باكستان: رئيس المحكمة العليا يدعو لمكافحة الفساد «المستشري».. في أول يوم عمل له

مئات المحامين وأهالي «المفقودين» استقبلوه داخل المحكمة وخارجها

افتخار محمد تشودري يتلقى التهاني من أنصاره خارج المحكمة (إ.ب.أ)
TT

«تتحمل الحكومة المسؤولية الكاملة عن توفير الحقوق الأساسية لجميع المواطنين في البلاد، ولن تتهاون المحكمة إزاء التقصير من جانب الحكومة إزاء ذلك». بهذه الكلمات استهل افتخار محمد تشودري رئيس المحكمة العليا حديثه، في اليوم الأول له بعد عودته إلى منصبه الذي أقيل منه منذ 17 شهرا. بدأ القاضي الذي يتسيد منصة القضاء في المحكمة العليا، يومه الأول بسماع شكوى عاجلة من مدرسي المدارس الحكومية الباكستانية، الذين يسعون للحصول على وظائف ثابتة في وزارة التعليم. وقال تشودري: «إن الحكومة تتحمل المسؤولية الكاملة من أجل توفير الحقوق الأساسية للمواطنين، كما أن عليها ألا تضيع الوقت في سجالات قانونية مع أفراد الشعب في المحاكم».

وحث تشودري جماعة المحامين الذين غصت بهم قاعة المحكمة، على الإبلاغ عن قضايا الفساد داخل النظام القضائي، بالقول: «لقد استشرى الفساد في المؤسسة القضائية، ولن نتمكن من القضاء عليه دون مساعدة من المحامين». وأضاف أمام مئات المحامين الذين وصلوا لقاعة المحكمة، لتهنئته في أول يوم له بعد عودته إلى منصبه: «إنها لسعادة كبرى ويوم شكر لله على عودة الشرعية بعد غياب طويل».

ونثر المحامون الذين تجمعوا بأعداد كبيرة خارج مبنى المحكمة العليا لتهنئة رئيس المحكمة، الورود على سيارته الرسمية التي أقلته من مقر إقامته القريب من مبنى المحكمة، وغنوا ورفعوا الشعارات المؤيدة له. وفي خارج مبنى المحكمة، تجمع إلى جانب المحامين، أعداد كبيرة من ذوي «المفقودين» للمشاركة في الاحتفال، رافعين صور أقاربهم من المفقودين الذين يعتقد أنهم في سجون الوكالات الاستخبارية. وتتوقع تلك العائلات أن يستمع رئيس المحكمة العليا لقضاياهم.

ويعتقد المحللون السياسيون أن الحماسة التي أبداها افتخار تشودري في دفع الوكالات الاستخبارية لتقديم هؤلاء المعتقلين إلى المحاكمة، هي السبب وراء إقالته من منصبه مرتين خلال عام 2007، في عهد الرئيس السابق برويز مشرف. وقالت آمنة مسعود جونجة، التي فقدت زوجها منذ أربع سنوات، والتي تقود حركة لإطلاق سراح المعتقلين: «نأمل في أن يبدأ رئيس المحكمة العليا في سماع قضايا المفقودين في أسرع وقت ممكن».

وخلال الاحتفالات التي كانت تجرى داخل القاعة، تم تقديم طلب إلى المحكمة لإثبات تهمة الخيانة بحق الرئيس السابق برويز مشرف، بسبب إلغائه للدستور. وعقوبة الخيانة، تضع المادة السادسة من الدستور عقوبة الإعدام لكل من يلغي أو يتآمر على إلغاء الدستور الباكستاني. وتضمن الالتماس الذي قدمه كبير محامي المحكمة العليا معارضة للتعيينات التي شهدتها المحاكم العليا، خلال عهد مشرف والرئيس آصف علي زرداري. وطلب أكرم شيخ، كبير الدفاع أمام المحكمة العليا في التماسه، عدم إسناد مهام قضائية للقضاة المعينين بعد 3 نوفمبر (تشرين الثاني)، 2007 وأن توضح المحكمة ما إذا كانت تلك التعيينات قد تمت بمشاورة مع رئيس المحكمة أم لا.

من جهة أخرى، من المقرر أن تبدأ المحكمة العليا في 30 مارس (آذار)، جلسات استماع للاستئناف المقدم ضد نزع أهلية نواز شريف، رئيس الوزراء الأسبق، وشقيقه شهباز شريف، طبقاً لما ورد عن مسؤول بارز بالمحكمة العليا الباكستانية. وقال المسؤول إن رئيس المحكمة العليا، أصدر أوامره بعقد جلسة استماع مبكرة للاستئناف المقدم في هذا الصدد، استجابة لطلب الحكومة التي يهيمن عليها حزب الشعب الباكستاني. وفي إطار قرار سابق، حظرت هيئة تتبع المحكمة العليا مؤلفة من ثلاثة أعضاء، على الشقيقين تقلد أي منصب عام أو الترشح في الانتخابات البرلمانية. وبعد فترة طويلة سادت فيها الشكوك السياسية، قررت الحكومة التقدم بالتماس للمحكمة العليا لإعادة النظر في هذا القرار. وفي الوقت الذي ظل فيه نواز شريف مصراً على عدم المثول أمام قضاة عينهم الرئيس السابق مشرف، فإنه عمد إلى التخفيف من حدة موقفه في أعقاب إعادة تعيين تشودري رئيساً للمحكمة العليا. وقد قرر نواز شريف التقدم بالتماس إلى المحكمة العليا، لإلغاء الحكم الصادر بحظر مشاركته في الانتخابات البرلمانية. جدير بالذكر أن الحكم من قبل المحكمة العليا بإبطال القرار السابق، لن يسمح لنواز شريف بالمنافسة في الانتخابات البرلمانية فحسب، وإنما سوف يسمح كذلك لشقيقه شهباز شريف باستعادة منصبه باعتباره المسؤول الأول عن إقليم البنجاب، أكبر أقاليم باكستان.