وزير الخارجية الصومالي لـ«الشرق الأوسط»: مستعدون للتحاور من إريتريا وفتح صفحة جديدة

دعا المعرضة للانضمام إلى عملية السلام وتعهد بحذف المدرجين في قائمة الإرهاب الدولية

TT

دعا محمد عبد الله عمر وزير الخارجية الصومالي جميع الجماعات المناوئة للسلطة التي يقودها الرئيس الانتقالي الشيخ شريف شيخ أحمد، للانضمام إلى عملية السلام والمصالحة التي ترعاها الأمم المتحدة، وتعهد بالسعي لحذف المدرجين من قياداتها على قوائم الإرهاب الأميركية والدولية في حالة قبولهم التفاوض مع الحكومة الصومالية. وعمر ينحدر من إقليم أرض الصومال الذي أعلن انفصاله من جانب واحد عن الدولة الصومالية عام 1991، وكان قد عمل في السابق رجل أعمال وأدار مصنع شركة الكوكاكولا الأميركية في العاصمة مقديشو، قبل انضمامه بمحض المصادفة إلى الحكومة الصومالية الحالية.

وطالب عمر، في حوار لـ«الشرق الأوسط»، إريتريا بتجاوز خلافاتها القديمة مع السلطة الصومالية السابقة بقيادة الرئيس الصومالي المستقيل عبد الله يوسف، وفتح صفحة جديدة مع حكومته شريطة احترام السيادة الداخلية. وقال إن حكومته مستعدة للتحاور مع إريتريا وتحالف المعارضة الصومالية الذي تستضيفه منذ عامين على أراضيها، لإزالة كل الشكوك والمخاوف التي تنتاب أسمرة. ولفت إلى أن بلاده لا تمثل تهديدا لإثيوبيا، مؤكدا أن حكومته تسعى لإقامة علاقات حسن جوار قائمة على أساس المصالح المشتركة واحترام السيادة الداخلية لكل دولة في منطقة القرن الإفريقي. وفي ما يلي نص الحوار

* كيف ترى أولويات الحكومة الصومالية؟

- أولوياتنا هي إعادة بناء الدولة وأن نستعيد دورنا الإيجابي في العالم العربي كدولة عليها مسؤوليات في منطقة القرن الإفريقي.

* وما أجندتكم لتحقيق ذلك؟

- كحكومة نحن لدينا 3 عناصر، وهي تحقيق الأمن والاستقرار، ولدينا خطة لفرض النظام في العاصمة مقديشو وغيرها من المناطق التي عانت من الحروب، وهناك دويلتا أرض الصومال والبونت لاند، وهما تتمتعان بحد معقول من الأمن والاستقرار، ولن نتدخل فيهما في هذه المرحلة، لكننا سنعمل على تعزيز السلام ثم نحاول مساعدة المواطنين الذين شُردوا وطُردوا من منازلهم في العاصمة إلى خارجها على العودة مجددا. نحن نتحدث عن نحو مليون شخص يجب علينا أن نساعدهم على الوصول إلى منازلهم، وأخيرا علينا بناء النظام الإداري للدولة بما في ذلك كل ما له علاقة بالمؤسسات التي تعرضت للتدمير والخراب خلال سنوات الحرب الأهلية، وعلينا أن نبلغ العالم بأجندتنا وببرنامجنا.

* وماذا عن السلام مع المعارضة؟

- أبوابنا مفتوحة للسلام في كل الأوقات وستظل كذلك. ليس هناك حد أدنى أو أقصى لذلك. نحن حكومة حوار وسلام ومستعدون للتحاور مع أي شخص ودون أي شروط مسبقة.

* وماذا عن مهمتك كوزير للخارجية؟

- مهمتي كوزير للخارجية هي إقناع العالم بدعم هذه المساعي، فمن دونها لن يمكن لهذا البلد أن يستقر. نعلم أن العالم، وبخاصة هؤلاء المعنيون بالوضع في المنطقة، عليهم أن يتدخلوا، وعلى العالم العربي أن يساعدنا في هذا.

* لكن ثمة من يشكك في شرعية هذه الحكومة.

