المتحدث باسم «إيساف»: حكومة أفغانستان تصل إلى نقطة التفوق على طالبان عام 2012

الجنرال بلانشيت لـ«الشرق الأوسط»: تجارة المخدرات حجمها 200 مليون دولار سنويا وطالبان تستفيد من عوائدها بشراء عبوات ناسفة وأحزمة للانتحاريين

الجنرال ريتشارد بلانشيت («الشرق الأوسط»)
TT

أشار الجنرال ريتشارد بلانشيت، المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف في أفغانستان «إيساف»، في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» جرى بالهاتف من لندن أن ما تسعى إليه قوات التحالف حالياً هو الوصول بأفغانستان إلى نقطة توازن ينقلب فيها ميزان القوى لصالح قوات التحالف والحكومة الأفغانية، بحيث يمكن للحكومة القيام بعمليات الإعمار وتأمين أفغانستان بمساعدة القوات الدولية. وتوقع بلانشيت أن يصل إلى هذه النقطة في عام 2012. وشدد على أن هدف الحرب والنتيجة التي نعمل من أجلها هي التأكد من أن شعب أفغانستان يعي أن بسط سلطة حكومته المركزية يمثل الطريق إلى المستقبل. وهذا مهم حتى يكون لدى الأفغان خيار وليروا مستقبلا باهراً لأطفالهم. وأضاف في حديثه أن تجارة المخدرات التي تدر ما بين 100 و200 مليون دولار سنوياً هي هدف مشروع لقوات «إيساف» لأنها تمول شراء الأسلحة والعمليات الانتحارية. كما أشار إلى عمليات تهريب أسلحة لطالبان عبر الحدود الإيرانية، ولكنه استبعد أن تكون هذه العمليات بمعرفة أو إشراف الحكومة الإيرانية. وقال بلانشيت إن تعداد الجيش الأفغاني حالياً يصل إلى 82 ألف جندي وإن الهدف الموضوع له هو الوصول به إلى رقم 134 ألف جندي. وفيما يلي نص الحديث:

* ماذا تحتاج أفغانستان في الوقت الحاضر: قوات أجنبية أكثر أم دعماً مادياً من أجل جهود الإعمار؟

ـ أتمنى أن يكون الدعم ثنائياً بالقوات والدعم المادي. وهناك أخبار سارة بوصول المزيد من القوات الأميركية، فنحن نريد أن نؤسس للمزيد لما أسميه «نوافذ أمنية»، ونستمر أيضاً في عمليات تدريب القوات الأفغانية لكي تحافظ على المكتسبات الأمنية التي تحققت. ونريد تحسين الأداء الحكومي لأن هذا ينعكس تلقائياً على وصول المزيد من الموارد من المجتمع الدولي. ولابد أيضاً للشعب الأفغاني أن يشعر بالتغيير لأنه بدون رضاء الشعب الأفغاني سوف يكون من الصعب محاربة عمليات المتمردين.

* ما هو عدد قوات الأمن الأفغانية اليوم؟ ـ التعداد الحالي للجيش الأفغاني يصل إلى 82 ألف جندي وتمهد الخطط لوصول العدد إلى 134 ألفا، بالإضافة إلى نحو 80 ألفاً آخرين من قوات الشرطة. وأعتقد أن الحكومة الأفغانية تريد المزيد من أفراد الجيش والشرطة في المستقبل.

* هل هناك إجراءات أمنية ستتخذ لتأمين الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهل تعتقدون أن الانتخابات ستمر دون تأثير أو تدخل من طالبان أم تتوقعون مزيداً من العنف قبل الانتخابات؟ ـ إن التخطيط الأمني للانتخابات بدأ بالفعل، وما يجب علينا أن نفهمه أن أول خط أمني سوف يكون من الشرطة الأفغانية مدعمة بالجيش الأفغاني. وسوف تكون قوات «إيساف» في الخط الثالث للإشراف والتنسيق. ولدينا إعجاب بقدرة قوات الأمن الأفغانية على تنسيق عملها والقيام بعمليات مركبة. وفي هذه الانتخابات سوف نساعد القوات الأفغانية بحيث يكون لدينا العدد الكافي لتوفير الأمن.

