بغداد تنفي أن تكون مدرستها في الرباط طائفية.. ومسؤولة مغربية: الإغلاق قانوني وليس سياسياً

مديرة المدرسة: منهجنا هو المتبع بالمدارس العراقية > مدرسة مغربية: لا توجد أي دعوة للترويج للمذهب الشيعي

التيجانية فرتات، مديرة الأكاديمية التربوية الجهوية للرباط (تصوير: مصطفى حبيس) فاطمة البشري، أستاذة مادة التربية الإسلامية بالمدرسة العراقية المغلقة بالرباط («الشرق الأوسط»)
TT

في سياق تداعيات قرار إغلاق المدرسة العراقية التكميلية في الرباط بقرار من السلطات المغربية «لمخالفة مناهجها لمقتضيات النظام الأساسي للتعليم الخصوصي»، بعث خضير موسى الخزاعي، وزير التربية العراقي إلى نظيره المغربي، أحمد أخشيشين، رسالة يأسف فيها لذلك، مشيراً فيها إلى أن هذه المؤسسة «بعيدة كل البعد عن الطائفية».

ونوه الوزير العراقي بكفاءة مديرتها، وانتسابها للمذهب السني، وكذا كفاءة الكوادر التعليمية العاملة فيها، ولم يستبعد الوزير أن تكون هناك «معلومات كيدية وراء الحادث»، معبراً عن الأمل في تدخل الوزير المغربي «لحل هذه المشكلة، لأن امتحانات نهاية السنة على الأبواب». وفي بغداد أكد مصدر مسؤول في وزارة التربية العراقية أن المناهج التي تدرس في جميع المدارس العراقية بما فيها خارج العراق هي مناهج موحدة وليس لها أي علاقة بالنظام العراقي السابق أو طائفة دون أخرى. وأشار المصدر لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم ذكر اسمه، أن مديرة المدرسة العراقية في الرباط هي من الطائفة السنية وزوجها أيضاً، وأن المشكلة قد حصلت مع أحد أولياء الأمور الذي ادعى أن مديرة المدرسة تعطي الطلبة مناهج شيعية وأنها تحرض على الطائفية وأن هذا الموضوع لا أساس له من الصحة، والمشكلة حدثت بعد أن حصلت مشكلة مع الطالب وولي أمره.

وفي الرباط قالت رحاب محسن حاضي، مديرة المدرسة العراقية المغلقة، إنها كانت خلال أدائها لمسؤوليتها ملزمة بتطبيق مذكرات وزارية صادرة عن وزارة التربية العراقية، والأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، تنص على «تجنب إثارة الاحتقان الطائفي، وكل أشكال التطرف السياسي والطائفي والعرقي»، وقامت بإطلاع «الشرق الأوسط» على نسخ منها.

وأشارت حاضي إلى تفتيش المدرسة العراقية من لدن مفتشي وزارة التربية المغربية أخيراً، في أول سابقة من نوعها، استمر يومين، وأن أعضاء لجنة التفتيش عاينوا المناهج، واستفسروا المدرسين، ولم يستمعوا إلى الطلبة مطلقاً، وكان تعاملهم إيجابياً، وأثنوا على نظافة المدرسة، وطرق التدريس بها، ولم يوجهوا لها أية ملاحظة، على حد قولها.

بيد أن حاضي طلبت نسخة من تقرير لجنة التفتيش، لإرسالها إلى وزارة التربية في بغداد، ولم يتم تمكينها من ذلك، رغم الوعد الذي تلقته في هذا الصدد، مؤكدة أن المنهج الدراسي هو نفسه المتبع في المدارس العراقية بالداخل والخارج، وأن التغيير الذي حصل طال أفكار وأدبيات حزب البعث، وصور الرئيس المخلوع، صدام حسين، بعد سقوط نظامه.

ونفت فاطمة البشري (مغربية)، وهي أستاذة لمادة التربية الإسلامية واللغة العربية بالمدرسة، أن تكون هناك أية دعوة للترويج للمذهب الشيعي، وقالت «إن مادة التربية الإسلامية، في المدرسة العراقية، بريئة تماماً من هذه الشبهة، وليس هناك أي فرق، من حيث المضمون، بينها وبين ما يدرس في المدارس المغربية، إذ تشتمل على الأحاديث الشريفة، ومواضيع حول الخلفاء الراشدين، وغير ذلك من مكونات مادة التربية الإسلامية».

