محكمة الحريري تعلن أداء القضاة لليمين واستكمال الإجراءات القانونية لطلب نقل الملف إلى لاهاي

لم تعلن أسماء القضاة اللبنانيين.. والمدعي العام يمكنه في أي لحظة طلب نقل المتهمين من لبنان

TT

أعلنت المحكمة الخاصة بلبنان أمس أن القضاة أقسموا اليمين وانتخبوا رئيسا فيما بينهم، كما أعلنت استكمال الأدوات القانونية الأساسية المتعلقة بتنظيمها وعملها، ما يعني أن المدعي العام دانيال بلمار أصبح بإمكانه في أي لحظة أن يتقدم بطلب إلى السلطات اللبنانية لنقل الملف إلى المحكمة في لاهاي، بما في ذلك نقل الضباط الأربعة المعتقلين على خلفية جريمة اغتيال رفيق الحريري. ولم تحدد المحكمة في بيان أصدرته أمس متى أقسم القضاة اليمين، واكتفت بالقول «مؤخرا»، كما لم تعلن أسماء القضاة الـ11 كلهم، واكتفت بإعلان أسماء رئيس المحكمة، وهو الإيطالي أنطونيو كاسيزي، وقاضي الدائرة التمهيدية وهو البلجيكي دانيال فرانسين. وكاسيزي كان أول رئيس لمحكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة في لاهاي بين 1993 و1997. كما أعلنت المحكمة أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عيّن، بالتشاور مع رئيس المحكمة، الفرنسي فرانسو رو رئيسا لمكتب الدفاع. والتكتم على أسماء القضاة الباقين، وخصوصا اللبنانيين الأربعة منهم، يعود لأسباب أمنية، وسيتم الإعلان عن أسمائهم فور الانتهاء من الإجراءات الأمنية، بحسب ما جاء في بيان المحكمة. وسيبدأ كل من فرانسين وكاسيزي بممارسة مهامهما بدوام كامل تقريبا. أما سائر قضاة دائرة المحاكمة والاستئناف، فسوف يبدأون بمزاولة مهامهم في تاريخ يحدده الأمين العام للأمم المتحدة، بالتشاور مع رئيس المحكمة. وبعد ثلاثة أسابيع تقريبا على افتتاحها، استكملت المحكمة القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات، والقواعد المتعلقة بالتوقيف، المعروفة بأصول المحاكمات، وأصبح يمكنها بالتالي طلب نقل الملف من لبنان إلى لاهاي. وقالت المحكمة إنها «باتت تملك الأدوات القانونية اللازمة لمعالجة الملفات الأولى المتعلقة بقضية الحريري التي يتوقع من السلطات اللبنانية نقلها في الأسابيع القليلة المقبلة على نحو عاجل وفعال». ومن المفترض أن يبلغ مكتب المدعي العام دانيال بلمار، مكتب قاضي التحقيق اللبناني صقر صقر بنقل الملف إلى لاهاي، ومن ضمنه نقل الموقوفين المعتقلين في لبنان على خلفية الجريمة. ولم يفصح مكتب المدعي العام عن التاريخ الذي سيطلب فيه نقل الملف، ولكن الناطقة باسم المدعي العام، راضية عاشوري، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعد هناك من عوائق أمام طلب نقل الملف إلى هولندا.

وعندما يتقدم بلمار بطلب إلى القضاء اللبناني بنقل الملف إلى المحكمة الخاصة بلبنان، يتخلى القضاء اللبناني عن صلاحياته في قضية اغتيال الحريري، وتصبح سلطة المحكمة الخاصة أعلى من سلطته، وذلك بحسب ما جاء في النظام الأساسي للمحكمة. ويكفي أن يتقدم المدعي العام بطلب إلى قاضي التحقيق اللبناني الذي يعمل على الملف، لضمان نقله إلى لاهاي، من دون المرور بالحكومة اللبنانية التي وافقت في السابق على نظام المحكمة، وعلا بمبدأ فصل السلطات (التنفيذية والقضائية)، المطبق في لبنان. وعرضت المحكمة في البيان الصادر عنها أمس، لمجموعة من التفاصيل المتعلقة بدور قاضي الدائرة التمهيدية وطريقة استجواب المتهمين وإنشاء إجراءات بديلة عن التوقيف.. وقال وزير العدل اللبناني إبراهيم النجار لـ«الشرق الأوسط» إن الهدف من نشر هذه الإجراءات، الإعلان أن المحكمة جهزت كل المتطلبات اللوجيستية لعملها وأصبحت جاهزة للانطلاق والانتقال إلى بدء المحاكمات. ومن بين الإجراءات البديلة عن التوقيف التي يمكن للمحكمة أن تعتمدها، إصدار أوامر للمثول أمام المحكمة بدلا من مذكرات التوقيف، والسماح للمتهم بالمثول أمام المحكمة وبحوزته جواز مرور يحصنه من التوقيف والملاحقة القانونية، والمشاركة في الإجراءات عبر خدمة المؤتمرات المتلفزة. كما يتيح الإجراء الأخير للمتهمين بالمشاركة في المحاكمة من مكان إقامتهم بدون الحاجة إلى القدوم إلى لاهاي، ولا تعتبر هذه الإجراءات بمثابة محاكمة غيابية، وفقا للنظام الأساسي للمحكمة. ويمكن تفسير هذا الإجراء بمحاولة إبقاء مصاريف المحكمة منخفضة، وتجنب دفع مصاريف سفر وإقامة للمتهمين. ولا يعتبر هذا الإجراء ضعفا في نظام المحكمة، وقال وزير العدل اللبناني أن بلدانا أنغلو ساكسونية كثيرة تعتمد هذا الإجراء لاستجواب المتهمين. وقد قررت المحكمة اتخاذ الإجراءات البديلة، لحث الدول التي لم توافق مسبقا على التعاون مع المحكمة، على التعاون معها، وللحد بقدر الإمكان من اللجوء إلى المحاكمات الغيابية.

وعن صلاحيات قاضي الدائرة التمهيدية، فهو يمارس صلاحيات «هامة» خلال المرحلة الأولى من الإجراءات تسهيلا لإجراءات المحاكمة، في الوقت الذي يحضر فيه الادعاء والدفاع قضاياهما. وقاضي الدائرة التمهيدية هو القاضي الذي سيقدم إليه المدعي العام القضية عندما ينتهي من تجهيزها ويطلب نقل الملف إلى لاهاي.

أما عن مكتب الدفاع، فقد أنشئ بموجب النظام الأساسي للمحكمة، وهو يهدف إلى تأمين تكافؤ الفرص بين الادعاء والدفاع. وبملك مكتب الدفاع صلاحيات واسعة لاختيار محامين يتمتعون بكفاءة عالية وخبرة في مجالي الإرهاب والقضايا الجنائية الدولية. وتنظم المبادئ التوجيهية الخاصة بتعيين محامي الدفاع، النظام المطبق على المحامي المعين وعمل مكتب الدفاع. وتنص بشكل خاص على أن تقوم لجنة قبول مؤلفة من رئيس مكتب الدفاع ومحاميين اثنين، أحدهما يعينه رئيس مكتب الدفاع والآخر يعينه الرئيس، بالتشاور مع نقابات المحامين اللبنانية، باختيار المحامين الأكثر كفاءة الذين سوف يمثلون المتهمين والمشتبه بهم أمام المحكمة.