ضابط في جهاز المخابرات العراقي السابق يعمل بقالا متخفيا.. ويرفض مغادرة العراق

«أبو مروان» لـ«الشرق الأوسط» : كنا جزءا من الدولة العراقية

TT

على الرغم من كل التحذيرات التي تلقاها «أبو مروان» من أجل أن يغادر العراق بعد سقوط النظام، إلا أنه لم يمتثل لها واستمر في حياته الطبيعية يمارس مهنة قد تكون بعيدة عن اهتماماته لكنها ساعدته في إخفاء شخصيته الحقيقية عن أبناء المنطقة التي انتقل إليها مؤخرا.

يمارس «أبو مروان» الذي انتمى لصفوف حزب البعث في سبعينات القرن الماضي من أجل الحصول على وظيفة في جهاز المخابرات العراقية في زمن النظام السابق مهنة البقالة مجتزئا قسما من المنزل الذي استأجره في منطقة سكناه الجديدة. ويؤكد «أبو مروان» لـ«الشرق الأوسط» أن فكر الحزب وأيديولوجيته لم تكن ضمن اهتماماته أبدا فقد تخرج من الكلية العسكرية برتبة ملازم، وكان عليه أن يحمل درجة (نصير) في الحزب ليستطيع الانضمام إلى صفوف جهاز المخابرات العراقي لأنه، وحسب قوله، كان أغلب الشباب في تلك الفترة يعتقد بأن المنتمين لهذا الجهاز يحصلون على امتيازات مهمة. وأشار إلى أنه حصل على ما يريد واستطاع أيضا من خلال مركزه كعقيد في ذلك الجهاز من السفر ثلاث مرات خارج العراق في الوقت الذي كان فيه العراقيون محرومين من السفر. وقال أبو مروان إن سلوته هذه الأيام هي متابعة الأخبار خصوصا بعد أن سمع بأخبار المصالحة مع البعثيين، مؤكدا أنه كان سعيدا بالخبر الذي سرعان ما تغير نحو أن المصالحة مع البعثيين ممن كانوا معارضين للنظام السابق. وتساءل عن مصير المئات ممن اضطروا للدخول في صفوف البعث طمعا بالوظيفة أو المنصب أو الدراسة. وقال إن العديد من الذين انتموا لجهاز المخابرات قد غادروا العراق أما هو فقد رفض هذا الأمر. وأكد «أبو مروان» أن الأخبار التي يستمع لها بشكل يومي ومن خلال متابعته للأوضاع السياسية في العراق تبشر بانفراج في طريقة التعامل مع الملفات العالقة بين العراقيين أنفسهم والذين يشكلون اللبنة الأساسية للحكومة العراقية، وأشار إلى أن هناك حقوقا تقاعدية يأمل أن تمنح لكل الذين عملوا في أجهزة المخابرات والأمن «لأنهم جزء من الدولة العراقية ولا ذنب لهم إن كان رئيس الدولة فلانا أو علانا».

زوجة أبو مروان وأبناؤه الثلاثة وابنته الوحيدة جميعهم يؤكد أن والدهم لا هم له سوى الأخبار ومن فاز في الانتخابات ومن تحالف مع من. وأشار احد أبنائه وهو طالب في المرحلة الإعدادية إلى أن والده «يعمل في البقالة صباحا ومحللا سياسيا مساء». وأشار (أبو مروان) إلى أنه كان يعمل في أحد الأقسام المرتبطة بديوان الرئاسة العراقي، مؤكدا أن العمل في ذلك القسم كان يتطلب منه الكثير من الحذر خوفا من الوقوع في الخطأ الذي قد يجعله يتلقى عقابا وخيما وأنه دائما يتذكر ما حصل لأحد المنتمين لهذا الجهاز الذي أعدم بسبب اتهامه بالحصول على إحدى المطابع الخاصة بطبع العملة العراقية واستحواذه عليها من خلال مركزه في الجهاز.

وأكد أبو مروان أن الذكريات الأليمة التي اختزنتها ذاكرته أثناء عمله لا تلغي الكثير من الذكريات الجميلة التي عاشها وأنه يشعر بأن مستقبل عائلته قد يكون بخير مع تمتعه بامتيازات عمله الحذر. وطالب الحكومة العراقية بالانفتاح على كل العراقيين من دون شرط «خصوصا أن الجميع يعلم بأن الانتماء لحزب البعث كان مجرد انتماء لوظيفة وسبيل عيش قد يوفره هذا الانتماء».