* هل القوات الدولية تحقق انتصاراً في معركتها ضد مسلحي طالبان في جنوب أفغانستان في منطقة هلمند؟

ـ لابد من وضع تعريف واضح للانتصار، وفي أي وقت تحارب فيه قواتنا قوات طالبان، فإن قواتنا تكون لها الغلبة في كل الأحوال، وهم يعرفون ذلك. فنحن لدينا قدرات نارية أفضل وحركة أسرع واتصالات أكثر كفاءة، كما أن خسائرنا دائماً أقل. وما تفعله طالبان الآن هو محاولة الحفاظ على قواتها والقيام بعمليات فردية مثل زرع قنابل بجوار الطريق والقيام بعمليات انتحارية. ولكنهم يفعلون ذلك على حساب ثمن باهظ يدفعه الشعب الأفغاني لأن ضحايا هذه العمليات من المدنيين الأفغان أكثر من تأثيرها على قوات التحالف. وأدى هذا الوضع إلى رفض الشعب الأفغاني لهذه العمليات وتراجع الدعم الشعبي للمتمردين. وتؤكد هذا كل استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن دعم الأهالي للمتمردين هامشي للغاية.

* بعد سبع سنوات من الحرب، من أين تحصل طالبان على مواردها وأسلحتها، وهل تساعدها الدول المجاورة مثل إيران وباكستان؟

ـ لدينا أمثلة واضحة ودلائل موثقة أن الملاذات الآمنة داخل الحدود الباكستانية لها تأثير واضح على مسار العمليات القتالية داخل أفغانستان. ولدينا إعجاب بجهود الحكومة الباكستانية في هذه المناطق والضغوط التي وضعتها على طالبان، ولكننا نعرف أيضاً أن هناك حاجة للمزيد، فالحدود هائلة المساحة، وبها ثغرات كثيرة، ومن المستحيل إغلاق هذه الحدود تماماً. وما نأمل فيه هو خفض المرور غير القانوني عبر الحدود.

* ماذا عن إيران، هل هناك أي دليل على مساعدة إيران للمتمردين؟

ـ رأينا أمثلة لتهريب أسلحة عبر الحدود الإيرانية ولكن ليس هناك ما يثبت تورط الحكومة الإيرانية بصورة مباشرة في هذه العمليات.

* ما وجهة نظركم مما يتردد من التفاوض بين حكومة الرئيس كرزاي وعناصر معتدلة من طالبان؟ ـ لابد لنا من البحث عن حل سياسي وليس لدينا معلومات محددة عن مفاوضات قائمة بين حكومة كرزاي وطالبان، ولكنه شيء يجب أن يحدث. وما نفعله نحن هو تحضير الساحة من حيث تحسين الإنجاز الحكومي والقيام بأعمال إعادة الإعمار. والمسألة بصفة عامة في يد الحكومة الأفغانية بينما نقوم نحن بدعم هذه الجهود. وهذه العملية هي من مصلحة الشعب الأفغاني، بينما سوف نستمر نحن في التعامل مع هؤلاء الذين لا يرغبون في تسوية.

* مع إرسال 17 ألف جندي أميركي إضافي إلى أفغانستان.. هل تتوقعون المزيد من الإنجاز؟

ـ نعم بالتأكيد، وما سوف نستطيع القيام به هو التوجه إلى مناطق في الجنوب لم نستطع الوصول إليها بعد وأن نضع المزيد من الضغوط على طالبان ونحاول عزلهم عن الشعب الأفغاني. ولكن لكي نفعل ذلك لابد من دعم الشعب، وهذا ما نفعله، حيث نتحدث إلى شيوخ القبائل، ونقول لهم إن أفضل وسيلة لتأمين قراهم هي منع المتمردين من دخولها. فالوسيلة المفضلة لدى طالبان هي الاستعانة بالدروع البشرية كتكتيك مفضل. وسوف تساعدنا القوات الإضافية على التعامل بكفاءة مع طالبان ونعرف أن الشعب الأفغاني لا يريد عودة طالبان ويريدون مستقبلا أفضل لأطفالهم.

* من المستفيد الأول من تنامي زراعات المخدرات؛ طالبان أم مافيا المخدرات.. ومتى ستتدخل قوات إيساف للقضاء على زراعات الأفيون في هلمند؟ ـ انعقد في بودابست مؤخراً مؤتمر للناتو حول مكافحة زراعة المخدرات في أفغانستان، ودعا هذا المؤتمر إلى المزيد من جهود المكافحة، ونحن نفعل كل ما نستطيع لأنه هناك ربطاً مباشراً بين تجارة المخدرات والتمرد، وهنا يمكن اعتبار المخدرات مسألة أمنية وهدفاً مشروعاً لنا. وقد قمنا بعدة عمليات ضد هذه الصناعة بالفعل وقد اعتقلنا أكثر من 70 شخصاً ودمرنا حوالي 78 معملا و60 ألف كيلوغرام من المخدرات. والعوائد من هذه التجارة تقدر قيمتها ما بين 100 و200 مليون دولار في العام الماضي، تذهب في معظمها لشراء القنابل التي تزرع بجوار الطرق وأيضاً الأحزمة الناسفة للعمليات الانتحارية والذخيرة والأسلحة التي تقتل جنودنا والشعب الأفغاني. ويتعين علينا أن نتخذ إجراءات ضد هذه التجارة.

