً حيال الخرطوم قائلا إن «المملكة المتحدة ستحمل حكومة السودان مسؤولية المعاناة التي تخلفها قراراتها». ودعا سفراء عدة دول أخرى الخرطوم إلى إعادة النظر بقرار طرد المنظمات غير الحكومية. وكان الوفد الأميركي طلب تقريراً من رشيد خاليكوف مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الذي حذر أمام أعضاء مجلس الأمن من وجود «مؤشرات سلبية على قدرة الاستجابة لاحتياجات السكان في دارفور، بعد طرد المنظمات، مما يؤثر على حياة الناس». وأضاف «إن مغادرة منظمة أطباء بلا حدود الفرع الفرنسي منها من غرب دارفور ترك وزارة الصحة ومنظمة اليونسيف والصحة العالمية بدون شريك فاعل على الأرض للقيام بعمليات التحصين وتوفير العلاج للمصابين بمرض التهاب السحايا». وقال خاليكوف إن الأمم المتحدة لا تزال تبذل الجهود لحمل حكومة الخرطوم على العودة عن قرار طرد المنظمات، مشيراً إلى أن المنظمة الدولية والسودان يجريان تقييماً مشتركاً للوضع في ثلاث ولايات بدارفور. وأوضح «ستوضع اللمسات الأخيرة على هذه العملية نهاية الأسبوع الحالي مع نظرائنا الحكوميين في الخرطوم. وستكون لدينا معلومات أكثر الأسبوع المقبل حول تأثيرها على جهود المساعدة الأوسع في دارفور». لكنه قال «لا شك في أن قدرتنا على مساعدة الناس في دارفور وشمال السودان قد تأثرت بشكل خطر» موضحاً أن «أجواء الخوف والغموض التي تحيط بمنظمات المساعدة تؤثر على المساعدة المتوافرة لسكان دارفور». إلى ذلك دافع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو عن قرار المحكمة بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس عمر البشير، ونفى بشدة حصول أية معلومات أو على تعاون المنظمات غير الحكومية التي قرر السودان طردها من دارفور. وقال أوكامبو «صفر.. لا شيء.. ولا معلومة واحدة تم الحصول عليها من المنظمات.. أنا أحترم المعايير ولم أطلب أبداً معلومات من أي من هذه المنظمات أو من أية منظمة أخرى تابعة للأمم المتحدة». وأضاف «قرار الحكومة السودانية بطرد منظمات دولية غير حكومية من دارفور يؤكد صواب قرار قضاة المحكمة الجنائية الدولية». واستطرد أوكامبو ساخراً «إن الملك كان عارياً.. وليس من مسؤوليتي أن يكون الملك عارياً». وأوضح في جلسة خاصة مع عدد محدود من الصحافيين بنيويورك حضرتها «الشرق الأوسط» أن «المحكمة قررت اعتقال البشير كأمر ضروري لوقف الجرائم وجاء إبعاد المنظمات الدولية غير الحكومية ليؤكد صواب هذا القرار».

وزاد يقول «إن المحكمة قد قررت أن عمر البشير قد ارتكب جرائم ترهيب ضد المدنيين في دارفور بما في ذلك الأضرار الصحية في مخيمات المشردين وعلى السودان كدولة كبيرة أن تجد حلا لاعتقال البشير.. ووقف الجرائم وأن عليها وقف القيام بذلك». واتهم أوكامبو الرئيس السوداني بالسعي «لإبادة» لاجئي دارفور بطرده المنظمات. وقال إنه «بمنعه الآن المساعدة الدولية.. فإنه يثبت أنه يقوم بإبادة هؤلاء الأشخاص. هذا ما يجعل من الضروري توقيف البشير لوقف هذه الجرائم». ودعا المدعي العام إلى توقيف البشير ما أن يغادر السودان. وتابع: «في هذه الأثناء، سيكون من الممكن توقيف البشير ما أن يسافر إلى الخارج وسأعمل بهذا الصدد». ولمح أوكامبو بصورة غير مباشرة إلى ضرورة التزام الدول باعتقال البشير قائلا «إنه في الوقت الراهن وفي اللحظة التي يدخل فيها (البشير) الأجواء الدولية يمكن اعتقاله ولقد أثبتت قصة سلوبودان ميلوسيفتش أن البشير سيواجه العدالة سواء كان هذا بعد شهرين أو عامين وأن هذا الأمر يعتمد على الدول وتحركها ولكنه في النهاية سيمثل أمام العدالة».