- لا، هذا لم يعد مقبولا، فنحن حكومة لديها شرعية كاملة، والطريقة التي تم بها تنصيب الرئيس والحكومة والبرلمان تبرهن للجميع أن هناك إرادة صومالية لوقف المعاناة. الناس سئمت هذا الوضع، ويريدون التغيير، هناك دعم شعبي واضح لحكومتنا، وقواعد القانون يجب احترامها.

* لكن مع ذلك التمثيل الدبلوماسي العربي في العاصمة محدود.

- هناك دول بالفعل لديها سفراء هناك السودان وليبيا واليمن، والتقيت هؤلاء بالفعل ونفذنا تعهداتنا خلال أسبوع، والحكومة بدأت تمارس عملها في العاصمة رغم كل الصعوبات، وكل أعضاء الحكومة هناك، ويمارسون صلاحياتهم بالفعل، والبرلمان أيضا عاد، والرئيس الشيخ شريف كان أول من عاد، والحكومة الآن موجودة بالفعل وتعمل من العاصمة، وهكذا نحن أظهرنا أننا وسط الناس وفي العاصمة، ولكن كما قلت، الإدارة هي الأساس لعمل الحكومة، وهذه مهمتنا الأساسية، أن نعيد بناء كل المؤسسات وأن نوفر لها كل الإمكانيات.

* هل تعتقد أن وجود باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة يخدم توجهاتكم؟

- أوباما يمثل الجيل الجديد كما هو الحال لدينا، وهذا هو الموضوع الرئيسي، ونسعى لإقناع الأميركيين بالتعاون معنا، وأظن أن أميركا كقوة كبرى لديها اهتمامات بالصومال تماما كما العالم العربي، ولست ممن يعتقدون أن الولايات المتحدة ضد الشعب الصومالي، لا أظن ذلك.

* هل نتحدث عن ترتيبات لزيارة وشيكة للشيخ شريف إلى واشنطن؟

- ربما لاحقا، لكن الآن الوقت ما زال مبكرا، ولكني عقدت اجتماعات مع ممثلين للحكومة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، وليس لدى شك في النيات الحقيقة لهذه الأطراف.

* هل تلقيتم وعودا محددة؟

- نعم، هم أطلقوا وعودا وقالوا إنهم سيساعدون الحكومة سياسيا وماليا، وأعتقد أن القوى الرئيسية في مجلس الأمن عليها أن تعمل بنفس طريقة أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة الخاص لدى الصومال.

* لكن لماذا؟

- لأنه رجل سلام ويسعى منذ عامين لتحقيق ذلك، ولدينا الفرصة للتعاون معه؛ إنه يلعب دورا مهما، وبفضل جهوده فإن دول مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي علانية يؤيدون الصومال.

* ماذا عن العلاقات مع إثيوبيا وإريتريا؟

- أعتقد أن ما كان يحكم موقف البلدين سابقا هو افتقاد النظام في الصومال، ولكن هذه صفحة ماضية؛ هناك الآن دولة رغم وجود مجموعات معارضة لها، لكن علينا الانتباه إلى أن الأغلبية قررت أنها لا تريد الحرب.

* هل ثمة مخاوف إثيوبية من المتطرفين؟

- نحن لا نهدد إثيوبيا، وليست لدينا أي نوايا مطلقا لفعل ذلك، وما يهدد إثيوبيا يهددنا سواء تكلمنا عن المتطرفين أو غيرهم، ولهذا على الجميع أن يفهم أن المتطرفين ليسوا على أجندة الاهتمام لأي شخص. انظر مثلا إلى كيف تحولت مشكلة القراصنة بسبب الوضع الراهن إلى أزمة عالمية وإقليمية وتؤثر على الاقتصاد العالمي، ولذلك نحن مستعدون للتعاون مع المجتمع الدولي. القرصنة يجب أن تتوقف، لكن هذا لن يحدث ما لم يعد الاستقرار والأمن إلى الصومال، وهذا أيضا ما نقوله لإثيوبيا.