* ما تعليقكم على ما أشار إليه قيادي عسكري في حركة طالبان الأفغانية رفض كشف اسمه لشبكة CNN أن مقاتلي الحركة باتوا عند مواقع على تخوم العاصمة كابل، وهم على استعداد لمهاجمتها أو ضرب أي منطقة منها، في إشارة جديدة إلى صعود قوة الحركة واتساع قدراتها العسكرية؟

ـ أختلف تماماً مع هذا التحليل. فأنا أعيش في كابل وأعرف أنها مدينة حية بتعداد يبلغ أربعة ملايين نسمة وترى فيها عمليات إعادة إعمار وأسواق منتعشة. وهناك دائماً فرصة زرع قنبلة هنا أو هناك أو دخول انتحاري إلى المدينة. وما نريد تحقيقه هو أن الأهداف التي تتوجه إليها هذه العمليات تتمتع بحماية جيدة. فلا نريد أن نقدم لهم أهدافاً سهلة، ومع ذلك فلا نريد إحداث شلل في المدينة بإقامة حواجز ونقاط تفتيش على كل ناصية. وما نريد تحقيقه هو أن تتعامل قوات الأمن الأفغانية بكفاءة مع هذه الأخطار. وقد فشلت في شهر فبراير (شباط) الماضي ثلاث عمليات انتحارية متزامنة ولم تنجح منها إلا عملية واحدة. وقد قيل لي في لقاء مع طلبة أفغان إن عمليات تدريب القوات الأفغانية كان يجب أن تبدأ منذ فترة طويلة لأنها مؤثرة تماماً في عمليات الحماية. والدليل على ذلك هو تراجع العمليات الإرهابية عاماً بعد عام.

* إلى متى سيستمر تواجد قوات التحالف في أفغانستان، ومتى يتم تحقيق استتباب الأمن فيها؟

ـ من أساسيات ما نتعلمه في الكليات العسكرية أن العمليات المماثلة لما يجري في أفغانستان يقرر لها الساسة تاريخ البداية والنهاية. ونحن ليس لدينا تاريخ لنهاية هذه الحرب. وما نريده هو الوصول إلى مستوى من الأمان بحيث يمكن للحكومة القيام بعمليات إعادة البناء. وعلى الرغم من الصعوبات التي تأتي عبر الحدود إلا أننا نمضي في الاتجاه الصحيح لتكوين جيش أفغاني قوامه 134 ألف جندي، ونتمنى أن نصل إلى نقطة ميل الدفة لصالحنا في عام 2012.

* ماذا عن الموقف الأوروبي بشأن زيادة عدد القوات في أفغانستان، وهل وافقت الدول الأوروبية على هذه الزيادة؟

ـ لدينا بالتأكيد حاجة إلى المزيد من القوات، وسوف ترسل الولايات المتحدة المزيد من الجنود ليكونوا جزءًا من «إيساف» وهناك أيضاً عدة دول تبحث في حاجات «إيساف» التي تجمع ائتلافاً من 42 دولة، أي بنطاق أوسع من «ناتو». وتنظم «إيساف» داخل أفغانستان توزيع هذه القوات وفق الحاجة إليها.

* ذكرت تقارير أن الولايات المتحدة سألت إيران السماح لها بممر يسمح لها بنقل معدات وجنود إلى أفغانستان، فهل تحتاج أميركا فعلا إلى إيران في عمليات أفغانستان؟

ـ لا أستطيع التعليق على المحادثات الجارية بين أميركا وإيران ولكن ما أعرفه هو أن كل خطوط الإمداد إلى أفغانستان مهمة وحيوية. وما نريد تحقيقه هو الاستعانة بأكبر قدر ممكن من خطوط الإمداد. ولدينا محادثات مع روسيا والدول الآسيوية التي تقع شمال أفغانستان ولا أستغرب أن يحدث الشيء نفسه مع إيران. فنحن الآن نعتمد بشدة على خطوط إمداد عبر باكستان وقد سبق للمتمردين ضرب بعض هذه الخطوط في الماضي، ولم يكن لذلك تأثير ملحوظ على عملياتنا.