العقل البشري يقع على حافة الفوضى، بين النظام واللانظام، لكي يتمكن من تكييف عمله حسب الظروف المتغيرة، وفقا لبحث جديد أجراه علماء في كمبردج ونشر في مجلة «البيولوجيا الحسابية ـ مكتبات العلوم العامة PLoS» أول من أمس.
وهذه أول دراسة من نوعها تورد نتائج تجريبية لإثبات بعض من التكهنات والافتراضات العلمية حول عمل دماغ الإنسان. وقال الباحثون إن الوجود عند حافة الفوضى يقابل «الوضعية الحرجة للتنظيم الذاتي»، وهي الوضعية التي تقوم فيها منظومة ما بتنظيم نفسها بنفسها لكي تنفذ مهامها في الأوقات الحرجة التي تفصل بين النظام والعشوائية. ومثالها ما يتولد عن التفاعلات المعقدة لحالات الانهيارات الأرضية أو الزلازل أو حرائق الغابات.. أو خفقان القلب!
ووفقا للدراسة التي أجراها باحثون في قسم الإدراك والدماغ التابع لمجلس الأبحاث الطبية في الجامعة، وشركة «غلاسكو سميث كلاين» للأدوية، فإن الشبكات العصبية للإنسان تتشابه مع شبكات أخرى، إذ أن الشبكات الحسابية الكومبيوترية تظهر لديها نفس الخصائص من حيث وجود الذاكرة اللازمة لخزن المعلومات، والقدرات على تحليلها، وبمقدورها أن تستجيب بسرعة إلى أي تغيرات طفيفة تطرأ عليها.
وقال مانفريد كيتزبيكلر المشرف على الدراسة إنه «وبفضل هذه الخصائص، فإن الوضعية الحرجة للتنظيم الذاتي تكون جذابة جدا بشكل غريزي، بوصفها نموذجا لقيام الدماغ بوظائفه مثل الإدراك الحسي والقيام بالأفعال، لأن هذه الوضعية تتيح للإنسان الانتقال بسرعة من الحالة العقلية المنظمة، عند الاستجابة للتغيرات التي تطرأ على ظروف الوسط المحيط به».
ووظف الباحثون في دراستهم تقنيات مسح الدماغ وتصويره، لقياس التغيرات الديناميكية في أنشطة مختلف مناطق الشبكات التي تؤدي وظيفتها داخله، وأظهرت النتائج أن الدماغ موجود فعلا في «وضعية تنظيم ذاتي حرجة».