* هل ستطلبون من إريتريا طرد المعارضين الصوماليين؟

- إريتريا دولة شقيقة وجارة، ولدينا علاقات تاريخية طويلة، وهي بهذا المعنى ليست علاقات مؤقتة، ولدينا عنصر أساسي للاهتمام المشترك هو الاستقرار والأمن للإقليم الذي عانى من الحروب لمدة نصف قرن.

نحن نلح على إخواننا في إريتريا أن يفهموا أننا في صفحة جديدة وأننا نريد السلام لنا وللإقليم، ولسنا مهتمين بالصراع أو المتطرفين سواء في الداخل أو الخارج.

والتنمية يجب أن تكون الآن طموحنا الرئيسي لصالح الشعوب، بدلا من المواجهات السياسية والعسكرية، ولكن أيضا هناك قواعد عالمية للتفاهم، التدخل في الشؤون الداخلية ممنوع، وما أريد أن أقوله أن ما حدث في الصومال مؤخرا كان نتيجة افتقادنا للحكومة الفاعلة، ولا يوجد الآن سبب لكي يقول أحدهم إنه لا توجد حكومة أو شرعية في الصومال.

* وهل تعتزمون التحاور مع تحالف أسمرة؟

- بالنسبة إلى هؤلاء الموجودين في إريتريا أبوابنا مفتوحة وندعو ونطالب بأن نعيش مع القواعد الدولية بعدم التدخل، إذا كانت لديهم مشكلات أو ملاحظات فعلينا أن نجلس للتحاور، وسيكون من الخطأ أن ننظر إلى الصومال كما كان الحال قبل عامين.

* هل من رسالة إلى أسمرة؟

- مستعدون للمناقشة، وإذا كانت لديهم وجهات نظر فعلينا أن نجلس وجها لوجه، لا أن نتحاور عن بعد.

* لكن إريتريا لا تعترف بحكومتك أساسا.

- هذا خطأ، إذا كانت لديهم أي ملاحظات فأبوابنا مفتوحة، وها أنا أقول هذا مجددا عبركم، عسى أن يقرؤوا وتكون لديهم ردود إيجابية. نحن مازلنا على طاولة للمفاوضات، والطاولة موجودة، ونحن مستعدون لمناقشة أي موضوع وكل موضوع، لأن هدفنا هو السلام.

* هل تعتقد أن ثمة إمكانية للمصالحة بين زعيم المعارضة الشيخ أويس والشيخ شريف؟

- أنا واثق أن رجلين عملا معا في الماضي ويفهم كلاهما الآخر سيسهل الحوار بينهما في المستقبل، وإلا لما عملا معا في الماضي من أجل مصلحة الشعب الصومالي.

* فهمت أنكم تتحركون لحذف المطلوبين على القوائم الإرهابية.

- نعم، هناك أسماء موجودة بالفعل على لوائح الإدارة الأميركية والأمم المتحدة، وهو موضوع طُرح في الماضي، والحكومة أخذت موقعها، وسنعمل كل ما بوسعنا لمساعدة هؤلاء، بما في ذلك جماعات المعارضة، لكن هذا فقط إذا كان هناك سلام وإذا انضموا إلى المصالحة. السلام يأتي أولا، ويجب أن يثبتوا ويبرهنوا للعالم أنهم دعاة سلام، ثم سنتحرك باتجاه أميركا والأمم المتحدة لإزالة أسمائهم من تلك القوائم.

* كأحدث وزير خارجية عربي، كيف ترى الوضع العربي الراهن؟

- إذا كنت تقصد الخلافات فهي ستكون من الماضي، وثمة خلافات أيضا بين دول الاتحاد الأوروبي، وعليك أن تتمعن في تاريخ الحربين العالميتين الأولى والثانية لكي تتفهم أنه ما من مجموعة إقليمية وإلا وبين أعضائها خلافات، لكن لحسن الحظ فإن الجامعة العربية لم تكن وليدة لحروب دموية كما حدث في أوروبا، وإنما هي خرجت إلى الوجود بإرادة عربية لدعم المصالح المشتركة، لذلك ليس علينا أن نضخم من الخلافات الحاصلة بين هذه الدولة العربية وتلك.