رويترز غير مقتنعة بمبررات عدم تجديد المغرب اعتماد مصور إسباني متعاون معها

الرباط تعزو ذلك إلى تصرفه كخصم سياسي.. وتنفي تلقيها احتجاجاً من سفارة إسبانيا

TT

لم تقتنع وكالة «رويترز» الصحافية البريطانية، بالمبررات التي اعتمدت عليها السلطات المغربية التي اتخذت بناء عليها قرار عدم تجديد البطاقة الصحافية الممنوحة من قبل وزارة الاتصال (الإعلام) إلى المصور الإسباني رفائيل مارشانتي، الذي يعمل لصالح الوكالة بالمغرب.

وقال بيان للوكالة، صدر أول من أمس من مقرها في لندن، إنها راجعت بشكل مفصل مجمل الأعمال الذي وافاها بها مصورها المعتمد بالمغرب منذ عام 2006، وانتهت إلى أنه «نزيه» في عمله الصحافي.

وناشدت الوكالة السلطات المغربية العدول عن القرار المتخذ في حق المصور، معربة عن الأمل في أن يتمكن هذا الأخير من استئناف عمله في أقرب وقت ممكن.

وكانت وزارة الإعلام المغربية، أخبرت المعني بالأمر، نهاية الأسبوع الماضي، بواسطة رسالة بالفاكس أنها لن تجدد بطاقته الصحافية، كون سلوكه المهني يتنافى مع القوانين الجاري العمل بها. ولم توضح الرسالة طبيعة المخالفات التي ارتكبها مصور «رويترز» واستوجبت عدم التجديد له.

وبينما رحبت الوزارة المغربية، في الرسالة ذاتها، بأي مصور أو مصورين آخرين تعتمدهم الوكالة وحرصها على ممارسة نشاطها الصحافي بالمغرب، صعد مارشانتي الموقف ونقل الملف إلى الصحافة وخاصة الإسبانية التي وجدتها مناسبة لتوجيه انتقادات شديدة إلى القرار المغربي، بل إن المصور زعم أنه كان محل مضايقات من السلطات المغربية منذ بداية اشتغاله بالمغرب، وذكر أنه تعرض للضرب أكثر من مرة على أيدي عناصر الأمن، كما ادعى أنه تم العبث بآلة التصوير التي كان يلتقط بها صوراً أمام البرلمان المغربي لتظاهرات خريجي الجامعات العاطلين عن العمل، وقيمتها 6000 يورو، حسب روايته.

وطبقاً لمصادر مستقلة فإن مصور «رويترز»، وهو من مواليد مدينة قادس الإسبانية عام 1972، ونال جائزة تصوير، اعتاد إثارة قوات الأمن التي تراقب اعتصامات المطالبين بالعمل، حيث يقحم نفسه بينهم، فيتخذه المتظاهرون درعاً بشرياً، مما يشجعهم على تصعيد أساليب الاحتجاج وإحراج قوات الأمن التي تكون مضطرة للتصرف بصرامة حيال أي خروج عن حدود التظاهر السلمي. وربما يؤاخذ المصور على إرسال صور تظهر المغرب بصورة سيئة من خلال رصده لبعض العادات الاجتماعية المتخلفة وكأن السلطات تشجعها.

ومن جهته، ينفي المصور أي نزوع مقصود نحو استفزاز السلطات المغربية أو الإخلال بقوانين المهنة، قائلا إنه لا يصور المواضيع الخلافية فقط ولكنه يهتم بكل ما يعتبره مثيراً ومفيداً للوكالة التي يعمل في خدمتها في مجالات السياسة والاقتصاد. وفي هذا الصدد، يقول إنه أنجز ريبورتاجاً مصوراً عن النساء الملاكمات في المغرب.

