الوزير بارود: الفساد في لبنان ليس خفياً.. وفتح الملفات وإقفالها إرادة سياسية

«14 آذار» تشن هجوماً مضاداً على «8 آذار» في المؤتمر

TT

شكل مؤتمر «نحو استراتيجية وطنية في مكافحة الفساد» ـ الذي نظمته «الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية ـ لا فساد»، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بيروت، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ـ مناسبة للتجاذب بين قوى «14 آذار» و«8 آذار» التي جلس ممثلوها إلى طاولة واحدة ليشاركوا في موضوع سجالي بامتياز. وفي حين أجمع المؤتمرون على أن الفساد ينخر الإدارة اللبنانية والقطاع الخاص، وأنه بات يستدعي حلولا جذرية، كان واضحاً الهجوم المضاد الذي شنه النواب والوزراء في فريق الأكثرية على فريق «8 آذار» الذي «يستسهل» اتهام أخصامه السياسيين بـ«الفساد» من دون أدلة أو معطيات واضحة. ولعل مداخلة وزير الإعلام طارق متري أعطت الصورة الأوضح عن «فداحة الاستخدام السياسي لقضية وطنية». إذ قال إن «الانقسام السياسي الحاد أدى لدى فريق معين إلى اعتبار الخصوم فاسدين، عوضاً عن اعتبار الفاسدين خصوماً». وأضاف: «من يكون منحازاً إلى الصالح العام عليه أن يصنف الفاسدين خصومه وليس العكس». ودعا إلى «تعليق الأحكام المسبقة وعدم توجيه الاتهامات بالفساد إلى السياسيين بشكل شمولي». أما النائب في كتلة «المستقبل» نبيل دو فريج فقد عرض بالتاريخ والوقائع بعض حالات الابتزاز التي كان يقوم بها «الفريق الذي يدعي مكافحة الفساد لغايات خاصة».

في المقابل، كرر النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» غسان مخيبر، الذي يبدو أنه لم يكن يتوقع هذا «الهجوم المضاد»، عبارة «السياسيون السابقون والحاليون الفاسدون» ليتطرق بعد ذلك إلى آلية المكافحة انطلاقاً من معالجة الفساد السابق في عهد «الوصاية السورية» كما قال، ودعا إلى حماية الموظفين الذين يكشفون الفاسدين وبناء المؤسسات للوقاية من الفساد.

وكان المؤتمر قد افتتح بكلمة لوزير الداخلية زياد بارود، الذي مثل الرئيس سليمان، انتقد فيها «هيكلية نظام نخرته مصالح خاصة، شكلت، على تعدد انتماءاتها وتلويناتها المتباينة، حلقة فساد مترابطة ومتماسكة رغم تباينها». ثم شرح تقرير منظمة الشفافية الدولية للعام 2008 عن «مدركات الفساد»، فأعلن «تراجع تصنيف لبنان عن العام 2003 من المرتبة 78 إلى المرتبة 102 من أصل 180 دولة شملتها الاستطلاعات، علماً بأن الترتيب التسلسلي يذهب من الدول الأقل فساداً، كالدانمارك، مثلا، التي حلت في المرتبة الأولى، إلى الدول الأكثر فساداً كالصومال والعراق اللتين حلتا في المرتبة 180 و178». وقال: «اللافت في المؤشر العام الحالي أن لبنان قد حل بين الدول العربية في المرتبة 11، في حين احتلت قطر والإمارات العربية المتحدة المرتبتين الأولى والثانية، بين الدول العربية، والمرتبة 28 و35 في التصنيف العام. وحازت معها كل من عُمان والبحرين والأردن علامات تفوق 5/10». ولفت بارود إلى أن «مدركات الفساد اللبناني لا ترتبط في الضرورة وفي شكل حصري بأداء الإدارة، بمعنى القطاع الإداري العام، وإنما تشمل أيضاً، وعلى حد سواء، القطاع الخاص أيضاً في تداعيات تعامله مع القطاع العام أو شراكته في «عملية بناء الدولة». وقال: «أسهمت سنوات الحرب في إسقاط منظومة القيم إلى أدنى درجاتها، بحيث أصبحت السرقة شطارة. وأصبح سلم ارتقاء السياسي والاجتماعي مرتبطاً بالمال والنفوذ، مهما يكن مصدرهما، في غياب المساءلة الإدارية والسياسية والشعبية». واعتبر أن «الفساد في لبنان ليس خفياً ومستتراً، بل شفافاً بكل معنى الكلمة، حيث تكرست ثقافة الفساد والفاسدين في غياب المساءلة. أما فتح الملفات وإقفالها، فإرادة سياسية بامتياز في انتقائية تقوم على قاعدة الولاء كمعيار للتمييز. ناهيك عن الخشية من محاسبة قد ينظر إليها من قبل البعض كمحاسبة طائفية أو مذهبية أو مناطقية». وأشار إلى أن الدولة تهدر حوالي 1.5 مليار دولار سنوياً كنتيجة للفساد المعمم على كافة الأصعدة الحكومية، وذلك وفق تقرير صادر عن لجان الأمم المتحدة في العام 2001». ورأى بارود: «إن الفساد يسلب البلدان طاقاتها، وهو يسلب أيضاً الأمل في تطوير القدرات وفي بناء مستقبل يشبع تطلعات شرفائه، وهم والحق أكثرية. عسى أن تسهم هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية في الحد من فوضى الإنفاق الانتخابي على الرغم من الثغرات القانونية التي تحد من صلاحياتها، وعسى أن يبرز تصويت المجلس النيابي بالإجماع على خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، حالة متحررة ويطلق ثقافة جديدة تقاوم الفساد».