اغتيال نائب السفير الفلسطيني لدى لبنان بانفجار عبوة عند مدخل مخيم المية ومية

الوزير اليحيى: الجريمة أكبر بكثير من مسألة المخيمات الفلسطينية

عدد من فلسطينيي مخيم المية ومية في جنوب لبنان ينقلون أمس جثة أحد قتلى الانفجار الذي أودى بحياة نائب ممثل فلسطين في لبنان.(أ.ب)
TT

اغتيل أمس المسؤول في حركة «فتح» اللواء كمال مدحت، وهو نائب ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان السفير عباس زكي، بعبوة ناسفة استهدفت موكبه عند مدخل مخيم المية ومية في جنوب لبنان. وأدى الانفجار إلى مقتل مدحت على الفور، كما قتل معه مساعده العقيد أكرم ضاهر وأربعة من مرافقيهما عرف منهم حسن شحادة وخالد حمادة وياسر عرفات، وجرح ثلاثة آخرون من أفراد موكبه، وذلك بعد تأديتهم واجب العزاء بقتيلين كانا سقطا في المخيم منذ يومين.

وعلى إثر الانفجار هرعت إلى المكان سيارات الإطفاء والدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني وعناصر من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وشخصيات فلسطينية، كما حضر مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي رهيف رمضان. وبوشرت عمليات إطفاء النيران التي التهمت سيارة اللواء مدحت والسيارة التي كانت خلفها. ونقلت الجثث الأربع والجرحى إلى مستشفى غسان حمود في صيدا. وبدأت القوى الأمنية والقضاء العسكري اللبناني التحقيق في الجريمة.

وقال مصدر قضائي لبناني مشرف على التحقيقات لـ «الشرق الأوسط» إن المعلومات الأولية تشير إلى «أن الانفجار ناجم عن عبوة ناسفة جرى تفجيرها بواسطة جهاز تحكم عن بعد. والتحقيق سيكشف إذا كان الانفجار استهدف اللواء مدحت أم غيره». في حين أوضح مصدر أمني لبناني لـ «الشرق الأوسط» أن المشاهدات الأولية تدل على أن العبوة كبيرة الحجم وربما كانت تزن أكثر من 20 كيلوغراماً، بدليل الحفرة الواسعة التي خلفتها وقذفها لسيارة اللواء المجني عليه ورفاقه عشرات الأمتار، مما أدى إلى تطايرها إلى أجزاء واندلاع النيران فيها.

وقد سطر القضاء العسكري أمس استنابات قضائية إلى كل الوحدات الأمنية لإجراء التحريات والاستقصاءات وجمع المعلومات عن المنفذين وتوقيفهم وسوقهم إلى القضاء.

وفيما قوبل الحادث الإرهابي بردود فعل شاجبة ومستنكرة، أشارت مصادر في حركة «فتح» إلى أن «الانفجار الذي أودى بحياة مدحت ورفاقه كان يستهدف السفير عباس زكي الذي غادر مكان الانفجار قبل عشر دقائق وكان يستقل سيارة مشابهة لسيارة مدحت، مما يشير إلى أن الغاية كانت استهداف السفير وليس نائبه».

هذا ودان الرئيس الفلسطيني محمود عباس اغتيال اللواء مدحت. ووصفه بأنه جريمة إرهابية. وجاء في بيان صدر عن مكتب عباس أنه يدين «الجريمة الإرهابية» التي استهدفت مدحت، مشيراً إلى أن «مدحت كرس حياته لخدمة شعبه وقضيته».

وفيما رفض وزير الداخلية الفلسطيني عبد الرزاق اليحيى، الذي يشارك في مؤتمر وزراء الداخلية العرب المنعقد في بيروت، الإدلاء بأي تصريح حول جريمة اغتيال اللواء مدحت، اكتفى بالقول: «كان رجلا مهماً، لكني لا أستطيع أن أتكلم عن الأمر لأني لا أعرف شيئاً». واستبعد أن تكون جريمة الاغتيال «شأناً متعلقاً بالمخيمات الفلسطينية في لبنان فقط» مشيراً إلى «أن الأمر أكبر من ذلك بكثير».

ووصف الناطق باسم حركة «فتح» في الضفة الغربية فهمي الزعارير الهجوم بأنه «اغتيال»، مشيراً إلى أن «رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي كان يزور أيضاً مخيم المية ومية الذي وقع الانفجار بقربه لكنه نجا. لكن من السابق لأوانه التكهن حول من يقف وراء الهجوم».

من جهته، دعا السفير زكي، في أول تعليق له على اغتيال نائبه، اللاجئين الفلسطينيين وأنصار «فتح» إلى «ضبط النفس والأعصاب» واصفاً «الشهيد اللواء كمال مدحت بأعز الرجال الذي فقدته الساحة الفلسطينية في ظرف هي بأمس الحاجة إليه».

وعن انعكاس الحادث على الوضع والجهة التي يتهمها، قال عباس: «إن شاء الله لن يكون هناك أي انعكاس سلبي على المستوى الأمني. نحن لا نعتدي على سيادة البلد (لبنان) وأمنه. وإننا ننتظر أن تكون هناك إجراءات سريعة لكشف الفاعلين».

وتحدث مسؤول «الكفاح المسلح الفلسطيني» في لبنان العميد منير المقدح عن خطورة الحادث، فقال: «إن مدحت كان له دور إيجابي وصمام أمان في صيدا» مشيراً إلى أنه كان قد أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعدداً من الأجهزة الأمنية بمحاولات متعددة لاغتياله، معتبراً أن «طرفاً ثالثاً قد يكون استغل هذا الموضوع». وتعليقاً على الحادث أصدرت حركة «أمل» بياناً قالت فيه: «في الوقت الذي تتكثف الجهود للمصالحة الوطنية الفلسطينية ـ الفلسطينية، وفي الوقت الذي تترسخ المصالحة الوطنية اللبنانية ـ اللبنانية، امتدت يد القتل والإرهاب لتغتال المناضل الفلسطيني الدكتور كمال مدحت، وكأن إسرائيل تقول خذوني، حيث إنها صاحبة المصلحة الوحيدة في محاولة إرباك الأمن الوطني اللبناني وفي إيقاع الفتن على الساحة الفلسطينية». كما دعت حركة «فتح» وكل الفصائل الفلسطينية إلى «التنسيق مع الجيش والأجهزة اللبنانية لتفويت الفرصة على أعداء الشعبين اللبناني والفلسطيني».

كذلك دان «حزب الله» «جريمة الاغتيال النكراء التي استهدفت نائب سفير فلسطين وأمين سر الفصائل الفلسطينية في لبنان اللواء كمال مدحت ورفاقه». ودعا إلى «محاكمة ومعاقبة المسؤولين عنها». وقال في بيان: «إن حزب الله إذ يعبر عن ألمه وتعاطفه مع الإخوة الفلسطينيين، يرى في هذه الجريمة استهدافاً للشعبين الفلسطيني واللبناني، حيث تبدو البصمات الصهيونية واضحة في محاولة إثارة الإرباك والبلبلة في الساحتين اللبنانية والفلسطينية في هذه المرحلة الحساسة». ومن جانبها أدانت حركة حماس جريمة اغتيال ناجي واعتبرتها «جريمة صهيونية بامتياز». ودعت الحركة في بيان أصدرته أمس في بيروت «القوى والفصائل كافة إلى التماسك والتوحد في مواجهة هذه الجريمة»، كما دعت الأجهزة الأمنية والمرجعيات القضائية إلى العمل «للكشف السريع عن خيوط الجريمة ومرتكبيها».