محكمة بريطانية: واشنطن سعت إلى صمت معتقل سابق بغوانتانامو

محاميه لـ«الشرق الأوسط»: المهم إظهار حقيقة تعذيب بنيام محمد لمدة 7 سنوات

بنيام محمد
TT

أظهرت وثائق عرضت في المحكمة العليا البريطانية أن محامي الحكومة الأميركية حاولوا حمل مقيم ببريطانيا احتجز في خليج غوانتانامو على التوقيع على اتفاق يقول إنه لم يعذب قط وأنه لن يتحدث إلى وسائل الإعلام شريطة الإفراج عنه.

وأوضحت الوثائق التي كشف عنها القاضيان اللذان حكما في القضية التي نظرتها المحكمة العليا أن المحامين الأميركيين أرادوا أيضا أن يعترف بنيام محمد وهو مواطن اثيوبي احتجز في غوانتانامو لأكثر من أربعة أعوام بأنه مذنب من أجل تأمين إطلاق سراحه حتى رغم عدم توجيه أي تهمة له على الإطلاق. وتكشف الوثائق التي تتعلق بحكم أصدره القاضيان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن الجيش الأميركي أراد أن يوافق محمد على ألا يقاضي الولايات المتحدة أو أيا من حلفائها وأن أي حقوق للتعويض يجب أن توكل إلى الحكومة الأميركية.

من جهته قال زخاري كاتزنلسون مستشار مؤسسة ريبريف الحقوقية بلندن لـ «الشرق الأوسط» التي تعنى بحقوق المعتقلين في معسكر الأسر الأميركي في كوبا، ومنهم بينام محمد الذي أفرجت عنه السلطات الأميركية أن المهم إظهار حقيقة تعذيب موكله لمدة 7 سنوات، مشيرا إلى أنه من المهم ألا يتكرر ما حدث مع بنيام محمد مع أي شخص آخر. وقال إن موكله «لا يريد الانتقام بل الحقيقة فقط». وأصبح محمد (30 عاما)، أول معتقل في غوانتانامو يتم الإفراج عنه في ظل إدارة أوباما، رمزا للغضب العالمي من ممارسات الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وأوضح أن موكله تعرض إلى ما سماه ملحمة من التعذيب استمرت سبعة أعوام من تسليمه على أيدي السلطات الأميركية إلى سجون سرية في المغرب وأفغانستان، والإهمال القانوني الذي جعله محتجزا من دون تهمة موجهة إليه طوال معظم فترة اعتقاله.

وذكرت مسودة اتفاق يقضي باعتراف محمد بأنه مذنب مقابل حصوله على حكم أخف قدمها محامو الحكومة الأميركية في 2008: «يوافق المتهم على ألا يشارك في رفع أي دعاوى أو طعن أو يدعمها بأي طريقة في أي محفل ضد الولايات المتحدة أو أي دول أخرى أو ضد أي مسؤول من أي دولة سواء كان عسكريا او مدنيا». ويقول بند رئيسي في الاتفاق: «يعهد المتهم للولايات المتحدة بجميع الحقوق القانونية الخاصة بالتوقيع او تقديم أي وثائق أو اقتراحات أو طعون ضرورية لتنفيذ هذا الشرط نيابة عن المتهم». وكان الاتفاق المقترح ضمن وثائق أحضرت أمام المحكمة العليا في أكتوبر (تشرين الأول) عندما قضت المحكمة بأن الوثائق التي تتعلق بقضية محمد قد لا يكشف عنها لأنها ربما تقوض اتفاقيات أمنية وطنية بين بريطانيا والولايات المتحدة. ورفض محامو محمد الاتفاق وأطلق سراحه في نهاية الأمر الشهر الماضي من دون شروط تقريبا.

ويفهم أن الحكومة البريطانية رفضت شروط الإفراج عن المتهم وساعدت في مقاومتها حتى أسقطت.

وقال كلايف ستافورد سميث محامي محمد ومدير منظمة «ريبريف» الخيرية لحقوق الإنسان: تعكس الحقائق التي انكشفت الطريقة التي حاولت بها الولايات المتحدة التغطية بشكل دائم على حقيقة تعذيب بنيام محمد.

وتابع بقوله: تكشفت الحقيقة تدريجيا وعلى الحكومتين على جانبي الأطلنطي التوقف للنظر فيما إذا كان يجب ان تواصلا الكفاح لإبقاء دليل التعذيب هذا سرا.

وكان محمد الذي يبلغ من العمر 30 عاما واعتنق الإسلام يقيم في بريطانيا عندما سافر إلى باكستان وأفغانستان في أواسط 2001 وهي رحلة يقول إنه قام بها للتغلب على إدمان المخدرات. وبدأ اعتقاله في ابريل (نيسان) عام 2002 عندما ضبط وهو يحاول مغادرة باكستان بجواز سفر مزيف. ويقول إنه عذب خلال الاحتجاز هناك بمعرفة مسؤولي مخابرات بريطانيين قبل أن يتوجه إلى المغرب على متن طائرة تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية.

واحتجز في المغرب لنحو عامين يقول إنه تعرض خلالهما لمزيد من التعذيب والانتهاكات تشمل توجيه أسئلة يقول انه لا يمكن ان يوجهها سوى مسؤولي مخابرات بريطانيين. وتنفي بريطانيا مشاركتها في تعذيب محمد.

وبعدها نقل جوا إلى أفغانستان حيث احتجزه أميركيون ويقول انه تعرض لمزيد من التعذيب والمعاملة السيئة قبل ان ينقل إلى خليج غوانتانامو في سبتمبر (أيلول) عام 2004. وخلال احتجازه الذي دام ستة أعوام ونصف العام يقول محمد إنه تعرض للغمر بالماء او محاكاة الغرق. وتنفي الولايات المتحدة تعذيبه. وبعد القبض عليه اتهم محمد بتلقي تدريب في معسكرات القاعدة في افغانستان وباكستان وربطته الولايات المتحدة بمؤامرة «القنبلة القذرة».

لكن الاتهامات ضده اسقطت وأفرج عنه في 23 فبراير (شباط) 2009. ومنذ عودته إلى بريطانيا ومحمد يتحدث إلى وسائل الإعلام ويكرر اتهاماته. ورغم انه حر الآن، فقد وافق محمد على بعض الشروط ومنها التزام بألا يسافر مطلقا إلى الولايات المتحدة. ولم يقرر بعد ما إذا كان سيقاضي السلطات الأميركية أو البريطانية.