البنتاغون يطلق اسماً جديداً على «الحرب ضد الإرهاب»

البديل.. «عمليات خارجية طارئة»

TT

يبدو أن إدارة أوباما تحرص على تجنب استخدام عبارة «الحرب العالمية ضد الإرهاب»، إحدى الموروثات الخطابية المميزة من الإدارة السابقة لها. وفي إطار مذكرة أرسلها مكتب المراجعة الأمنية التابع لوزارة الدفاع إلى العاملين بالوزارة، جرى التنويه بأن: «الإدارة الحالية تفضل تجنب استخدام مصطلح (الحرب الطويلة) أو (الحرب العالمية ضد الإرهاب). من فضلكم، استخدموا مصطلح (عمليات خارجية طارئة)».

وأشارت المذكرة إلى أن هذه التوجيهات جاءت من مكتب شؤون الإدارة والميزانية، وهي وكالة تتبع السلطة التنفيذية تتولى مراجعة الشهادات العامة التي يدلي بها مسؤولو الإدارة قبل إعلانها. على الجانب الآخر، نفى كينيث باير، المتحدث الرسمي باسم المكتب، هذا الأمر. وقال بالأمس: «لم تكن هناك مذكرة، أو توجيهات. إن هذا مجرد رأي موظف مدني». جدير بالذكر أن كبار مسؤولي الإدارة كانوا يستخدمون علانية عبارة «عمليات خارجية طارئة» في الإشارة إلى الحروب منذ قرابة شهر قبل إرسال تلك المذكرة. وتحول بيتر أورزاغ، مدير مكتب شؤون الإدارة والميزانية، لاستخدام هذه العبارة في 26 فبراير (شباط) أثناء مناقشته الميزانية التي اقترحها أوباما خلال مؤتمر صحافي، حيث قال: «تكشف الميزانية مجمل تكاليف العمليات في العراق وأفغانستان وأي عمليات خارجية طارئة أخرى قد تكون ضرورية». وفي إطار شهادة أدلى بها أمام الكونغرس الأسبوع الماضي، قال كريغ دبليو. دوهرنغ، مساعد وزير القوات الجوية للقوة البشرية: «مكنت الحوافز المالية الأساسية المرتبطة بميدان القتال، القوات الجوية من تلبية احتياجات العمليات الخارجية الطارئة رغم استمرار تزايد المتطلبات». وترتبط مذكرة البنتاغون الصادرة يوم الاثنين بالشهادة التي من المقرر أن يدلي بها القائد جون دبليو. بيرغمان، قائد قوات الاحتياط البحرية، أما الكونغرس اليوم. ونصحت المذكرة العاملين في البنتاغون بتمرير الرسالة إلى «المعنيين بصياغة الخطب لديكم ومحاولة إقرار هذا التغيير قبل وصول الشهادات إلى مكتب شؤون الإدارة والميزانية». على الجانب الآخر، قال باير: «ليس هناك ما يدعوني إلى الاعتقاد بأن هذه العبارة (الحرب العالمية ضد الإرهاب) سوف يتم محوها» من الشهادات المستقبلية التي سيجري الإدلاء بها أمام الكونغرس.

يذكر أن إدارة بوش قد أقرت هذه العبارة في أعقاب وقوع هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 بفترة قصيرة بهدف الإشارة إلى نطاق التهديد الذي تعتقد وجوده والعمليات العسكرية التي سيتعين تنفيذها للتصدي له. وفي ثنايا خطاب ألقاه أمام الكونغرس بعد تسعة أيام من وقوع الهجمات، قال الرئيس جورج دبليو. بوش: «حربنا ضد الإرهاب لن تنتهي حتى يتم التوصل إلى وقف وهزيمة كافة الجماعات الإرهابية ذات النطاق العالمي». إلا أن نقاداً في الخارج والداخل، بمن في ذلك بعض عناصر المؤسسة العسكرية، رأوا أن هذا المصطلح يسيء تصنيف طبيعة العدو وقدراته. على سبيل المثال، قال بعض الضباط العسكريين إن تصنيف تنظيم القاعدة والجماعات العسكرية الأخرى المناوئة للولايات المتحدة كجزء من حركة واحدة ينطوي على مبالغة في تقييم قوة هذه الجماعات. وفي بداية فترة ولاية بوش الثانية، روج دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع آنذاك، لفكرة تغيير الصياغة إلى «الصراع العالمي ضد التطرف العنيف»، لكن بوش رفض هذا التحول ولم يتزعزع عن موقفه قط القائم على أن مصطلح «الحرب العالمية» يصف بدقة الصراع الذي تخوضه الولايات المتحدة. في الشهر الماضي، حثت اللجنة الدولية للحقوقيين إدارة أوباما على التخلي عن عبارة «الحرب ضد الإرهاب»، معللة ذلك بأن العبارة منحت إدارة بوش: «ذريعة زائفة لارتكاب عدد من الانتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني»، بينها ممارسات احتجاز وتحقيق، وصفتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأنها تعذيب. في هذا الصدد، قال جون إيه. ناغل، ضابط الجيش السابق الذي ساعد في صياغة أحدث الإرشادات الميدانية لعمليات الطوارئ الصادرة عن المؤسسة العسكرية، إلى أن عبارة «الحرب العالمية ضد الإرهاب» كانت: «بالغة السوء لأنها جمعت، حسب اعتقادي، بين مجموعة متنوعة من المنظمات وحركات التمرد». وأضاف ناغل: «ينبغي أن تتمثل استراتيجيتنا في التفريق والسيادة وليس تعزيز قوة الأعداء. إننا نجابه عدداً من حركات التمرد المختلفة بشتى أنحاء المعمورة، بعضها يساند قضايا محلية، وبعضها يركز على قضايا دولية. ومن شأن النظر إليها جميعاً عبر الزاوية ذاتها تشويه الصورة وتضخيم قوة العدو». يتولى ناغل حالياً رئاسة مركز الأمن الأميركي الجديد، وهي منظمة فكرية في واشنطن تعنى بالسياسات الدفاعية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»