مصادر تونسية: الحكم الإيطالي في كارثة سقوط طائرة 2005 قاس ومجاف للحقيقة

المحكمة سجنت الطيار لأنه أصابه الهلع وأخذ يتلو أدعية بدلا من العمل على إنقاذ الركاب

TT

قالت مصادر مطلعة من الخطوط الجوية التونسية في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط» إن الحكم الذي أصدرته محكمة إيطالية على طيار تونسي بتهمة الإهمال بعد أن سقطت طائرته عام 2005 والقاضي بسجنه لمدة 10 سنوات وسجن مساعده نفس المدة، كان قاسيا ومجانبا للحقيقة، فالطيار التونسي حسب نفس المصادر طلب النجدة، وللشركة تسجيلات صوتية في الغرض وهو ما سيجعلها تستأنف الحكم الصادر ضد موظفي الشركة وطياريها. وأضافت أنها مستاءة تمام الاستياء من هذا الحكم الذي لم يأخذ الوقائع المسجلة قبل الحادث، والذي لا يراعي طبيعة المخاطر التي يعاني منها الطيارون أنفسهم والسعي إلى الحد من المخاطر بعد أن أظهرت التحقيقات أن مسؤولية الحادث ترجع، كذلك، إلى خلل في عداد الوقود. جاء هذا الموقف بعد أن قضت محكمة ايطالية بالسجن عشر سنوات على طيار تونسي اتهم بأنه أصيب بالهلع حسب قرار الاتهام الايطالي فأخذ يردد الأدعية ـ حسب قولها ـ بدلا من اتخاذ إجراءات الطوارئ وطلب النجدة، قبل أن يسقط بالطائرة في البحر قبالة جزيرة صقلية مخلفا وفاة 16 شخصا وجرح 23 آخرين.. ووقع الحادث سنة 2005. وقد أصدرت المحكمة الايطالية كذلك أحكاما بالسجن تراوحت بين ثماني وتسع سنوات على خمسة موظفين آخرين يعملون في شركة (تونانتير) التابعة لشركة الخطوط الجوية التونسية الحكومية.. وكانت محكمة باليرمو في جزيرة صقلية قضت أول من أمس بالسجن على الطيار التونسي شفيق الغربي لمدة عشر سنوات بتهمة الإهمال مسببا سقوط طائرته عام 2005 ومقتل 16 من ركابها فوق المياه الإقليمية الايطالية، فيما كان الاعتقاد سابقا أنه بطل شجاع أنقذ حياة 23 شخصا من الناجين من الحادث حين سقطت الطائرة في البحر واضطر الناجون للسباحة لينقذوا حياتهم إلى حين وصول فرق الإنقاذ الايطالية. وحكمت المحكمة بالسجن أيضا على مساعد الطيار علي كباير والطاقم الفني للطائرة المستأجرة لشركة تون انتر التونسية وعلى مديرها منصف الزواري وطالبتها بالتعويض المنصف لعائلات الضحايا.

وحين سقطت الطائرة قبل أربع سنوات قيل إن السلطات الايطالية أنفقت مليونا ونصف المليون يورو (حوالي 2 مليون دولار) للبحث عن الصندوق الأسود للطائرة التي كان من ضحاياها 14 ايطاليا واثنان من التابعية التونسية، وقد عثر عليها على عمق 1.5 كيلومتر في أعماق البحر ووعد رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني بالتحقيق في الحادث آنذاك كما اتهم المدعي العام في مدينة باري الجنوبية عددا من المسؤولين عن تموين الطائرة بالوقود، ويذكر أن الطائرة توجهت من مدينة باري في طريقها إلى جزيرة جربا التونسية بعد التزود بالوقود الذي ظهر أنه لم يكن كافيا لإكمال الرحلة، وبدل الهبوط الاضطراري في باليرمو قرر الطيار متابعة الرحلة. وجاء اتهامه في التحقيق بأنه حسب تسجيلات قمرة القيادة التي قدمت كأدلة في المحكمة انتابه الهلع، كان يصلي أو يتضرع إلى ربه لإنقاذه بدل العمل على إنقاذ الركاب والهبوط في البحر قرب باليرمو، بعد أن توقفت المحركات وفقد سيطرته على الطائرة. وكان 7 من المتهمين في هذه القضية غير حاضرين. وقالت محامية الطيار في دفاعها انه في مواجهة الخطر كان يدعو ربه مثلما نفعل جميعا، وان موكلها مقتنع بأنه فعل كل ما هو ممكن لإنقاذ اكبر عدد من الأرواح. وقد قبل القاضي وجهة نظر الادعاء بانه كان يمكن ان يطير بالطائرة مثل الطيران الشراعي الى باليرمو، وبدلا من ذلك هبط بها في البحر مما أدى الى مقتل تونسيين و14 ايطاليا. وكان السبب الرئيسي في الحادث ان الفريق الفني وضع قطعة خطأ في خزان الوقود جعلت الطائرة تبدو وكأن بها وقودا كافيا في حين ان الواقع غير ذلك. وأعرب بعض أقارب ضحايا الحادث الايطاليين عن ارتياحهم لقرار المحكمة وقال أحدهم إنه يريد تقبيل وجنتي القاضي لتهنئته على الحكم العادل. أما محامية المتهم فقالت إن الطيار كان يطلب عون الله مثلما يفعل كافة الناس حين يقعون في مشكل. ومن المتوقع أن تطلب استئناف الحكم..