اغتيال القيادي الفلسطيني يتفاعل وفتح تكشف عن رسائل تهديد صوتية له وللسفارة

سليمان يصفه بـ«المقلق» ويرى فيه رائحة إسرائيلية

TT

تفاعلت أمس قضية اغتيال نائب ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، اللواء كمال مدحت، مع ثلاثة من مرافقيه بتفجير عبوة ناسفة استهدفت موكبه عند مدخل مخيم المية ومية شرق مدينة صيدا أول من أمس. وفي وقت واصلت فيه الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية تحقيقاتها في الجريمة، كشفت حركة «فتح» عن وجود رسائل صوتية لديها مسجلة لأشخاص يهددون مدحت والسفارة الفلسطينية. وقد استمرت المواقف السياسية المنددة بالجريمة. وكان أبرزها موقف الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي وصف التفجير بـ«المقلق من حيث توقيته». وقال: «إن هذا الحادث تُشتم منه رائحة تدبير إسرائيلي يهدف إلى تعميق هوة الخلافات الفلسطينية ـ الفلسطينية التي شكلت نقطة ضعف عربي وكذلك نقطة ضعف فلسطيني، في وقت تتواصل المساعي العربية على مستويات عالية من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية التي هي حجر الأساس لوحدة الموقف والشعب الفلسطيني». واتصل الرئيس سليمان بسفير دولة فلسطين لدى لبنان عباس زكي معزيا في اللواء مدحت. وعبر عن «إدانته الكاملة لجريمة الاغتيال» مشددا على ضرورة «إشاعة أجواء التهدئة لصد الأهداف المرسومة من عملية الاغتيال». في غضون ذلك، استمرت التحقيقات الأمنية والقضائية في الجريمة. وأفاد مصدر قضائي مطلع أن التحقيق لا يزال في مرحلة جمع المعلومات، وأنه حتى الآن لم تتوافر خيوط أو معطيات مهمة، مشيراً إلى أنه «جرى الاستماع إلى عدد من الشهود بينهم مقربون من اللواء مدحت. ويتم التركيز على ما إذا كان تلقى تهديدات في أوقات سابقة أو أنه كان يشعر أن حياته في خطر».

وكشف المصدر أن التحقيق «يأخذ بفرضيات متعددة. وهو يسعى إلى تضييق هامش هذه الفرضيات وحصرها في الاتجاه الذي قد يقود إلى الإمساك بخيوط يمكن أن تؤدي إلى نتائج مهمة». ولفت إلى وجه الشبه بين هذا الحادث والاغتيالات التي شهدها لبنان في السابق وطالت نواباً وشخصيات سياسية وإعلامية وأمنية، لجهة نوع المتفجرات وتفجير العبوة عن بعد وإخضاع الشخصية المستهدفة لمراقبة مسبقة.

إلى ذلك، كلّف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر فصيلة صيدا في قوى الأمن إجراء التحقيقات الأولية وجمع المعلومات. كما كلف خبراء المتفجرات الكشف على موقع الجريمة ومعاينة السيارة المستهدفة ووضع تقرير بالنتيجة، علماً بأن التقديرات الأولية تشير إلى أن زنة العبوة 25 كيلوغراماً من مادة الـ «تي.إن.تي» وأنها فجرت بواسطة جهاز تحكم عن بعد.

وادعى أمس القاضي صقر على مجهولين وكل من يظهره التحقيق بتأليف مجموعة إرهابية «أقدمت على تفجير عبوة ناسفة عند مدخل المية ومية أدت إلى مقتل المسؤول الفلسطيني اللواء كمال ناجي المعروف باسم كمال مدحت وثلاثة آخرين، وجرح أشخاص آخرين ومحاولة قتلهم والقيام بأعمال إرهابية عبر المتفجرات وإلحاق الأضرار بالممتلكات العامة والخاصة» وذلك سنداً إلى مواد في قانون العقوبات وقانون الإرهاب تنص على عقوبة الإعدام. وأحال الادعاء على قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر لإجراء التحقيقات الاستنطاقية.

وبدأ أمس سفير فلسطين لدى لبنان عباس زكي بتقبل التعازي من الوفود اللبنانية والفلسطينية في مبنى السفارة في بيروت. ومن أبرز المعزين رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط على رأس وفد ضم الوزير وائل أبو فاعور والنائب علاء الدين ترو. كما قدم التعزية أحمد الحريري ممثلا وزيرة التربية بهية الحريري، جوزيف نعمة ممثلا رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية شفيق الحوت، وزير الداخلية الفلسطيني الفريق الركن عبد الرزاق اليحيى على رأس وفد من وزارة الداخلية الفلسطينية، عضو المجلس الوطني صلاح صلاح. وتلقى زكي اتصالات منددة بالجريمة أبرزها من رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ووزير الخارجية فوزي صلوخ. والنائب أنور الخليل، والمرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله وقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي.

وأدانت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين جريمة اغتيال مدحت وحملت إسرائيل «مسؤولية هذه الجريمة النكراء» معتبرة «أن الرد عليها يكون بتعزيز الوحدة الوطنية بين جميع الفصائل الفلسطينية». وحمَّلت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة» «العدو الصهيوني» مسؤولية اغتيال اللواء مدحت، «لأن بصماته تؤكد أنه المستفيد الوحيد من هذه العملية». ودعت الفصائل والقوى إلى «التلاقي في مواجهة الجريمة وأهدافها». واستنكر رئيس لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني السفير خليل مكاوي «الجريمة الغادرة». واعتبرها «رسالة خطيرة، لا سيما أنها استهدفت شخصية عرفت في المرحلة الأخيرة منذ معارك مخيم نهر البارد والعدوان على غزة، بالعمل الصامت والحكيم على توحيد الرؤى حول الشرعية الفلسطينية في لبنان في انفتاح على التعددية، مما يدعو الإخوة الفلسطينيين إلى ترسيخ وحدتهم ورص الصفوف بما يخدم قضيتهم العادلة».