إلى ذلك، يبدو أن السفارة الإسبانية آثرت أن تبقى على الحياد في الأول، بخصوص هذه الواقعة، على اعتبار أن المغرب حر في اتخاذ أي قرار. وفي هذا السياق، صرح المصور لبعض وسائل الإعلام الإسبانية بأنه اتصل أكثر من مرة بسفارة بلاده في الرباط طالباً منها أن تحتج على الإجراء المتخذة بشأنه، لكن السفارة لم تفعل شيئاً، حسب روايته في الأيام الأولى، مستدركاً أنها أخبرته أخيراً أنها استفسرت السلطات المغربية عن أسباب القرار.

ويسعى المصور، بناء على ما روته صحف إسبانية، إلى رفع خلافه مع المغرب إلى مستوى الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، بينما ينحصر الخلاف بينه وبين السلطات المغربية في مفهوم وحدود حرية مهنة الصحافة.

وفي سياق ذلك، نفى مصدر مسؤول في وزارة الاتصال (الإعلام) المغربية ما تردد من أنباء حول قيام السفارة الإسبانية في الرباط بإرسال رسالة احتجاج إلى الوزارة تطلب فيها مراجعة القرار القاضي بعدم تجديد اعتماد المصور الصحافي الإسباني.

وعبر المصدر ذاته في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن استغرابه نشر مثل هذه الأخبار التي لا تستند على أي أساس، مؤكداً أن السفارة الإسبانية في الرباط لم تقدم على اتخاذ أي موقف رسمي في هذا الشأن، مؤكداً أن الوزارة لا علم لها حتى الساعة بأي موقف رسمي قد تكون السفارة الإسبانية قد اتخذته بهذا الشأن.

ونفى المسؤول ذاته أن يكون عدم تجديد بطاقة اعتماد الصحافي المذكور، يكتسي أية صبغة سياسية، أو أنه يتجه إلى هذا الصحافي بحكم جنسيته.

إلى ذلك، قال بيان صدر أمس عن وزارة الاتصال المغربية، إن الوزارة قررت عدم تجديد اعتماد، رفاييل مارشانتي، كمصور لمكتب وكالة «رويترز» بالرباط، بسبب تصرفه كخصم سياسي، وعمله لحساب عدة مؤسسات صحافية من دون إخبار الوزارة بذلك.

وأوضح البيان أن الوزارة وجهت مراسلة بهذا الشأن إلى مقر وكالة «رويترز» في لندن ونسخة منها لمكتبها في الرباط، وأن الوزارة «لم تطالب أبداً بطرد السيد مارشانتي»، خلافاً للمعلومات المغلوطة التي يتم ترويجها على نحو خاطئ. وعزت الوزارة قرارها لـ«عدم احترام السيد مارشانتي للقواعد المهنية، إذ إن الصحافي المعتمد يستقبل في المغرب لمزاولة مهمته المهنية بكل حرية، وليس للتصرف كخصم سياسي تحت مظلة الامتياز الصحافي».

وأضاف البيان أن «هذه القاعدة يجري بها العمل في كل البلدان الديمقراطية، ولا يمكن للمغرب الذي يوفر فضاءات واسعة للمراسلين الأجانب لمزاولة مهامهم بكل حرية، طبقاً للمعايير الديمقراطية الدولية، أن يقبل هذا الخلط».

وتابع البيان أن «قرار الوزارة هو قرار سيادي، يرتكز على ضرورة احترام القوانين الجاري العمل بها في المغرب وعلى القواعد والأخلاقيات المهنية»، موضحاً أنه «باعتراف وكالة (رويترز) نفسها، فإن مارشانتي لا يعمل حصرياً لحساب الوكالة المذكورة، وإنما لحساب مؤسسات صحافية أخرى».

وجددت وزارة الاتصال استعدادها لاعتماد ترشيح جديد تقترحه وكالة «رويترز» للعمل بالمملكة المغربية، وذلك طبقاً للمقتضيات القانونية والتنظيمية التي يتم وفقها اعتماد أكثر من مائة صحافي أجنبي بالمغرب، يمارسون مهامهم بكل حرية.