الحريري: حزب الله لن يتمكن من عرقلة المحكمة حتى لو تسلم السلطة.. ولكن اقتصادنا سيكون في خطر

رفض مبدأ استبدال رئيس مسلم بالرئيس اللبناني المسيحي

الحريري يتحدث في ندوة عقدت في «شاتام هاوس» في لندن أمس (تصوير: حاتم عويضة)
TT

حذر النائب سعد الحريري، زعيم الأغلبية النيابية في البرلمان اللبناني، من وصول حزب الله وحلفائه إلى السلطة، وقال إن فوزهم بالانتخابات النيابية المفترض إجراؤها في 7 يونيو (حزيران)، سيعرض اقتصاد لبنان للخطر. وقال الحريري إن لبنان «سيواجه وقتاً عصيباً جداً في الحفاظ على نموه الاقتصادي»، في حال فوز «8 آذار» بالانتخابات، «لأن لا أحد يعرف خطتهم الاقتصادية بعد».

وأعلن الحريري في ندوة عقدت في «شاتم هاوس» في لندن، حول مستقبل لبنان والمنطقة، أن فريق «14 آذار» لن يشارك في السلطة في حال فوز «8 آذار» بالانتخابات، وسينتقل إلى صفوف المعارضة. وأضاف: «سنخوض الانتخابات المقبلة بإرادة الفوز... لنأمل أن نفوز وأن لا يفوزوا هم». ولكنه أشار إلى أن المعارضة ستكون ضد السياسات التي ستتبعها الحكومة وليس ضد نتائج قررها الشعب، وبرلمان انتخب ديمقراطياً. وعلى الرغم من تشديده على «تاريخية» الانتخابات النيابية المقبلة، وتأكيده أنها ستحدد مستقبل لبنان، بدا الحريري مطمئناً إلى مستقبل المحكمة الخاصة بلبنان حتى في ظل حكومة يقودها حزب الله. وقال إن محكمة والده، رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، أصبحت «بيد العدالة الدولية، وأياً كان الفريق الحاكم، فإن المحكمة ستجد العدالة، ومن ارتكب الجريمة سيدفع الثمن». ورفض الحريري، رداً على سؤال، فكرة استبدال رئيس لبنان المسيحي، برئيس مسلم، وأشار إلى أن هذا الأمر غير مطروح في لبنان. ويفرض الدستور أن يكون رئيس لبنان مسيحياً من الطائفة المارونية، ورئيس وزرائه مسلماً من الطائفة السنية، فيما يكون رئيس البرلمان مسلماً من الطائفة الشيعية. وقال الحريري: «أعتقد أنه يجب أن يكون لدينا دائماً رئيس مسيحي لأن قوتنا الأساسية أننا لا نميز بين مسلم ومسيحي، فلبنان هو الرسالة، والرسالة هي أن المسيحيين والمسلمين يعيشون سوياً من دون مشاكل». وكان بابا الفاتيكان السابق يوحنا بولس الثاني، قد أطلق على لبنان لقب «لبنان الرسالة» خلال زيارته له في العام 1997، وقال حينها إن لبنان يحمل إلى العالم رسالة تعايش بين شعوبه المختلفة، مسيحيين ومسلمين. ولاقى رد الحريري حول رفضه لاستبدال مسلم بالرئيس المسيحي، استحسان البارونة إليزابيث سايمونز من مجلس اللوردات، التي كانت من بين الحضور، وعلقت قائلة إن هذا الأمر «يطمئن» ويبعث رسالة جيدة. وتعليقاً على انفتاح بريطانيا على الجناح السياسي في حزب الله، رأى الحريري أن «كل أنواع الاتصالات مهمة»، وقال إن حزب الله هو حزب سياسي في لبنان ومشارك في الحكومة، إلا أنه شدد على ضرورة أن يكون الحوار بين الحكومات، وقال: «الحوار مع حزب الله جيد ونحتاج إليه، ولكن الأهم أن نفهم أن الحكومات تتحدث إلى الحكومات، وأنا عندما أتحدث إلى البريطانيين أتحدث بصفتي نائباً في البرلمان». وقال إن التفريق بين الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله، هو قرار يعود إلى البريطانيين، وأضاف: «ليس لي أن أنصح البريطانيين ولكنهم هم من يتحدثون لنواب لبنانيين في البرلمان». وحرص الحريري على التأكيد أن لدى تيار المستقبل وحلفائه في 14 آذار، برنامجاً اقتصادياً نشيطاً، هدفه خلق فرص عمل في لبنان وتشجيع الاستثمارات استناداً إلى السوق الحرة، وانطلاقاً من أن القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للاقتصاد اللبناني. وربط الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان والمنطقة، بالاستقرار الاقتصادي. وبدا الحريري في حديثه عن برنامجه الانتخابي الاقتصادي، أنه يتبع نهج والده نفسه، بإيلاء أهمية كبيرة على إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات الأجنبية وإنماء الاقتصاد. وحتى إنه ذكّر بالأيام التي سبق وصول والده إلى السلطة في العام 1992، مقارنة بالإنماء الذي تبع في خلال سنوات حكم الحريري.

وتحدث الحريري أيضاً عن السلام العربي الإسرائيلي، وقال إن المبادرة العربية للسلام التي طرحت في اجتماع بيروت في العام 2002، هي الاقتراح الجدي الوحيد لوضع حد للصراع العربي الإسرائيلي. وقال إن السلام لا يتحقق بالتزام طرف واحد من الصراع به، بل الطرفين، مشيراً إلى أن البلدان العربية برهنت استعدادها في اجتماع بيروت، بينما إسرائيل لم تبرهن عن ذلك بعد. ووصف تعيين الإدارة الأميركية الجديدة لجورج ميتشل، مبعوثاً خاصاً للمنطقة، على أنه بداية جيدة، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية السابقة لم تبد اهتماماً بحل قضية الصراع العربي الإسرائيلي إلا في السنة الأخيرة لانتهاء ولايتها. واعتبر أنه من الخطير القول إن السلام بين سورية وإسرائيل وفلسطين وإسرائيل هو أمر فرضي ومستحيل، وقال: «من دون سلام مع إسرائيل لن تعيش المنطقة بسلام». وحث الحريري البلدان الأوروبية على التواصل أكثر مع البلدان العربية في قضية السلام مع إسرائيل، وعدم ترك الولايات المتحدة تتصرف لوحدها. وانتقد الحريري أيضاً البلدان العربية بسبب مواقفهم من المجازر التي ترتكبها إسرائيل، وأشار إلى أن تيار المستقبل كان الوحيد، بين الأحزاب والدول، الذي قدم دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة في جنيف بخصوص مجزرة قانا في العام 1996، وفاز بها.

وفي العام 1996، شنت إسرائيل غارة جوية على مركز لليونيفيل في منطقة قانا في الجنوب، لجأ إليه مدنيون هربوا من القصف على بلدتهم، فقتل 106 مدنيين بينهم الكثير من الأطفال. وقال الحريري: «أي بلد يرتكب مجازر، يجب أن يحاكم في المحاكم الدولية المختصة. نسمع عن ذلك كثيراً في العالم العربي... ولكن لم أر جماعة أو دولة فعلت ما فعله تيار المستقبل وقدمت دعوى ضد إسرائيل حول جرائمها كما فعل تيار المستقبل... الأمر ليس مجرد كلام بل أفعالا».