ولاحظت البشري أنها تدرس مادة التربية الإسلامية في المدرسة العراقية، هي وأستاذان عراقيان، منذ أكثر من 14 سنة، مشيرة إلى أنه لم يسبق أبداً أن طرح أي إشكال، أو اشتكى أي أب حول مناهج التدريس، مبرزة أن كل الكتب والمراجع تم استيرادها من العراق، «ونحن ملزمون بتطبيق البرنامج الدراسي، كما هو، دون زيادة أو نقصان، تنفيذاً للمذكرات الوزارية العراقية التي تمنع علينا الخروج عن المنهج، أو إثارة الأفكار الطائفية أو ما شابهها».

ومن جهتها، أكدت التيجانية فرتات، مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة (منطقة) الرباط ـ سلا، أن قرار إغلاق المدرسة العراقية التكميلية بالعاصمة المغربية، لم تحكمه أية خلفية سياسية أو مذهبية، مشيرة إلى «أن والد التلاميذ الثلاثة، صاحب الشكوى، هو من أثار أمر التشيع، وبناء عليه تحركت السلطات المغربية التي لا يمكن لها، والحالة هذه أن تبقى مكتوفة الأيدي، حتى لا تأخذ المسألة تداعيات أبعد»، حسب تعبيرها.

وأضافت فرتات، وهي أستاذة سابقة لمادة الفلسفة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنها لا تتهم المدرسة العراقية بالتشيع، أو عدم التشيع، مؤكدة «أن التشيع لم يتخذ أبداً كعنصر من العناصر المسببة للإغلاق، وأنا شخصياً ليس لي هذا المعطى، ولم أبحث عنه، وإن ما يهمني الآن أساساً هو ضمان مستقبل 480 تلميذاً».

وأوضحت فرتات أنه اتضح بعد التفتيش أن المدرسة العراقية ليس لها وجود قانوني، وأنها كانت تمارس عملها بدون ترخيص من الأكاديمية، ولا تخضع للنظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي، وفق القانون المعمول به في المغرب، كما أن عملها لا يدخل في إطار الاتفاقيات التي تبرمها الحكومة المغربية في هذا الخصوص مع بقية البعثات العربية والأجنبية، التي تنشط في المجال التعليمي.

ورداً على سؤال حول وجود نص قانوني منشور في الجريدة الرسمية، يذكر بصريح العبارة اسم المدرسة العراقية التكميلية، فيما يشبه اعتراف الدولة بها، أوضحت فرتات أن ذلك الموضوع يتعلق فقط بمعادلة شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) الصادرة عنها، ملمحة إلى أنه لم يكن هناك بديل عن قرار الإغلاق. وأشارت فرتات إلى أن حصيلة تلاميذ المدرسة العراقية المغلقة الذين تم تسجيلهم في المدارس المغربية بالرباط، بلغ إلى حدود أول من أمس 81.35 في المائة من مجموع تلاميذ المدرسة، وأن نسبة غير المسجلين منهم هو 18.65 في المائة.

وأكدت فرتات أن الأكاديمية التربوية الجهوية قامت باتخاذ جميع التدابير لتسهيل مهمة تلاميذ المدرسة العراقية، مغاربة وعرب، من أجل توفير الظروف الملائمة لهم، حفاظاً على مستواهم الدراسي، إذ سيدرسون في أقسام خاصة بهم، نفس الكتب والمراجع والمنهج الدراسي، ويتلقون نفس الدروس التي كانوا يتلقونها في المدرسة العراقية المغلقة، حتى امتحان آخر العام الدراسي، ليمتحنوا فيما درسوه طيلة السنة الجارية، وسيمنحون تبعاً لذلك شهادة نهاية الدروس الابتدائية، وسيستفيدون من معادلة شهادة البكالوريا، مثلما كان الحال في السابق.

وقالت فرتات إنها اجتمعت أول من أمس، لمدة خمس ساعات، مع أولياء أمور التلاميذ، وطمأنتهم بأن الأكاديمية سوف تعمل كل ما في وسعها مستقبلا من أجل إدماج التلاميذ بكيفية تدريجية في النظام التربوي المغربي. إلى ذلك كشفت مصادر مطلعة بالمدرسة العراقية التكميلية في الرباط، المغلقة بقرار من السلطات المغربية «لمخالفة مناهجها لمقتضيات النظام الأساسي للتعليم الخصوصي»، أن ابنة عضو سابق في الحكومة المغربية، نالت العام الماضي شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) منها، دون أن تحدد هويته.