عون يشكو من ظلم الحلفاء ومنافسة المستقلين.. والأكثرية تعاني من زحمة المرشحين

تشكيل اللوائح الانتخابية في لبنان وضع على نار حامية

TT

مع بدء تسجيل أسماء المرشحين بصورة رسمية في وزارة الداخلية بدأ وضع تشكيل اللوائح الانتخابية على نار حامية، سواء في اللقاءات الجماعية داخل كل فريق، أو في اللقاءات الثنائية داخل هذا الفريق أو ذاك، سواء في اللقاءات العلنية أو في اللقاءات البعيدة عن فضول الصحافيين وعدسات المصورين، من دون أن يتوقف أو يتغيب ناقلو الرسائل بين هذا الزعيم أو ذاك، أو بين هذا الحزب أو ذاك، باعتبار أن مرحلة جوجلة الأسماء ـ وهي المرحلة التي تسبق ولادة اللوائح الانتخابية ـ تحتاج إلى جهود غالبا ما تكون معقدة ومضنية داخل كل فريق، ولا عجب في أن يسوق كل فريق متاعب خصمه في عملية الجوجلة هذه على أنها تفسخ وانقسام، وإن كانت هذه المتاعب تبدو عند فريق معقدة أكثر مما هي عند الفريق الآخر.

وفي قراءة لما آلت إليه المشاورات والمفاوضات والاتصالات في شأن إنجاز اللوائح الانتخابية يتبين أن هناك مجموعة من العقد التي تعيق تشكيلها.

وقد يكون رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون هو الأكثر حراجة في تشكيل لوائحه، باعتبار أن المعارك الانتخابية ستتركز في معظمها في المناطق التي أقفلها في الانتخابات السابقة، وتحديدا في الدوائر الانتخابية المسيحية أو ذات الثقل المسيحي، من دون أن يستطيع إخفاء حراجته حيال الدوائر المختلطة مسيحيا وشيعيا، أو الدوائر المسيحية التي كان الثنائي الشيعي ينفرد باختيار المرشحين فيها مثل دائرتي جزين والزهراني.

ولو انطلقنا من جنوب الجنوب لوجدنا أن نائب رئيس الوزراء الحالي اللواء عصام أبو جمرا، القيادي في «التيار الوطني الحر» الذي يترأسه العماد عون، كان يبتغي الترشح في دائرة «مرجعيون ـ حاصبيا» التي يعتبر من أبنائها. لكن هذا الترشح لم يلقَ التجاوب من حلفاء الجنرال، وخصوصا رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أصر على تكريس المقعد الأرثوذكسي في هذه الدائرة لرئيس الحزب السوري القومي النائب الحالي أسعد حردان. ويبدو أن عون رضخ للإصرار «الأملي» (نسبة إلى حركة «أمل»)، بدليل نقل ترشيح أبو جمرا من منطقته الأصلية إلى الدائرة الأولى في بيروت.

ويبدو صراع الحلفاء المعارضين أكثر بروزا في دائرة جزين التي تضم مقعدين مارونيين وثالثا كاثوليكيا، والتي يحاول عون «استردادها» من «الهيمنة الشيعية»، وهو ما عبر عنه بعد عودته من مؤتمر الدوحة وخلال زيارته للمنطقة، مما أثار يومها امتعاض بري الذي يصر على ترشيح النائب الحالي سمير عازار. ويحاول الآن أن يضع كل الترشيحات الشيعية في الدوائر الأخرى على طاولة المقايضات، فإذا تخلى عن حصته أو بعض حصته في جزين فلا بد من أن يعطى مقابل ذلك حق تسمية مرشح شيعي في دائرة بعبدا إلى جانب نائب «حزب الله» الحالي علي عمار. وقد يربط بري أيضا بين تنازله عن المقعد الكاثوليكي الوحيد في دائرة الزهراني وإعطائه حق تسمية المرشح الشيعي الوحيد في دائرة جبيل.

وفي ما خلا العقد العونية في الجنوب وعدم التوصل إلى ائتلاف حتى الآن في مدينة صيدا بين الوزيرة بهية الحريري والنائب أسامة سعد، فإن النتائج تكاد تكون محسومة للثنائي الشيعي في مختلف دوائر الجنوب، بالرغم من محاولات تشكيل لوائح أو شبه لوائح، أو ترشح منفردين، وبالرغم من «حرد» وزير الشباب والرياضة طلال أرسلان على حليفه الرئيس بري لعدم الوقوف على خاطره في ما خص المقعد الدرزي في دائرة «مرجعيون ـ حاصبيا» الذي يشغله حاليا النائب أنور الخليل، الذي يحظى برضا النائب وليد جنبلاط. تبقى دائرتا الكورة والبترون، ففي الأولى يواجه التيار الوطني الحر عقدة كثرة المرشحين من التيار في حين أن المطلوب على لائحة المعارضة عوني واحد. وقد تكون المواجهة الأقوى في الشمال بين لائحة النائب بطرس حرب ولائحة الوزير جبران باسيل اللتين لم تكتملا بعد، ويجد الفريقان صعوبة في الاختيار بين مجموعة طامحين.

هذا في ما خص العقد التي يواجهها أحد أركان التحالف المعارض، أما العقد في صفوف «14 آذار» فهي تكاد تكون محلولة في العديد من الدوائر، وأما الدوائر الأخرى فتشهد زحمة مرشحين تقابلها زحمة اتصالات من أجل فكفكة العقد. وكان أمين سر «14 آذار» فارس سعيد قد أعلن أخيرا أن رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع سيطلق مبادرة قريبا على صعيد الإسراع في تشكيل اللوائح، خصوصا أن صانعي القرار في «14 آذار» آثروا الاعتماد على الوسطيين أو الاستقلاليين بدلا من الحزبيين في لوائح الأكثرية المواجهة للوائح العماد عون، ولا سيما في كسروان والمتن الشمالي وبعبدا، مما أثار حفيظة الأحزاب المسيحية المنخرطة في «14 آذار».

وتجري محاولات للتوفيق بين الوسطيين والموالين في لوائح مشتركة، باعتبار أن «الأكثرية الصامتة» في الأوساط المسيحية هي الناخب الأكبر في الانتخابات المقبلة، بحسب صانعي القرار في «14 آذار»، ولا سيما في دوائر بعبدا والمتن الشمالي وكسروان وجبيل وزحلة.